أكد خبراء نشر وكتاب أهمية العمل على استحداث تخصصات جامعية في النشر وصناعة الكتاب، وذلك للعمل على الارتقاء بهذه الصناعة الواسعة والقائمة في حد ذاتها، من خلال دمجها في الجانب الأكاديمي، الأمر الذي يسهم على حد تعبيرهم بخلق بيئة صالحة للمهتمين بالدخول إلى القطاع بشكل مدروس وممنهج وليس فقط كمهنة.
وأجمعوا على أن مزايا إنشاء تخصصات جامعية لصناعة الكتاب، يمكن أن تشمل، رفع مستوى الكتب والأعمال الأدبية من خلال توفير التدريب المهني والأكاديمي للكتاب، وتطوير الصناعة عبر تعزيز التنوع والابتكار، وأيضًا دعم الاقتصاد الثقافي وخلق فرص عمل جديدة في هذا القطاع، مشيرين إلى أن هذه الصناعة تشكل جزءًا هامًا من التراث الثقافي والحضاري للمجتمعات، وهو ما لا يتناسب مع ما تفتقر إليه من تخصصات جامعية مخصصة للطلاب الراغبين في تطوير مهاراتهم فيه.
وقال المحاضر والمهندس خالد البلبيسي، الخبير في قطاع النشر: "صناعة النشر اليوم تتشعب إلى العديد من الأنشطة والمجالات، وتعتبر سلسلة متكاملة من الخطوات والمهام قبل الوصول إلى النشر النهائي، لذا فنحن نتحدث عن مجال واسع وربما هذا جزء من صعوبة وجوده كتخصص جامعي قائم بذاته، لكن مع ذلك فنحن نحتاج إلى بداية، وقد تكون هذه البداية مجرد تجربة يستفاد فيها من الجامعات التي أنشأت مثل هكذا تخصصات وإسقاط هذه التجربة على بيئتنا وتطبيقها بشكل مرحلي حتى لو تطلّب الأمر لسنوات طويلة لنجاحها واعتمادها رسمياً".
خالد البلبيسي
وأضاف: النشر وصناعة الكتاب اليوم شأنه شأن أي قطاع اقتصادي من حيث الحاجة إلى التركيز على الجوانب القانونية والمالية والإدارية والفنية والمهنية وغيرها، وفي حال كان هناك زمام مبادرة في هذا الاتجاه فأعتقد أن الأمور ستساعد في تقليل الفجوة وتطوير صناعة النشر في عالمنا العربي".
وفى نفس السياق قال محمد شاكر عضو مجلس إدارة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال، أنا من المطالبين والداعين دوماً إلى طرح تخصص صناعة الكتاب والنشر في جامعاتنا العربية، ولطالما تحدثت عن ذلك والتركيز على تطوير الجانب الأكاديمي لهذا القطاع، وهنا أشير على سبيل إلى أدب الطفل، في معظم جامعاتنا العربية يتم تناول هذا المجال كفرع فقط ضمن تخصص التربية، علمًا بأن أدب الطفل تخصص شامل والبعض يضطر للسفر خارجاً للحصول على شهادة جامعية متخصصة فيه، فكيف ونحن نتحدث عن قطاع أشمل من مجرد أدب الطفل وهو النشر وصناعة الكتاب ككل الذي يعد قطاعًا عالميًا متناميًا.
محمد شاكر
وأضاف، عملية النشر يجب أن تكون على مستوى أكاديمي وليس تنظيري فحسب، ونحن نمتلك جامعات مميزة في بلداننا، وبنية تحتية مجهزة وفقاً لأعلى المعايير، فما الذي يمنع من أن نجعل هذا القطاع تخصصاً قائما بحد ذاته؟ ومن هنا أدعو مجالس اتحادات الجامعات العربية للتعاون في هذا الإطار ودراسة الأمر من كافة جوانبه في طريق اعتماده تخصصاً جامعياً قائماً".
من جانبها، تحدثت الكاتبة تسنيم عمران عن الحاجة إلى طرح تخصص جامعي في صناعة الكاتب، انطلاقاً من وجهة نظرها كمؤلفة، حيث أشارت إلى أهمية وجود هكذا تخصص في الجامعات العربية.
تسنيم عمران
وقالت، "إلى جانب ما قد يضيفه هذا الأمر من معرفة وعلم للكاتب نفسه، فأيضاً يسهم في تطوير إمكانات وقدرات العاملين في مجال النشر، بحيث نصبح نتعامل مع مؤسسات قائمة على دراسات أكاديمية ممنهجة وليس فقط مؤسسات تجارية بحتة، مع عدم التقليل بالطبع من دور وأهمية الجانب المادي والتجاري لهذا المجال".
وتابعت، "نحن نتحدث عن تفاصيل واسعة يتضمنها مجال الكتاب والنشر، ولا يمكن اختزالها فقط في دورة تدريبية أو ورشة عمل بل لا بد من خطة دراسية كاملة ترتقي بالكتاب العربي إلى آفاق جديدة تواكب المستجدات، كما أن وجود هكذا تخصص يقلل الحاجة إلى الاعتماد على دور نشر أجنبية، فالأولوية بالتأكيد لنا كعرب للاستفادة من خبرات وتجارب بعضنا البعض".
أما مؤيد مسعود مدير دار البشير للنشر والتوزيع، فأكد أن مواكبة التطور السريع في صناعة الكتاب والنشر يحتاج إلى جيل جديد يمتلك الأفكار والمعرفة الأكاديمية اللازمة للتعامل مع مستجدات العصر، لافتاً إلى أن وجود تخصص بهذا الشكل يسمح بتعزيز مكانة قطاع النشر وصناعة الكتاب في دولنا ومنطقتنا العربية.
مؤيد مسعود