أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على خطوة في غاية الخطورة بإخلاء مناطق شرق مدينة رفح الفلسطينية، استعدادا للقيام بعملية عسكرية في هذه المنطقة ضد الفصائل الفلسطينية، وهو ما سيكون له أبعاد كارثية للأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، فضلا عن تأثيرات هذا التحرك على أمن واستقرار المنطقة التي تشهد استقطاب عسكري منذ عدة أشهر.
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، أن دعوته سكان مناطق في شرق مدينة رفح الفلسطينية بجنوب قطاع غزة لإخلائها، هي عملية "محدودة النطاق" ومؤقتة.
وقال متحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيل خلال إيجاز صحفي عبر الإنترنت: "هذا الصباح... بدأنا عملية محدودة النطاق لإجلاء مدنيين بشكل مؤقت من الجزء الشرقي من رفح"، مضيفا: "هذه عملية محدودة النطاق"، مشيرا إلى أن تل أبيب ستجري تقييمات عملياتية مع تحركاتها في شرق رفح الفلسطينية، لافتاً إلى تقديرات بأن عملية الإجلاء من تلك المناطق تشمل نحو 100 ألف شخص.
وأكد مصدر مصري رفيع المستوى أن الوفد الأمني المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد الحالي بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والفصائل، مشيرا إلى أن استهداف حماس لمعبر كرم أبو سالم وإسرائيل تسبب في تعثر مفاوضات الهدنة، مشيرا إلى أن معبر رفح يعمل بشكل طبيعي واستمرار حركة دخول الأفراد والمساعدات الإنسانية للنازحين في غزة.
ووصل قطاع غزة 155 شاحنة تحمل مساعدات، تم مرورها عبر معبري رفح البري وكرم أبو سالم، محملة بمواد إغاثة ومساعدات، وتواصل استقبال جرحي ومسافرين للجانب المصري قادمين من غزة عبر معبر رفح البري.
وأفادت بيانات معبر رفح، بأنه تم خلال الساعات القليلة الماضية وصول " 28" شاحنة لقطاع غزة عن طريق معبر رفح، ووصل عن طريق معبر كرم أبو سالم "127" شاحنة .
وتم استقبال دفعة جديدة من الجرحي والمصابين ونقلهم للمستشفيات المصرية، وعددهم 52 يرافقهم 145 مرافق، وعبور أعداد من مسافرين فلسطينيين ومصريين، وجنسيات عربية وأجنبية قادمين من قطاع غزة.
بدوره، أكد أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أن منطقة مواصي خانيونس التي طالب الاحتلال النازحين باللجوء إليها محصورة على الشريط الساحلي غرب خانيونس وهي منطقة زراعية وصغيرة جدا، ولا تستوعب أعداد النازحين المتواجدين بها حاليا حيث تشهد اكتظاظ كبير جدا وتفتقد للخدمات الأساسية وتنتشر فيها كثير من الخيام سواء على الشاطئ أو بالأراضي الزراعية، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول الترويج بأنها منطقة آمنة وهذا غير صحيح حيث يتم استهدافها وقصفها من المحتل.
وأكد "الشوا" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من غزة أن الاحتلال الاسرائيلي يسعى لتعميق الأزمة الإنسانية في القطاع خاصة في منطقة مواصي خانيونس التي لا تتوافر بها مقومات الحياة البسيطة من ماء وصرف صحي وخدمات إيواء وهو ما سيفاقم أوضاع النازحين، محذرا من انعكاسات ذلك على الخدمات الطبية والصحية حيث لا تتوافر عيادات أو مستشفيات في مواصي خانيونس.
ولفت إلى أن حوالي 200 ألف فلسطيني في شرق رفح الفلسطينية سينتقلون إلى مواصي خانيونس وهم بحاجة لخيم وسيفترشون الرمال، مما سيؤدي لكارثة إنسانية حيث لم يتم وضع خطة للتعامل مع هذا الوضع الخطير، وتقوم المنظمات الأهلية الفلسطينية بدورها وواجبها باتجاه الاستجابة قدر المستطاع للتعامل مع التداعيات.
وأكد أن الإمكانيات غير كافة في ظل حاجة النازحين الفلسطينيين لمساعدات بشكل كبير وعاجل يوميا، موضحا أن 2 مليون فلسطيني في غزة يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات التي تدخل من المعابر، مضيفا: المنظمات الاهلية توزع بعض المساعدات التي يحتاجها النازحين الفلسطينيين بشكل عاجل بجانب الأونروا التي تعد العمود الفقري التي تقدم المساعدات في مراكز الإيواء التي تعاني من اكتظاظ كبير.
أكد أمجد الشوا أنه لا توجد أي منطقة آمنة في غزة بما فيها منطقة المواصي أو دير البلح سواء على صعيد الأوضاع الإنسانية مع استمرار الاستهداف الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه "مواصي خانيونس" عبارة عن قرية صغيرة مستحيل أن تستوعب هذه الاعداد مع عدم توافر الخدمات الإنسانية، مطالبا بالتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات المطلوبة بما في ذلك خدمات الإيواء المطلوبة.
ويكثف المفاوض المصري جهده منذ بداية الأزمة في غزة وسط تعنت الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، وتسبب قصف حركة حماس لكرم أبو سالم في وضع رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزراءه المتطرفين لمبررات لإفشال الصفقة والتحرك نحو اجتياح رفح الفلسطينية وهو ما حدث فعليا.
وكان الوسيط المصري على بعد خطوات من التوصل إلى اتفاق هدنة إلا أن إطلاق الفصائل الفلسطينية لصواريخ باتجاه كرم أبو سالم أدى لتعثر جهود التهدئة وإفشالها بعد حالة التفاؤل التي سادت الشارع الفلسطيني بإمكانية التوصل لاتفاق.
من جانبه، أكد الدكتور محمد دياب الباحث والمحلل الفلسطيني أن إعلان جيش الاحتلال الاسرائيلي إخلاء مناطق شرقي مدينة رفح الفلسطيني، وتلويحه بالبدء في عملية عسكرية برية يأتي في سياقين، الأول سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستخدام ضغط عسكري متقدم كأحد أدوات الضغط السياسي في مفاوضات صفقة التبادل، ادراكا منه لأهمية رفح بالنسبة لحماس كمعقل أخير للحركة في القطاع، والسياق الثاني رسالة تهدئة مطمئنة لليمن في إسرائيل ولأعضاء الحكومة بأنه ماض في حربه على حماس وأنه سيدخل إلى رفح كما وعدهم.
وأشار المحلل الفلسطيني في تصريحات لـ"اليوم السابع" من غزة إلى أن إطلاق الصواريخ من رفح الفلسطينية باتجاه كرم أبو سالم شكلت فرصة لنتنياهو لتبرير استخدام ورقة رفح لصالحه سواء فيما يتعلق بتأمين جبهة اليمين، وممارسة مزيد من الضغط في المفاوضات، وعملياتيا سيبرر الاحتلال الاسرائيلي هذه العملية بأنها محاولة لتأمين تمركزات الجيش الإسرائيلي شرق رفح الفلسطيني من أي هجمات صاروخية.
ولفت إلى أن منطقة مواصي خانيونس غير مؤهلة لاستيعاب اعداد كبيرة من النازحين لا من حيث المساحة ولا تتوفر فيها أي بنية خدمية من شبكات مياه أو مخيمات مجهزة بخدمات الصرف الصحي ومتطلبات الإيواء والخدمات الصحية، مؤكدا أن النازحين سيواجهون ظروف صعبة خاصة ونحن مقبلون على فصل الصيف وشح المياه وانتشار الأمراض.