أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى اسم شهاب الدين الخفاجي، فى مشروع حكاية شارع، وذلك لتعريف المارة وتخليدا لاسمه عبر الأجيال المقبلة، إذ تم وضع لافتة على أول الشارع الذى يحمل اسمه وتفاصيل مختصرة عنه، ويمكن الاطلاع على كل المعلومات عنه باستخدام الهواتف الذكية وقت تفعيل تطبيق تطبيق QR.
وكان والده أحد علماء عصره، وأعلام دهره، تربى شهاب الدين بحجر والده في القرية المولود بها، ثم سكن أبوه في قطعة أرض بقرب "سرياقوس" شمالي القاهرة، فألحقه والده بالأزهر، وقرأ على يد خاله "أبي بكر الشنواني" سيبويه زمانه علوم العربية، وأخذ من "شمس الدين الرملي"، فقيه الديار المصرية وأجازه بجميع مؤلفاته ومروياته بروايته عن "الشيخ زكريا الأنصاري" وعن والده "نور الدين علي بن يحيى الزيادي"، الذي انتهت إليه رئاسة الشافعية في مصر، وأحمد العلقمي أخذ عنه الأدب والشعر، والعلامة الصالحي الشافعي، والشيخ داود البصير أخذ عنهم الطب، ثم بدأ رحلاته العلمية من الحجاز وتلقى العلوم من علماء مكة، وحفظ بعضا من الأشعار المتناقلة هناك، ثم سافر إلى القسطنطينية ودمشق وبلاد الروم لأخذ الدروس من علمائها.
عاش الخفاجي في القرن السادس عشر حيث الملكات الأدبية في اضمحلال، والإنتاج الأدبي في الشعر والنثر سقيم مرذول؛ فمني الشهاب بعداوة بعض شعراء عصره، ولعل هذه العداوة جعلته يسمي أحد مؤلفاته ريحانة الندماء وشمامة الأدباء.
كان شهاب الدين في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره طلوع الشهب في الفلك، ورث من سماء المعالي بدرها وهلالها، وحوى طارفها وتليدها وأرضع من در الفنون كهلها ووليدها، وسفرت له فرائد العلوم رافعة النقب وتزينت بمنظومه ومنثوره صدور المجالس والكتب، وكان رحمه الله علاّمة في العربية ولسان العرب، وحاشيته على تفسير البيضاوي تدل على علو علومه وسعة فضله وكمال ذكائه وغاية اطلاعه ونهاية تحقيقه.
وقد ارتحل شهاب الدين إلى مركز الدولة العثمانية ببلاد الروم، فلما وصلها ولى القضاء ببلاد “الروميللي” حتى وصل إلى أعلى مناسبها، ولما اشتهر بالفضل الباهر قام السلطان بتوليته قضاء “سلانيك”، فاستفاد مالاً كثيراً. وعندما عاد إلى مصر أعطى قضاء مصر، وبعد ما عزل عنها رجع إلى بلاد الروم مرة أخرى، فمر على دمشق وأقام بها أيامًا ومدحه فضلاؤها بالقصائد وأعتنى به أهلها وعلماؤها. ودخل حلب إثر ذلك ثم رحل إلى الروم وكان إذ ذاك مفتيها “يحيي بن زكريا”، فأعرض عنه فصنع مقامته التي ذكرها في الريحانة وتعرض فيها للمولى المذكور فكان سبب نفيه إلى مصر وأعطى قضاء فيها فاستقر بمصر يؤلف ويصنف إلى أن توفي في شهر رمضان وعمره فوق التسعين .
تتلمذ على يدي شهاب الدين الخفاجي نخبة من علماء العصر؛ فمنهم عبد القادر ابن عمر البغدادي صاحب خزانة الأدب (توفي 1093هـ)،و”فضل الله بن محب الله بن محمد المحبي توفي 1082هـ، الذي كتب عنه أصل الريحانة، وسماه خبايا الزوايا فيما في الرجال من البقايا، وأحمد بن يحيى بن عمر الحموي المعروف بالعسكري الشافعي، وهو فقيه الشافعية بحماة (توفي 1094هـ).
لشهاب الدين شعر كثير جدًا ذكره في كتابة الريحانة وفي كتبة طراز المجالس . وله مقصورة في مدح النبي صلوات الله عليه واله وسلم عارض بها مقصورة ابن دريد و قصائد أخرى في هذا المعنى ضمن مجموعة مخطوطة بدار الكتب. ومقصورته في مدح النبي عارض بها مقصورة “زهير ابن أبي سلمى” ضمن ترجمة له وعدة أشياء أخرى من آثاره الحقت بكتاب خبايا الزوايا المخطوطة. وقد روى “المحبي” في كتابه خلاصة الأثر بعض شعره.
ومن المنثور رسائل منها: الفصول القصار والمقامة الرومية التي ذكر فيها أحوال الروم وعلمائها. وله عدة مقامات نسج فيها على منوال مقامات الحريري منها: مقامة الغربة، والمقامة الساسانية ومقامة عرض بها مقامة الوطواط والمقامة المغربية .
ومن أشهر كتبه: ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا، ترجم به معاصريه على نسق اليتيمة، شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل، شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري، طراز المجالس، نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، خبايا الزوايا بما في الرجال من البقايا، ريحانة الندمان، عناية القاضي وكفاية الراضي، حاشية على تفسير البيضاوي، ثماني مجلدات، ديوان الأدب في ذكر شعراء العرب، قلائد النحور من جواهر البحور.
توفي شهاب الدين الخفاجي بالقاهرة 1069هـ/ 1659م، بعد أن ملأ الدنيا بعلمه وأدبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة