تستمر تداعيات الحرب فى أوكرانيا على أوروبا مع استمرار أزمة الغاز الروسى، الذى يعتبر سلاح الطاقة الأقوى، ووفقا للمصادر فقد تسببت تلك الأزمة فى التأثير على العديد من القطاعات، كما أنها كلفت الاتحاد الأوروبى 630 مليار دولار لاستبدال إمداد الغاز الروسى.
وأكد رئيس شركة "روس نفط" إيجور سيتشين بأن دول الاتحاد الأوروبى أنفقت قرابة 630 مليار دولار لاستبدال إمدادات الغاز الروسية، مشيرا خلال مشاركته فى منتدى بطرسبورج الأسبوع الماضى، أن دول الاتحاد الأوروبى أنفقت أكثر من 630 مليار دولار على واردات الغاز غير الروسية فى السنوات الثلاث الماضية حتى العام 2023، حسبما قالت صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية.
وأضاف أن المبلغ (630 مليار دولار) الذى أنفقه الاتحاد الأوروبى قريب من حجم الاستثمارات التى تمت فى الكتلة الأوروبية فى 8 سنوات، ويفوق بنحو 4 مرات إجمالى الناتج المحلى الإجمالى لدول البلطيق ويعادل صادرات السويد وبولندا.
وفى السياق نفسه، قدم بافيل جوميز ديل كاستيلو، رئيس قسم اتصالات الائتمان والضمان، أحدث تقرير للشركة والذى يحلل كيف كان للأزمة التى اندلعت فى سوق الغاز نتيجة للغزو الروسى لأوكرانيا انعكاساتها وتأثيرها على الصناعة الأوروبية كثيفة الاستهلاك للطاقة، ويشير إلى أنه "علينا أن نبدأ بحقيقة أن هذه الأزمة تركت ثقلا هيكليا، خاصة فى تلك القطاعات الأكثر كثافة فى استخدام الطاقة، مثل المواد الكيميائية أو الصلب أو الورق".
ويحلل التقرير إلى أى مدى يضعهم فى وضع غير مؤات مقارنة بهذا النوع نفسه من الشركات فى مناطق أخرى من العالم. ويقول جوميز ديل كاستيلو إنه "فى منتصف عام 2021، سيبدأ انخفاض استخدام الغاز الروسى بسبب السياق الجيوسياسى وسيتم استبداله بالغاز الطبيعى المسال من الولايات المتحدة. وفى عام 2022، سيرتفع سعر الغاز بأكثر من 300%، واضطرت هذه القطاعات إلى خفض الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف وإلا فسيتعين عليها البيع بخسارة"، حسبما نقلت صحيفة الاكونوميستا الإسبانية.
وأشار التقرير إلى أنه لا تزال أزمة الغاز الحادة الناجمة عن الغزو الروسى لأوكرانيا تؤثر على القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة فى الأسواق الأوروبية، وخفض الاتحاد الأوروبى اعتماده على الغاز الروسى من خلال استيراد الغاز الطبيعى المسال من مختلف أنحاء العالم. ومع انخفاض مدخلات الغاز الروسى بشكل كبير، ارتفعت الأسعار، مما وضع قطاعات الكيماويات والمعادن والصلب والورق فى وضع غير مؤات مقارنة بمنافسيها العالميين.
وفقًا للتقديرات الواردة فى التقرير الأخيرفقد انخفض استخدام الغاز فى الصناعة الأوروبية بنسبة 25% تقريبًا فى عام 2022. وتركز أكثر من نصف هذا التخفيض فى الصناعات كثيفة استخدام الطاقة. فاستيراد الغاز الطبيعى المسال أغلى من نقل الغاز الروسى، ويتطلب بنية تحتية خاصة للنقل والتخزين. وفى عام 2022، مع ارتفاع التكاليف بنحو 350%، عانت الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة فى منطقة اليورو من خسائر فى الإنتاج تجاوزت 10%.
وقد سمح تحسين الكفاءة فى سلاسل توريد الغاز الطبيعى المسال بانخفاض الأسعار بنسبة 68% و22% فى عامى 2023 و2024 على التوالي. ورغم أن تكاليف الغاز فى أوروبا تظل أعلى من مستويات ما قبل الحرب، فإنها انخفضت بالقدر الكافى لدعم التعافى التدريجى للإنتاج فى القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بعد عامين من الانكماش.
بدء الانتعاش
وسيبدأ هذا النمو فى عام 2024 بالنسبة للقطاع الكيميائى، وسوف يتأخر حتى عام 2025 بالنسبة للمعادن والصلب، وهو غير مؤكد أكثر فى حالة قطاع الورق. أن الانتعاش المتوقع فى هذه القطاعات لا يرجع فقط إلى انخفاض أسعار الغاز. ويلعب الطلب المتزايد من الصناعات الشرائية دورًا هامًا، إلى جانب زيادة الحاجة إلى المواد الكيميائية.
وكان انخفاض أسعار الغاز، فضلًا عن الزيادة فى تكاليف العمالة فى الولايات المتحدة وقوة الدولار، سببًا فى تفضيل المنتجين الأوروبيين لتقليص فجوة القدرة التنافسية بينهم وبين الأمريكيين، ولكن على المدى الطويل، فإن التوقعات قاتمة بسبب الاستقرار المحتمل لأسعار الطاقة فى أوروبا فوق مستويات ما قبل الحرب.
وفى الوقت الحالى لا توجد علامات على تراجع التصنيع فى أوروبا، ولكن هذا يمكن أن يحدث فى القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وإذا ظلت أسعار الطاقة مرتفعة فى أوروبا، فإن ذلك سيؤثر على ربحيتها وقدراتها الاستثمارية، ويشكل هذا خطرا كبيرا، لأن التحول إلى الطاقة النظيفة سوف يتطلب تكاليف أولية كبيرة، حتى ولو أدى ذلك إلى تقليل الاعتماد على الغاز فى الأمد البعيد.
ووفقا للتقرير فإن الشركات التى لا تستطيع تحويل الزيادة فى أسعار الغاز إلى أسعارها النهائية تشكل خطرًا ائتمانيًا على مورديها، وقد أعلنت العديد من الشركات فى هذه القطاعات عن خطط لتعديل استراتيجيات أعمالها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة