منذ اندلاع الأزمة السودانية منتصف أبريل 2023، لعبت مصر دورا محوريا فى تهدئة الصراع بين طرفي الأزمة، الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، ولم تتدخر جهدا فى استضافة العديد من اجتماعات مختلف القوى السياسية وجميع الأطراف، ووقفت على الحياد وعلى مسافة واحدة من الجميع، الأمر الذى منحها ثقة جميع أطراف النزاع.
وفى هذا الإطار تأتى استضافة مصر فى نهاية شهر يونيو، مؤتمرًا يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، عبر حوار وطنى سوداني/ سودانى، يتأسس على رؤية سودانية خالصة.
وفى إطار حرص مصر على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان الشقيق على تجاوز الأزمة التى يمر بها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السودانى وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان وانطلاقًا من الروابط التاريخية والاجتماعية الأخوية والعميقة التى تربط بين الشعبين المصرى والسوداني. وتأسيسًا على التزام مصر بدعم كافة جهود تحقيق السلام والاستقرار فى السودان.
وتأتى الدعوة المصرية انطلاقًا من إيمان راسخ بأن النزاع الراهن فى السودان هو قضية سودانية بالأساس، وأن أى عملية سياسية مستقبلية ينبغى أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفى إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها.
وتنظم مصر هذا المؤتمر استكمالًا لجهودها ومساعيها المستمرة من أجل وقف الحرب الدائرة فى السودان، وفى إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد. وتتطلع إلى المشاركة الفعالة من جانب كافة القوى السياسية المدنية السودانية، والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وتكاتف الجهود من أجل ضمان نجاح المؤتمر فى تحقيق تطلعات الشعب السودانى الشقيق.
بدورها رحبت جمهورية السودان بإعتزام مصر استضافة مؤتمر لجميع القوى السياسية المدنية السودانية نهاية يونيو 2024، وجددت وزارة الخارجية السودانية ثقة السودان حكومة وشعباً في مصر الشقيقة وقيادتها، باعتبارها الأحرص على أمن وسلام واستقرار السودان لأن ذلك من أمن وسلام واستقرار مصر، وهى كذلك الأقدر على المساعدة على الوصول لتوافق وطني جامع بين السودانيين لحل الأزمة الراهنة. ولذا فإن الدور المصرى فى هذا الخصوص مطلوب ومرحب به.
كما رحب حزب الاتحادى الديمقراطى السودانى برئاسة محمد عثمان الميرغني عن قبوله وترحيبه بدعوة وثمن الحزب جهود مصر لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة الراهنة من خلال تسهيل الحوار الوطني السودانى.وأكد مستشار الميرغني السياسي حاتم السر أهمية هذه المبادرة المصرية التي تأتي انطلاقاً من الروابط التاريخية والأخوية العميقة بين الشعبين، وإيمانًا راسخًا بأن الحل للأزمة السودانية يجب أن يكون سودانيًا خالصًا يشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة.
تعاطي مصر مع الأزمة السودانية منذ بداية اندلاعها
وتبنت القاهرة دبلوماسية الأشقاء وحسن الجوار، فى التعامل مع ملف الأزمة السودانية، وكانت السبب الأبرز الذى دفع القوى السياسية السودانية وكذلك قادة الجيش السودانى والدعم السريع، لطرق أبواب القاهرة بين الحين والأخر بحثًا عن حلول لإنهاء صراع مسلح يقترب من عامه الأول سار بالبلاد نحو نفق مظلم أسال دماء آلاف الأبرباء وأدى لأوضاع إنسانية وخيمة لملايين السودانيين.
ويأتى فى المقام الثانى، اهتمام الدولة المصرية بأفريقيا وفى القلب منها الجوار السودانى الذى يدخل ضمن دوائر الأمن القومى المصرى، لذا تتقاطر وفود الفرقاء السودانيين على القاهرة منذ اندلاع الأزمة، بحثا عن الحلول او هدنة للمعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع قبيل شهر رمضان.
ومنذ الوهلة الأولى قدمت مصر جهودا مكثفة لاحتواء الأزمة السودانية على مختلف الأصعدة والمسارات، السياسية والدبلوماسية وحتى الإنسانية، ولم تتخل مصر عن أشقاءها، بل فتحت أبوابها للشعب السودانى للفرار من جحيم الحرب، وما خلفه من مشاهد دمار وترويع، ويأتى الدور الإنسانى الذى لعبت القاهرة مع الأشقاء من النازحين السودانيين من أبرز الأسباب التى تدفعهم للجوؤ لمصر، وذلك بشهادة القنصل العام السودانى في محافظة أسوان السفير عبدالقادر عبدالله محمد الذى قديم الشكر للسلطات المصرية على حسن استضافتهم لأشقائهم من السودان الذين وصلوا مصر بعد الأزمة.
وتمتلك الدولة المصرية رؤية لحل الأزمة فى السودان، لأسباب أبرزها أن استقرار هذا البلد والمحيط الأفريقي يعد أحد أهم مرتكزات الأمن القومي المصري، لذا قادت القاهرة الكثير من الجهود لاحتواء الأزمة والحيلولة دون الدخول فى نفق مظلم منذ اندلاعها.
وأكدت مصر مرارا احترامها لإرادة الشعب السودانى، وعدم السماح بالتدخلات الخارجية فى أزمة السودان، وضرورة حماية المؤسسات والتنسيق مع دول الجوار لتدارك التداعيات الإنسانية للأزمة ومطالبة الوكالات الإغاثية والدول المانحة بتوفير الدعم اللازم لدول الجوار، بحسب تقرير سابق عرضته قناة "إكسترا نيوز" حول "الرؤية المصرية لحل الأزمة السودانية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة