على مدار الأشهر الستة الماضية جراء العدوان على غزة، تسبب الإحتلال الإسرائيلي في تدمير كبير للتراث الثقافي داخل القطاع، حيث طمس حوالي 60%من مواقعها ومعالمها الأثرية، ويشمل ذلك مستوطنة تل العجول القديمة التي تعود إلى العصر البرونزي، ودير القديس هيلاريون الذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من 1700 عام، وقصر الباشا التاريخي.
وعلى الرغم أن التدمير الثقافي أمر لا مفر منه للأسف في الصراعات، إلا أن المنظمات الفلسطينية ومنظمات الحقوق المدنية تؤكد أن هذا التدمير متعمد.
وقال صلاح الهودلية، عالم الآثار المقيم في الضفة الغربية والذي يشغل منصب الأمين العام للمجلس الدولي للآثار والمواقع – فلسطين، إن المعدل الحالي للخسارة الثقافية في فلسطين لا مثيل له، وفقا لما ذكره موقع ancient orgnins.
وأوضح صلاح الهودلية، أن المعالم التاريخية والتحف يتم "هدمها بشكل منهجي"، وفي منطقة مكتظة بالسكان مثل غزة، فإن الأضرار الجانبية أو العرضية أمر لا مفر منه أيضًا.
ويعتبر تدمير التراث الثقافي فى مناطق النزاع جريمة حرب بموجب الاتفاقيات الدولية المختلفة، ويدين قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2347، المعتمد فى عام 2017، التدميرغير القانونى للتراث الثقافي ونهبه وتهريبه.
وتعود الجهود الدولية لحماية الممتلكات الثقافية إلى إعلان بروكسل عام 1874، وتشمل اتفاقية لاهاى لعام 1954 وتوصية اليونسكو لعام 1956 بشأن المبادئ الدولية المطبقة على الحفريات الأثرية.
وتشمل السوابق القانونية الهامة إدانة المحكمة الجنائية الدولية ليوجوسلافيا السابقة لميودراج يوكيتش عام 2004 بتهمة شن هجمات على دوبروفنيك، وحكم المحكمة الجنائية الدولية عام 2016 على أحمد الفقي المهدي بالسجن تسع سنوات بتهمة تدمير المعالم الدينية في تمبكتو، مما يمثل أول مثال على الاعتراف بتدمير التراث الثقافي باعتباره جريمة حرب .
لكن مثل هذه الاتفاقيات لا يمكنها أن تفعل الكثير، ومن المؤكد أنها لا تستطيع أن تحدد بالضبط أين تسقط القنابل.
ويفوض قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، الصادر عام 1967، إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، بحماية التراث الثقافي للأراضي الفلسطينية.
ومع ذلك، خلال الصراع الدائر في غزة، اتُهمت إسرائيل بالتدمير المنهجي لمواقع التراث الثقافي، وتشير التقارير الصادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية إلى أن القوات الإسرائيلية دمرت ما لا يقل عن 200 موقع أثري ومبنى ذي أهمية تاريخية في غزة.
وقد تعرض المسجد العمري الكبير، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع، لأضرار جسيمة، وتعرضت كنيسة القديس بورفيريوس، وهي إحدى أقدم الكنائس العاملة على مستوى العالم، للتدمير الجزئي جراء غارة جوية إسرائيلية، كما تعرض الموقع الأثري في البلخيا، الميناء القديم في غزة، لأضرار جسيمة، حيث استولى الجنود الإسرائيليون على آلاف القطع الأثرية.