يبلغ عمر سد اللاهون الموجود في محافظة الفيوم قرابة 4 آلاف عام حيث بنى في فترة الأسرة المصرية الثانية عشر، وجُدد في فترة العصر المملوكي، أعيد بناء السد من الحجر الصلب في العصر المملوكي على يد السلطان الظاهر بيبرس لتنظيم دخول المياه إلى إقليم الفيوم من خلال ترعة بحر يوسف التي تنبع من ترعة الإبراهيمية بمحافظة أسيوط.
وقد ورد عنه في موسوعة مصر القديمة لسليم حسن الجزء الثالث: أن الملك «أمنمحات الثالث» كان يحس الألم والمضايقة من القحط الذي كان يصيب البلاد من جرَّاء انخفاضات مياه النيل المتكررة، والتي كان من نتائجها الجوع وانتشار الأوبئة، والظاهر أنه قد رأى في منخفض الفيوم منقذًا للبلاد من ويلات القحط؛ إذ اتخذه خزانًا طبعيًّا يمكن أن يمد البلاد الشمالية جميعها بالمياه أثناء انخفاض النيل سنويًّا في فصل التحاريق، وكانت مياه الفيضان كما قلنا تنساب في منخفض الفيوم في فصل الخريف، وعند ابتداء انخفاض الفيضان كانت هذه المياه تخرج ثانية مخترقة الحقول إلى النهر ثانية، إلى أن يمنع جريانها الأراضي التي تعترضها، وهي الواقعة بينها وبين النهر، وبذلك تتبقى مساحة من المياه محجوزة في الفيوم لا فائدة منها، والظاهر أن هذا الفرعون أو مهندسيه قد فكروا في طريقة لتنظيم دخول هذا الماء وخروجه، وكانت النتيجة أن فكروا في استعمال الترعة التي يبتدئ فتحها من النيل شمال «أسيوط» عند «ديروط»، وهذه الترعة الطبعية هي المعروفة الآن «ببحر يوسف»؛ ومنها كانت تحمل مياه الفيضان مباشرة إلى خزان «الفيوم»، وهناك تحجز بوساطة حواجز لها عيون تُصرف منها المياه ثانية تدريجًا إلى هذه الترعة، فعندما تكون المياه منخفضة في النيل في شهر التحاريق؛ يمكن أن يبقى منسوب المياه في النيل مرتفعًا الارتفاع النافع لري الأراضي من «أسيوط» حتى البحر الأبيض المتوسط، وقد حسب أنه بهذه الطريقة تخزن كمية هائلة جدًّا من مياه الفيضان تضاعف حجم المياه التي كانت تجري في النهر عندما تنساب فيه تدريجًا خلال فصل التحاريق من أبريل إلى يونيو.
وقد أقيم سد عظيم أو خزان لأجل تنفيذ هذا المشروع الهندسي العظيم عند المدخل الطبعي لهذه البحيرة؛ أي عند «اللاهون» ليحصر دخول المياه وخروجها إلى القناة. هذا وقد حصر المهندسون الذين قاموا بتنفيذ هذا الخزان المياه في الجزء المنخفض من «الفيوم»، وذلك بإقامة سد آخر اتخذ صورة نصف دائرة طولها أكثر من عشرين ميلًا، وبذلك استرد من المياه نحو عشرين ألف فدان في الجهة القريبة جدًّا لوادي النيل، وقد تحولت هذه المساحة إلى حقول غنية بإنتاجها، ولولا ذلك لما تبقى من البحيرة إلا المستنقعات التي على حافتها، والجزء الذي تقوم عليه بلدة «شدت» (المستردة) وهي «الفيوم» الحالية، وبهذه الكيفية أصبحت بلدة «شدت» مفصولة عن البحيرة بمساحة من الأرض منتزعة من المياه تبلغ نحو خمسة أميال.