كشف أكاديميون في تحليل إحصائي عن ضرورة الانتقال إلى ثقافة الاستهلاك المسئول والمستدام، وأن استهلاك البشرية في الخمسين عامًا الماضية تجاوز مجموع ما استهلكته جميع الأجيال السابقة، وأن البشرية ستحتاج إلى ثلاثة كواكب أخرى بحلول عام 2050 للحفاظ على نمط حياتها الحالي.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها "المنتدى الإسلامي" بحكومة الشارقة تحت عنوان "قيم السلوك الرشيد على المجتمع"، ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل 2024، واستضافت الدكتورة نورة قنيفة والدكتورة وسيلة يعيش، اللتين أشارتا إلى أن الهدر العالمي من الغذاء بلغ 1.05 مليار طن متري في عام 2022، مع إسهام الأسر وحدها بأكثر من 631 مليون طن متري، أي ما يعادل 60% من إجمالي الهدر، وأن الشخص العادي يهدر 79 كيلوجراماً من الطعام سنوياً، مما يعني هدر مليار وجبة يومياً في المنازل.
ترشيد الاستهلاك والنجاح
وشددت الدكتورة نورة قنيفة على ضرورة تبني ثقافة الاستهلاك المعتدل والواعي، الذي يعد عنصراً حاسماً للنجاح في الحياة الشخصية والعائلية والمجتمعية.
وأضافت الدكتورة نورة قنيفة، "مع تزايد عدد السكان ونقص الموارد الطبيعية بسبب الثورة الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت مسألة التوازن بين الاستهلاك والموارد قضية ملحة تستدعي ترشيد الاستهلاك والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، بما يضمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة".
معايير ترشيد الاستهلاك
ولتعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي، أوضحت الدكتورة نورة أهمية الاعتدال في الأكل والشرب واللباس والتخطيط الدقيق قبل الشراء، مشيرة إلى أن معايير ترشيد الاستهلاك ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتي تشمل الاعتدال في السلوك الاستهلاكي، وتجنب التفاخر والإسراف، والتركيز على ضبط مستوى الإنفاق والإشباع في الأنشطة الاستهلاكية، مؤكدة أن هذه المعايير تساعد في تقدير النعم واستخدامها بحكمة، مما يسهم في تحقيق التوازن والاستدامة في حياة الفرد والمجتمع اليومية.
آثار السلوك الاستهلاكي المستدام
من جانبها قدمت الدكتورة وسيلة يعيش ورقة عمل بحثية تناولت فيها "آثار السلوك الاستهلاكي المستدام على الفرد والمجتمع"، وأكدت أن ترشيد الاستهلاك يسير جنبًا إلى جنب مع الهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة، الذي ينص على ضمان أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة. كما شددت على ضرورة إحداث تغييرات جوهرية في الطرق التي تنتج بها المجتمعات السلع والخدمات وكيفية استهلاكها.
وأوضحت الدكتورة وسيلة، أن الاستهلاك في الماضي كان يرتكز بشكل أساسي على البعد الاقتصادي، لكن مع مرور الوقت، تم إدخال البعد الاجتماعي إلى المعادلة، أما الاستهلاك المستدام فإنه يتضمن بعدًا بيئيًا حيويًا، مشيرة إلى أن الاستهلاك المستدام لا يعني بالضرورة استهلاكًا أقل، بل يعني استهلاكًا أكثر ذكاءً وفاعلية لتحسين نوعية الحياة وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
ترشيد الاستهلاك يبدأ من الوعي
وقالت الدكتورة وسيلة، "لتحقيق التحول نحو الاستهلاك المستدام، يجب تلبية ثلاثة شروط أساسية: الوعي، الاهتمام، والممارسة؛ حيث يبدأ الوعي بإدراك أهمية البيئة وضرورة حمايتها، ويتبعه الاهتمام بمتابعة الابتكارات الجديدة لمواجهة التحديات البيئية، أما الممارسة فتتجلى في اتخاذ قرارات شراء مدروسة تدعم التنمية المستدامة وتختار البدائل الأفضل للبيئة".
وكنهج عملي للأفراد في الانتقال نحو ثقافة الاستهلاك المستدام، شددت الدكتورة وسيلة على ضرورة تشجيع الأفراد والعائلات على تقليل استهلاك الطاقة في التدفئة والتبريد والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، واستخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة، إلى جانب تبني عادات غذائية تقلل من الهدر، والتركيز على إعادة التدوير والتقليل من النفايات بأنواعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة