تمر، اليوم، ذكرى فك أسر ملك فرنسا لويس التاسع وخروجه من دار ابن لقمان الذى أُسر فيه بمدينة المنصورة، وذلك في مثل هذا اليوم 7 مايو 1250، وذلك على إثر انهزام الصليبيين في مدينة المنصورة خلال الحملة الصليبية السابعة التي كانت تهدف إلى احتلال مصر، وتم أسر لويس التاسع في المنصورة منذ 6 أبريل 1250، بعدما قاد حملته التي عرفت بالحملة الصليبية السابعة، وكانت ردًا على استرداد المسلمين بيت المقدس سنة 642 هـ، 1244م.
بحسب دراسة "لويس التاسع والنشاط الفرنسي الصليبى مع معركة المنصورة" للدكتور خالد حسين الدكيفي، فإنه قبل مجيء حملة لويس التاسع إلى مصر، كان في قبرص ومن هناك وصلت الأنباء إلى الصالح نجم الدين أيوب السلطان الأيوبي آنذاك أن الحملة ربما تأتي على دمياط وذلك لأنه كانت هناك محاولات صليبية عديدة لاقتحام المدينة، وكان ذلك الاحتمال الأكبر لذلك اهتم بها السلطان الأيوبي.
وتوضح الدراسة أنه بمجرد وصول الجيش الصليبي إلى شاطئ دمياط دارة معركة كبيرة بينهم وبين المسلمين، وبفضل كثرة عدد جيش لويس التاسع، حققوا انتصارا في بداية المعركة لذلك أمر فخر الدين بن حمويه الجيش بالتراجع إلى دمياط، ولم يتوقف فيها، بل تابع السير أشموم طناح (أشمون الرمان حاليا) حيث رابط هناك السلطان نجم الدين أيوب.
وتسبب انسحاب فخر الدين فى خلق حالة من الهلع عند أهالي دمياط، وهيمن عليهم القلق، واعتقدوا وقتها بأن جيش البلاد لن يقدر على المواجهة، فخرجوا هائمين على وجوههم بمن فيهم الشيوخ والنساء والأطفال، بعد أن حملوا ما استطاعوا من أحملة خفيفة، ثم أشعلوا النيران في مدينتهم، وربما كان ذلك من ضمن الاسترايجية الحربية التي قام بها فخر الدين مع أهالي دمياط مع أجل خداع لويس، وبمجرد وصول الجيش الصليبي دمياط تفاجأ بعدم وجود أي مقاومة، وخيل إليهم أن الاستيلاء على مصر أصبح مسألة وقت، فانشغلوا بتقسيم الغنائم، وأرسل لويس إلى زوجته مارجريت للقدوم من عكا، كما سعى لتغيير معالم مدينة دمياط الإسلامية إلى صليبية، حيث حول جوامعها إلى كنائس ورفع عليها الصلبان.
في الوقت الذي أكمل لويس التاسع سيطرته على دمياط، كان خبر احتلال الصليبين للمدينة وصل الشام، فأغار أهل دمشق على الصليبيين في صيدا، من أجل تخفيف ضغط الحرب على مصر، لكن لويس لم يأبه لذلك.
انسحاب فخر الدين تسبب في غضب السلطان نجم الدين أيوب، وهو الأمر الذي جعله يؤمر بإعدام قادة جيشه، عدا فخر الدين نفسه، وذلك ربما لأنه كان ساعده الأيمن وأراد تأجيل عقابه إلى ما بعد الانتهاء، وحاول في البداية نجم الدين مناورة الصليبيين بالمفاوضات وعرض عليهم تسليم بيت المقدس مقابل ترك دمياط لكن لويسع رفض ذلك.
استمر وجود حملة لويس في دمياط صيف عام 1248 كاملا، حيث انتظروا وصول المزيد من الإمدادات من فرنسا، وهنا قرر نجم الدين اللجوء إلى حرب العصابات من أجل اضعاف الجيش الصليبي، وقرر مكافأة لكل من يأتي برأس فرنجا قدرها دينارا ذهبيا، وبمجرد ما عرف البدو بهذا المكافأة أصبحوا يشنون الهجمات واحدة تلو الأخرى على جيش لويس.
فتلك اللحظات كان نجم الدين أيوب قد لفظ أنفاسه الأخيرة، وتسلمت بدلا منه زوجته شجرة الدر الحكم، وبمجرد وصول نبأ وفاة السلطان الأيوبي إلى لويس قرر استكمال مسيرة حملته وقرر إنزال ضربة قاصمة للمسلمين الذين فقدوا سلطانهم، وظن أن حكومة تقودها امرأة (شجرة الدر) من السهل الاستيلاء عليها، لكن استعانة زوجة السلطان الراحل بالأمير المملوكي الظاهر بيبرس في قيادة حملتها ضد لويس حسمت المعركة لصالح المسلمين بعدما أعد بيبرس خطة محكمة قضت على الجيش الصليبي ووقع لويس في الأسر.