قبل عدة سنوات وفي العام 2016، اختبرت مصلحة الدمغة والموازين المصرية إطلاق أعيرة ذهب جديدة "9 و 12 و 14"، وترقبت المصلحة رد فعل الأسواق حول الأعيرة الجديدة ومدى قبول المستهلكين لها، وفي غضون شهور ماتت الفكرة الوليدة التي لفظها سوق الذهب وتم رفضها من قبل تجار التجزئة لعدم قبول الفكرة لدى المستهلك، واختفت الأعيرة الجديدة من السوق بعد فترة وجيزة، كما تراجع الحديث عنها حتى اختفى تماماً.
وجاء على رأس الأعيرة التي اختفت من السوق بشكل سريع الذهب عيار 9 وعيار12 وهي من الأعيرة الذهب التي تنتشر في دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وكانت تجربة إطلاقها في مصر تستهدف نشر المشغولات الذهب من عيار 9 و12 في المناطق السياحية لترويجها للسائحين، لكن عدم وجود شركات مصرية لتتبنى فكرة إنتاج المشغولات من هذه الأعيرة تسبب في وفاة الفكرة قبل انتشارها.
وخلال مايو 2022 طرحت شعبة الذهب في الغرفة التجارية، مقترحا لإنتاج مشغولات ذهب من عيار 14 وقالت الشعبة حينها، إن الذهب عيار 14 يتميز بسعره المنخفض وكثرة تشكيلاته، لكن الشعبة كانت متخوفة من عدم استيعاب فكرة وجود عيار ذهب به هذه النسبة من المعادن الأخرى المضافة على الذهب، حيث تصل نسبة الذهب الخالص في عيار 14 حوالي 58.3% مقابل 75% من الذهب في عيار 18 و78.5% لعيار 21.
ومع مرور الوقت، كُتب لعيار 14عُمر جديد مرة أخرى بعد إعادة إطلاقه من إحدى الشركات في السوق المصري بنهاية 2022، والتي تبنت حملة كبيرة لدى كبار تجار الذهب لترويج منتجات المشغولات الذهب لعيار 14، ومع تحرك أسعار الذهب في مصر وارتفاعها بصورة غير مسبوقة لمستويات وصلت 4 آلاف جنيه للعيار الرئيسي 21 مطلع العام الجارى وبنهاية الربع الأخير من 2023 حدث بعض الرواج لعيار 14 وبدأت بعض محال البيع بالتجزئة تحاول الترويج له في القاهرة الكبرى للمستهلكين، وفشلت محاولات تسويقه للتجار في محافظات الوجه القبلي لعدم قبولهم للأعيرة الأقل من 21 و 18 بحسب مصدر في إحدى منصات بيع الذهب بمصر، والذي أكد خلال حديثه مع "اليوم السابع"، أن المستهلك المصري رافض للفكرة جملة وتفصيلاً خاصة لوجود بعض التخوفات من صعوبة إعادة بيع المشغولات الذهب عيار 14.
ثقافة المستهلك
وأوضح المصدر، أن السوق المصري للذهب به بعض الثوابت التي يصعب تغييرها خاصة في محافظات الوجه البحرى والقبلي مثل قبولهم لأعيرة الذهب الأقل لأنها تمثل ثوابت خاصة في الصعيد، فهناك بعض القرى في الصعيد لا تقبل مشغولات ذهب أقل من عيار 21 بسبب المقارنات بين العائلات، فكيف سنسوق لهم عيار 14 وهم لم يقبلوا حتى الآن عيار 18.. الأمر سيطلب مدد زمنية طويلة حتى يأخذ عيار 14 حظه في السوق المصري المحكوم في الأساس ببعض التقاليد عند الشراء والبيع".
وشدد المصدر – فضل اليوم السابع عدم نشر اسمه أو اسم المنصة لأنها منصة تستهدف الربح من بيع وترويج الذهب – على أن تجربة عيار 14 الآن لا يمكن الحكم على نجاحها، فعلى الرغم من انتشار منتجات عيار 14 في محلات كبرى بالقاهرة والجيزة والإسكندرية، إلا أن حجم الطلب عليها ضعيف للغاية خاصة مع انخفاض أسعار الذهب في مصر.
ومع إعلان قرارات البنك المركزي في مارس 2024 انخفضت أسعار الذهب بحوالي ألف جنيه مما ساهم في القضاء على الطلب على عيار 14، لأن أسعار أعيرة 18 أو 21 انخفضت بصورة ملحوظة مما يجعل المستهلك يتجه لشراء الأعيرة الأعلى ويتجنب 14، خاصة أن سعره يتجاوز ألفين جنيه حاليًا، وفق وائل فايق - تاجر ذهب 18 و 21 في القاهرة وعضو شعبة الذهب - والذي يرى أنه يجب تسويق عيار 14 في منافذ البيع لدى الفنادق الكبرى التي تشهد وجود عدد كبير من السائحين.
شعبة المعادن: وقف إنتاج الذهب 14
رئيس شعبه صناعة الذهب والمجوهرات والمعادن الثمينة إيهاب واصف، قال "إن تجار الذهب يتجنبون عيار 14 منذ فترة طويلة وتجارب الشركات المنتجة أثبت فشلها، لافتًا إلى أن حركة بيع عيار 14 ضعيفة جدًا وتكاد تكون منعدمة، ولا نعول عليها فى إحداث حركة بالأسواق وعندما نتحدث عن مبيعات الذهب فنتجنب عيار 14 لأنه ليس جزء من المعادلة في السوق.
وأضاف "واصف" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن ثقافة المواطن فى مصر لا تتقبل عيار 14 أو العيارات التى تقل عن 18، حتى الـ 18 احتاج سنوات طويلة حتى يقبله المواطن المصري، مؤكداً أن الحكم على تجربة الذهب عيار 14 فى الوقت الحالي تؤكد أنها فشلت، كما أن طلبات التصدير للخارج من هذا العيار أيضاً متوقفة على الرغم من أن هذا العيار مقبول في خارج مصر.
وكشف إيهاب واصف، أن الشركات تقريبًا أوقفت إنتاج الذهب عيار 14 لصعوبة تسويقه في الوقت الحالي مع الطلب المرتفع على أعيره 18 و21 وغياب تام في الطلب على عيار 14.
مستقبل عيار 14
في المقابل يرى بيشوي إيهاب مسئول بشركة forten -إحدى الشركات المنتجة لعيار 14- أن الذهب في عيار 14 يتميز بتنوع أشكاله وموديلاته لأنه الأقرب في الموديلات للذهب عيار 18، لكن ثقافة المستهلك في مصر لا تزال غير مؤهله لقبول الإنتاج من عيار 14.
وأوضح " بيشوي" أن دول مثل ألمانيا وأمريكا يشتهر فيها عيار 14 بصورة كبيرة وأنه مع الوقت سيكون عيار 14 أحد الأعيرة المطلوبة في السوق المصري، مشيرًا إلى أن عيار 18 حينما ظهر في السوق لم يكن له قبول من المستهلكين لكنه حاليًا يمثل نسبة كبيرة من مبيعات الذهب في السوق.
الورش تبتعد عن إنتاج 14
ويرى سامح عبد الحكيم عضو شعبة الذهب، أن الاقبال على شراء عيار 14 ضعيف للغاية، مشيرا إلى أن مناطق الصعيد تفضل عيار 21 في حين أن القاهرة الكبرى تتجه لشراء عيار 18 مشيرا إلى أن الأمر متروك لثقافة المستهلك الذي يرفضه جملة وتفصيلاً، كما أن المستثمر لا يفضل المغامرة بإنتاج مشغولات من عيار 14 في ظل هذه الظروف الحالية التي تشهد هبوط في أسعار الذهب مما يشجع شراء الأعيرة الأعلى 18 و 21.
وبشأن مصير المشغولات التي تم إنتاجها من عيار 14 في حالة عدم شراؤها من قبل المستهلكين.. أفاد مصدر في مصلحة الدمغة والموازين، المسئولة عن دمغ الذهب في مصر – أن الدمغ من هذا العيار يكاد يكون منعدم في الفترة الحالية والاتجاه للدمغ للمشغولات من 18 أو 21 بجانب العملات الذهب أو السبائك الذهب، مشيرا إلى أنه في حالة إنتاج هذا النوع من المشغولات وعدم بيعه يتم إعادة صهره مرة أخرى وتشغيله في صورة منتجات من أعيرة مختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة