مصر وغزة.. مسيرة دعم لا تتوقف لرفع العدوان عن أهالى القطاع.. تعنت الاحتلال يعرقل مسار التهدئة ووقف إطلاق النار.. غياب التنسيق الفلسطينى يعقد الأزمة منذ 7 أكتوبر.. والقاهرة تتمسك بآمال خفض التصعيد

الجمعة، 14 يونيو 2024 06:59 م
مصر وغزة.. مسيرة دعم لا تتوقف لرفع العدوان عن أهالى القطاع.. تعنت الاحتلال يعرقل مسار التهدئة ووقف إطلاق النار.. غياب التنسيق الفلسطينى يعقد الأزمة منذ 7 أكتوبر.. والقاهرة تتمسك بآمال خفض التصعيد غزة
محمد جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

جهود مستمرة بذلتها الدولة المصرية منذ 7 أكتوبر الماضى فى محاولة لرفع العدوان عن الشعب الفلسطيني، والتوصل لوقف إطلاق النار من جهة ، وتذليل كافة العقبات أمام مرور المساعدات الإنسانية لقطاع غزة ، وكذلك التصدى لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية بالتصدى لمخطط الاحتلال بتمرير سيناريو التهجير القسرى.

ورغم نجاح الدولة المصرية في حفظ حقوق الشعب الفلسطيني ، إلا أن تلك الجهود تعثرت في مسار التهدئة والتفاوض بسبب تعنت حكومة بنيامين نتنياهو برغم خروج أصوات كثيرة داخل دوائر السلطة في تل أبيب تدعو لقبول مقترحات التهدئة ، ورغم التظاهرات شبه الممتدة في تل أبيب والداعية لوقف الحرب، وتبادل الأسري بين الجانين.

وأمام التعنت الإسرائيلي، كان الجانب الفلسطيني علي مائدة التفاوض يعاني ارتباكاً واضحاً ففي الوقت الذي تتمسك فيه حكومة الاحتلال بعدوانها الوحشي، تخللت محطات التفاوض غياب التنسيق بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية ، وبقية الفصائل ، وحاولت حماس الانفراد بالمشهد دون تعاون مع بقية مكونات الداخل الفلسطيني.

وأمام تشابك مشهد المفاوضات ، واصلت مصر ولا تزال جهودها لإنقاذ ملايين الفلسطينيين من العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع،  حيث سخرت القاهرة كل إمكانتها الدبلوماسية والصحية لمساعدة الشعب الفلسطينى وإدخال المزيد من المساعدات للفلسطينيين ولعبت دورا مهما على المستوى الدبلوماسي والإنسانى لا يمكن إنكاره لدعم القضية الفلسطينية وتعريف العالم بحقوق الشعب الفلسطينى.

ومنذ بداية عدوان 7 أكتوبر، بذلت مصر جهودا مكثفة من أجل إيجاد توافقات وحلول مقترحة، وشاركت في مؤتمرات واتفاقات عقدت في باريس ولقاءات في القاهرة، كما استقبلت وفودا مختلفة لتبادل الأراء والأفكار لحل الأزمة.

وعلى المستوى الدبلوماسي ، فقد دعت مصر إلى قمة القاهرة للسلام، والتى شهدت حضورا دوليا طاغيا، للتأكيد على رفض دعوات التهجير، والإصرار على دخول المساعدات، مع تعزيز حق الفلسطينيين فى تأسيس دولتهم المستقلة ذات السيادة، فى الوقت الذى حققت فيه إجماعا إقليميا، حول هذه الثوابت.

قمة القاهرة للسلام التى عقدت في 21 أكتوبر 2023 كانت تمهيد كبير للقمة العربية الإسلامية بالرياض فى 11 نوفمبر 2023 ، مما ساهم فى إضفاء قدر من الشرعية للموقف المصرى ومن وراءه الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية.

واستطاعت الدولة المصرية انتزاع مواقف دولية للحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية، وكان آخر تلك المشاهد التحول فى الموقف الأمريكي وتأكيد احترام سيادة مصر واحتياجات أمنها القومى، والالتزام بضمان عدم تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو أي دولة أخرى، وهو ما يعكس اعترافا بنفوذ مصر الإقليمى ودورها المؤثر فى الساحة الدولية والعالمية لصالح دعم القضية الفلسطينية وحقوقها.

وبحسب دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد حرصت القيادة السياسية المصرية منذ بداية عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 وما تبعها من عدوان إسرائيلى على قطاع غزة، ارتكبت خلاله إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد المدنيين العزل فى القطاع على أن يكون لها موقف صارم إزاء ما يجرى، وأن تضطلع بدورها التاريخى والمعهود للتعامل مع كافة تداعيات هذا العدوان سواء على الصعيد الإنسانى أو الصعيد السياسى والدبلوماسى أو الصعيد الأمني.

وحرصت مصرمنذ اشتعال أزمة أحداث 7 أكتوبر على رفض قتل الاحتلال الإسرائيل للمدنيين ، مؤكدة أن ما تقوم به إسرائيل قد تجاوز مسألة الرد المتوقع فى مثل هذه الحالات، كما رفضت القاهرة  سياسة العقاب الجماعى التى تنفذها إسرائيل فى قطاع غزة، وبما أدى إلى معاناة سكان غزة من كوارث إنسانية غير مسبوقة.

أيضا حرصت مصر على عدم إغلاق معبر رفح من الجانب المصرى من أجل دخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وذلك على عكس ما يفعله الاحتلال الإسرائيلى من تعنت ووضع العقبات لعدم مرور المساعدات إلى داخل القطاع، كما رفضت مصر سياسة التهجير القسرى لسكان القطاع، حيث إن العمليات الإسرائيلية تدفع بقوة فى هذا الاتجاه.

وأكدت مصر على رفضها لتصفية القضية الفلسطينية أو حلها على حساب مصر، وأن المساس بالأمن القومى المصرى يعد خطا أحمر، مشيرة إلى رفضها القاطع لأى احتلال إسرائيلى جديد لقطاع غزة فى إطار ما بات ما يعرف بسيناريوهات ما بعد الحرب.

فلدى مصر فقه أولويات من خلال التركيز على الملفات ذات الأولوية الملحة متمثلة فى المساعدات الإنسانية العاجلة والوقود وصولا إلى الهدنة الإنسانية المؤقتة، ثم لاحقا الملفات الاستراتيجية مثل استئناف عملية السلام للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مبدأ حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

وتحرص مصر على عدم اتساع رقعة الصراع والتحول إلى سيناريو الحرب الإقليمية، ولذلك كان هذا الملف ضمن الملفات الأساسية التى ناقشها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع مختلف القادة والزعماء على المستويين الإقليمى والدولي.

قنوات الاتصال

قام الرئيس عبد الفتاح السيسي، فور بدء العمليات العسكرية، بفتح قنوات اتصال مباشرة مع العديد من أهم قيادات العالم على المستويين الإقليمى والدولي، من بينهم العاهل الأردنى والرئيس الإماراتى وولى العهد السعودي، ورؤساء ومسؤولى كل من تركيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وفلسطين، كما استقبل سيادته فى القاهرة كلا من المستشار الألماني، ورئيس الوزراء البريطاني، وأمين عام الأمم المتحدة، ووزير الخارجية الأمريكي. وقد تم التأكيد خلال جميع هذه الاتصالات على أهمية خفض التصعيد. ودخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وتجنيب السكان المدنيين أهوال هذه العمليات.


قمة القاهرة للسلام

لم تكتف القيادة السياسية المصرية بهذه التحركات المكثفة، بل قامت بالدعوة إلى عقد قمة سلام فى القاهرة يوم 21 أكتوبر، حيث شاركت فى أعمال القمة 31 دولة من مختلف أنحاء العالم وع منظمات إقليمية ودولية، وتم التأكيد خلال القمة على ضرورة التوصل إلى حل لهذه الأزمة مع أهمية مراعاة الأبعاد الإنسانية والقانونية والالتزام بها خلال العمليات، بالإضافة إلى ضرورة التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، استنادًا إلى مبدأ حل الدولتين.

وقد حرص الرئيس السيسى على ألا تكون القمة مجرد تجمع للرؤساء والملوك والأمراء وإلقاء كلمات مهمة، بل قام سيادته بطرح خريطة طريق متكاملة للخروج من الأزمة الحالية تستند إلى ثلاثة أسس رئيسة الأول: دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، والثاني: التوصل إلى تهدئة بين الجانبين، والثالث: بدء المفاوضات السياسية، التى تؤدى إلى حل الدولتين.

ولا شك أن أهم نتائج هذا المؤتمر تتمثل فى أنه كان بمثابة رسالة واضحة موجهة إلى المجتمع الدولى فى ظل هذه الظروف الصعبة، مفادها أن القضية الفلسطينية ليست قضية مساعدات إنسانية أو قضية لاجئين، وإنما هى قضية شعب يبحث عن أبسط حقوقه فى أن تكون له دولته المستقلة، مثل باقى شعوب العالم، مع التأكيد أنه لا يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تنعم بالاستقرار والأمن دون حل القضية الفلسطينية.

وقد مارست مصر ضغوطا كبيرة على الأطراف المختلفة من أجل إدخال المساعدات الإنسانية المختلفة إلى القطاع، وقامت بإعداد مطار العريش لاستقبال المساعدات الواردة من مختلف دول العالم، وقد نجحت مصر

فى البدء فى إدخال قوافل المساعدات إلى القطاع، ابتداء من يوم ١٠/٢١ بعد أن قامت السلطات المصرية بإصلاح الدمار الذى تسببت فيه إسرائيل فى الجانب الفلسطينى من معبر رفح، إيذانا ببدء تدفق المساعدات إلى القطاع.


استخدام أوراق الضغط


مارست مصر ضغوطا مختلفة الأنماط تجاه إسرائيل لوقف تصعيدها تجاه قطاع غزة، وقد تجسد ذلك فى أكثر من مستوى سواء ما يتعلق بالسردية المصرية الخاصة بالأحداث والتى أكدت منذ اللحظة الأولى على أن ما يحدث جريمة إبادة جماعية، وبدأت فى التحرك دوليا وفق هذه السردية. فضلا عن توظيف بعض أوراق الضغط الأخرى مثل ربط مسألة إجلاء الرعايا الأجانب من معبر رفح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتأكيد أن التصعيد سيواجه بالتصعيد.


التواصل المؤثر


لعبت مصر دورًا مهما فى التواصل مع طرفى الصراع منذ اليوم الأول للحرب، انطلاقا من كونها الدولة الوحيدة تقريبا على مستوى العالم التى تمتلك قنوات اتصال ذات ثقل وثقة وتأثير حقيقى مع طرفى الصراع، وانطلاقا من دورها التاريخى فى هذا الصدد. ولذلك كثفت مصر اتصالاتها المؤثرة مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى لرسم محددات التدخل وملامح المراحل اللاحقة من الصراع، انطلاقا من أن كلا الجانبين يدركان ضرورة وحيوية التدخل المصرى لخفض التصعيد.


مظاهر النجاح


أسهمت المحددات التى رسمتها الدولة المصرية لموقفها منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والجهد الكبير الذى بذلته بأشكاله المتعددة على النحو المبين سلفا، فى تحقيق نجاحات واختراقات مهمة حتى الآن فى هذا الصراع، وذلك على النحو التالي:

إدخال المساعدات على الرغم من فرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة ومنع كافة الإمدادات عنه، ووضعها العديد من العراقيل التى تعيق إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع فإن الضغوط المصرية وأدوات التأثير وقنوات التواصل قد أسهمت فى إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بدءًا من 21 أكتوبر 2023 تزامنا مع انعقاد قمة القاهرة للسلام. ولم تكتف الدولة المصرية بذلك، بل ضغطت لزيادة وتيرة دخول المساعدات إلى غزة، لتزداد الأعداد من بضع شاحنات إلى أكثر من 100 شاحنة يوميًا، والاقتراب حثيثا من معدلات ما قبل الحرب.

يضاف إلى ذلك استقبال الدولة المصرية للجرحى الفلسطينيين من القطاع وتوفير كافة السبل لاستقبالهم، والذين وصل عددهم إلى نحو 10 آلاف جريح يتلقون الرعاية الصحية فى المستشفيات المصرية


إدخال الوقود


فرضت إسرائيل قيودًا على إدخال الوقود إلى قطاع غزة، تحت مزاعم وذرائع بأن هذا الوقود ستستغله فصائل المقاومة الفلسطينية فى أنشطتها العسكرية ضد الاحتلال. ولكن الجهود والضغوط المصرية قد نجحت فى أن تعيد إدخال الوقود إلى القطاع بدءًا من ۱۸ نوفمبر ۲۰۲۳ ليصل إجمالى عدد شاحنات الوقود التى دخلت القطاع حتى 23 نوفمبر 17 شاحنة بحجم مئات الآلاف من الوقود لخدمة المرافق الحيوية المهمة فى القطاع وخاصة المرافق الصحية.


الهدنة الإنسانية


تأسيسا على الدور المصرى المحورى وقنوات التواصل المؤثرة أسهمت الجهود المصرية بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة فى التوصل إلى اتفاق لتبادل المحتجزين بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل وفرض هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد. وهو الأمر الذى جاء برهانا على حيوية الدور المصرى وتأثيره فى كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وخاصة ما يتعلق بملف الأسرى، لا سيما وأن مصر تمتلك خبرة كبيرة فى هذا الأمر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ولعل أبرز هذه التجارب التاريخية هو الإفراج عن الجندى الإسرائيل جلعاد شاليط مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطينى عام 2011.


إعادة وضع القضية الفلسطينية على أجندة المجتمع الدولى

أسهمت الجهود المصرية فى إعادة وضع القضية الفلسطينية من جديد على أجندة المجتمع الدولى وفقًا لرؤية شاملة لا تقتصر فقط على إدارة القضية أو إدارة جولات الصراع مثلما عكف المجتمع الدولى على ذلك طوال سنوات، وإنما باعتبار أن التعامل مع التصعيد يجب أن يقوم على التعامل مع جذور الصراع وجذور القضية، وأنه لا يمكن تحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط بأكملها بدون تحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية. وهو الأمر الذى أكدته مصر من خلال قمة القاهرة للسلام وكذلك فى كلمات الرئيس السيسى فى القمم الإقليمية والدولية المتعلقة بالصراع، ومن ثم فإن الجهود المصرية ستتواصل ما بعد انتهاء جولة التصعيد الحالية لاستئناف عملية السلام وفق مبدأ حل الدولتين.

ولا زالت مصر والوسطاء بينهم قطر وأمريكا يبذلون أقصى جهد لإنقاذ الشعب الفلسطيني من نيران القصف الإسرائيلي ووقف إطلاق النار إلا أن تعنت المسئولين في إسرائيل ورفض حركة حماس سيؤدى في النهاية إلى إطالة أمد الحرب، وبالتالي سقوط المزيد من الشهداء.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة