على أصوات المدافع وسط ترتدى الأوضاع الإنسانية، يحل عيد الأضحى على السودان، لكن نيران الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام، أطفأ فرحة الأعياد فى هذا البلد الشقيق والمأزوم اقتصاديا، ويقترب عيد الأضحية وسط تصعيد للمعارك فى مدنا وقرى سودانية مختلفة، تسعى الأسر لإدخال فرحته على أبنائها لكن ارتفاع أسعار المواشى يحول دون ذلك.
ووفقا لتقرير صحيفة تريبون سودانى، تشعر العديد من الأسر السودانية بالحيرة مع اقتراب عيد الأضحى فى ظل ارتفاع أسعار المواشى وانخفاض قيمة العملة المحلية وتفشى البطالة جراء الحرب.
ولفت التقرير إلى ارتفعت أسعار المواشى فى أسواق ولايات القضارف وسنار ونهر النيل والبحر الأحمر خلال شهر مايو المنصرم، الذى شهد أكبر تراجع فى قيمة العملة الوطنية السودانية منذ اندلاع النزاع فى 15 أبريل 2024، حيث يساوى الدولار الواحد حوالى 1,900 جنيه.
وتتراوح أسعار الخراف المتوسطة بين 300 إلى 400 ألف جنيه سودانى، فيما تصل أسعار الخراف الكبيرة إلى أكثر من 500 ألف جنيه، لكن لا تزال أسعار المواشى الإناث منخفضة، حيث تتراوح بين 150 إلى 200 ألف جنيه.
وأرجع تاجر المواشى فى ولاية البحر الأحمر، طارق إسماعيل، خلال حديثه لسودان تربيون، ارتفاع أسعار الخراف إلى توقف حركة الوارد من مناطق الإنتاج فى كردفان ودارفور بسبب انعدام الأمن.
وأشار إلى أن الخراف البلدية، التى تُربى فى سهل البطانة ومناطق وسط السودان، سعرها مرتفع مقارنة بالخراف الحمرية التى تُربى فى دارفور وكردفان، قبل أن تزداد أسعارها.
ويرجع المربون ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار الأعلاف والبرسيم والأدوية البيطرية.
ولا تختلف أسعار المواشى فى ولايتى القضارف وسنار كثيرًا عن ولاية البحر الأحمر، رغم أنهما مناطق إنتاج، فى وقت فقد فيه السودانيون وظائفهم وتجارتهم وسبل عيشهم جراء النزاع وتطاول أمده.
وقال سودانى بمدينة الدندر، عباس طه، للصحيفة السودانية، إنه لم "يقيم عقيقة لطفله الذى وُلد قبل شهر، بسبب توقف عمله فى بيع الهواتف النقالة، حيث ترك محله فى العاصمة الخرطوم ونزح منها".
ولا يختلف حال طه عن حال ملايين السودانيين الذين بات الكثير منهم يعتمد على الأموال التى يرسلها أقاربهم من خارج البلاد.
وينتظر طلال الطيب، المقيم حاليًا فى مدينة كسلا، أن يرسل له شقيقه الأصغر العامل فى السعودية مبلغًا ماليًا يكفى لشراء أضحية، حسبما قال لـ”سودان تربيون”.
وكان السودانيون، قبل اندلاع النزاع، يسافرون من مناطق عملهم، خاصة فى العاصمة الخرطوم، إلى أسرهم فى الولايات لقضاء عطلة عيد الأضحى، الذى يُسمى العيد الكبير، حيث صار هذا الأمر عادة اجتماعية، لا سيما وسط الأطفال.
أما بين النازحين والناجين من الموت فى الداخل فلن يشعر هؤلاء ببهجة العيد، وسط حياة صعبة فى مخيمات ومناطق تطالها اشتباكات يومية، فضلا عن آلاف الأسر التى فقدت ذويها فى المعارك على مدار العام ولا تزال تدفع ثمن النزاع، وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن عدد النازحين داخليًا فى السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.
وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التى حدثت فى السنوات الأخيرة.
وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة، محمد على أبو نجيلة، أن أكثر من مليونى شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
ويعنى عدد اللاجئين والنازحين داخليًا، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.
وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمى بوب فى بيان: "تخيل مدينة بحجم لندن يتم تهجيرها.. هذا هو الحال، وهو يحدث مع التهديد المستمر بتبادل إطلاق النار، والمجاعة والمرض والعنف العرقى والعنف القائم على النوع الاجتماعي".
ودعت بوب إلى استجابة موحدة من المجتمع الدولى لتجنب “مجاعة تلوح فى الأفق” فى السودان، حيث الاحتياجات الإنسانية ضخمة وحادة وفورية.
وقالت إن "أقل من خمس الأموال التى طلبتها المنظمة الدولية للهجرة من أجل الاستجابة تم تسليمها".