أعلنت هيئة الشارقة للآثار عن اختيار الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير، سفيرة لملف الترشيح الدولي "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية"، دعماً لجهود إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة في تسجيل الموقع الواقع بالمنطقة الوسطى للإمارة، على قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وستقوم الشيخة بدور القاسمي باعتبارها سفيرة ملف الترشيح الدولي، بتمثيل إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة أمام منظمة "اليونسكو" والمنظمات الدولية ذات العلاقة بهذا الملف، والتنسيق بين الجهات الحكومية، المحلية والاتحادية، لإتمام عملية تسجيل ملف "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية"، بما يعكس جهود الدولة في إبراز عناصر التراث الثقافي المادي، على الساحة الدولية وتسجيلها على قوائم "اليونسكو"، للمساهمة في الحفاظ عليها وترميمها حسب المعايير الدولية لدى المنظمة، وكذلك الترويج لها.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: "أنا فخورة باختياري سفيرة لملف الترشيح الدولي لموقع الفاية، الذي يعكس التاريخ العريق لإمارة الشارقة، ويعد في الوقت نفسه أحد أهم مواقع العصر الحجري في الجزيرة العربية والعالم، حيث يتجلّى في هذه المنطقة الكثير من الاكتشافات الأثرية التي تقدّم العديد من المؤشرات حول تاريخ الهجرة البشرية الأولى، وهو ما يجعله معلماً يستحق الإدراج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وسأحرص على بذل كل الجهود الممكنة لإدراج الموقع على هذه القائمة الدولية العريقة بهدف الحفاظ على إرثنا الثقافي للأجيال القادمة ومشاركته مع العالم والترويج له. حيث يتيح موقع الفاية للعلماء والمهتمين فهم التطور البشري بالعصور المبكرة، ومدى تكيّفه مع هذه المنطقة. كما أشكر هيئة الشارقة للآثار والمجتمع المحلي على جهودهم التي أسهمت في الحفاظ على إرثنا الثقافي لنشاركه مع العالم".
الشيخة بدور بنت سطان القاسمى
من ناحيته، أكد عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، أن اختيار الشيخة بدور القاسمي سفيرة لملف ترشيح "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية"، يشكّل دعماً قوياً لملف الترشيح بحكم خبرتها في العمل مع المنظمات الدولية، واهتمامها الأكاديمي بمجال الآثار والعمل الثقافي، وحرصها على دعم الجهود المبذولة لإثراء الدراسات الأثرية لإمارة الشارقة والحفاظ عليها، ونشر الوعي والترويج للمعالم الأثرية الكثيرة التي تحفل بها الإمارة.
ويُعتبر موقع جبال الفاية مثالاً استثنائياً للبيئة الصحراوية خلال العصر الحجري، والذي يؤرِّخ الاستيطان البشري المبكر في المنطقة إلى بدايات العصر الحجري الأوسط وحتى العصر الحجري خلال ظروف مناخية متغيّرة في شبه الجزيرة العربية، حيث وثقت الدراسات الأثرية والبيئية للطبقات التاريخية في الموقع استمرارية الاستيطان البشري منذ 210.000 سنة. وتؤرخ المكتشفات الأثرية بالموقع تطور الاستيطان والمستوطنين من جماعات الصيادين إلى جماعات الرعاة الرحل الذين كانت لهم شعائر جنائزية خاصة، ما ساعد العلماء على وضع تصوّر جديد لطبيعة تكيّف الإنسان مع المشهد الطبيعي للمنطقة في ظروف مناخية قاسية.
ووفقاً للعلماء والباحثين، أدت دورات التغيّرات المناخية كل 20000 عام إلى تأرجح هذه المنطقة بين صحراء قاحلة وبيئة غزيرة المياه، حيث تتجمع المياه في البحيرات وتتدفق على طول قنوات الوادي الممتد من جبال الحجر وحتى الفاية، وتوثق السمات الجيومورفولوجية على طول نطاق الفاية هذه الأحداث والتغيّرات، ما ساعد على فهم هذه الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ المنطقة، كم أسهم المزيج الاستثنائي لتوافر مصادر المياه والمواد الخام والكهوف التي تم استيطانها، في جعل الفاية أقدم مشهد صحراوي مأهول بالسكان في العالم، والذي يقدّم جانباً معرفياً مهماً حول مظاهر ودلالات التكيّف المبكر لسكان المنطقة مع الصحراء.
وكانت هيئة الشارقة للآثار قد أدرجت في شهر فبراير من العام الماضي أربعة مواقع أثرية مهمة تابعة لإمارة الشارقة، على القائمة التمهيدية للتراث العالمي في "اليونسكو"، وذلك بعد سلسلة من الدراسات التي أجرتها الهيئة بالتعاون مع خبراء ومختصين أكاديميين لتقييم القيمة الثقافية وأهميتها الأثرية على المستوى العالمي، والأبعاد الأثرية والقيمة التاريخية وتقارير حالة الصون والحفاظ. وشملت هذه المواقع: موقع مليحة: فترة ما قبل الإسلام في جنوب شرق الجزيرة العربية، ومواقع النقوش الحجرية في خطم الملاحة وخورفكان، وموقع وادي الحلو: شاهد على تعدين النحاس في العصر البرونزي بشبه الجزيرة العربية، وموقع المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية.