أصدَر المركز المصري للدراسات الاستراتيجية دراسة ميدانية عن جهود التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، أوضح خلالها المركز الجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني في مختلف القضايا، موضحًا أنَّ الفكرة الأساسية من وجود منظمات المجتمع المدني هي مساهمتها في تعزيز وحماية وتحسين حقوق الإنسان، فتعمل هذه المنظمات على تطوير المجتمع، وتتشارك في أهداف عامة لتحقيق العدالة والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية، فالمجتمع المدني الحيوي المتنوع القادر على العمل بحرية هو العنصر الأساسي في ضمان حماية مستدامة لحقوق الإنسان.
وكشفت الدراسة أنه تؤمن الدولة المصرية بأهمية دور منظمات المجتمع المدني كفاعل أساسي ورئيس في العملية التنموية التي تشهدها مصر حاليًا لكونها أداة فعالة لتدعيم حقوق المواطن المصري؛ وعليه جرى إطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي في مارس 2022 لتنظيم عمل مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني داخل إطار من الحوكمة والاستدامة وبشكل عادل يضمن كفاءة للتوزيع، استنادًا إلى دور هذه المنظمات التي تمتلك كوادر إدارية وميدانية مدربة ومؤهلة تستطيع تقديم الخدمات بسرعة وكفاءة عالية، بالإضافة إلى قدرتها على الوصول إلى الأسر الأولى بالرعاية.
ومثلت فكرة توحيد الجهود حاجة ملحة وضرورية خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، والتي أثرت سلبًا على العديد من القطاعات وبصورة خاصة قطاع الغذاء، لذا في هذه الورقة، تمّ التركيز على التحالف الوطني وظروف نشأته، وأيضًا الدور الرئيس الذي يلعبه التحالف الوطني وجدواه في تعزيز ودعم حقوق المواطن، مرورًا بكل المشاريع والمبادرات التي ينفذها التحالف.
ظروف النشأة
يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة شديدة الصعوبة والتعقيد؛ إذ يواجه مجموعة من التحديات التي نادرًا ما شهد العالم مثلها، مما أدى إلى زيادات غير مسبوقة في معدلات التضخم وتراجع معدلات النمو، ومما زاد من تعقيد الموقف الحرب في أوكرانيا، وطالت هذه التأثيرات العالم كله حتى أن معدل التضخم العالمي اقترب من 10% خلال شهور 2022 في عدد كبير من بلدان العالم، ووصل في مصر 25.8% في يناير 2023 وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
الوضع الاقتصادي
وانطلاقًا من هذه الأرقام والإحصائيات المهمة، فإن الوضع الاقتصادي المصري يواجه عددًا كبيرًا من التحديات التي أثرت سلبًا على المستوى المعيشي للمواطنين، وأدت إلى ارتفاع شديد في الأسعار وخاصة السلع الغذائية.
وفي ظل هذه الأوضاع، ظهرت حاجة ملحة لتوحيد جهود المؤسسات الخدمية ومنظمات المجتمع المدني؛ وذلك للتكاتف من أجل تعزيز برامج الحماية الاجتماعية، ولذلك تم إطلاق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي في 13 مارس 2022 بمشاركة وعضوية أكثر من 30 جمعية ومؤسسة أهلية وكيان خدمي وتنموي. جدير بالذكر أن ضم كل هذه المؤسسات تحت قبة واحدة تنظم عملها يعد خطوة إيجابية ودفعة رئيسة لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، وضمان وصول الدعم لمستحقيه.
ويعمل التحالف بصورة أساسية للقضاء على ازدواجية المنفعة وتوحيد جهود مؤسسات المجتمع المدني في تخفيف الأعباء عن المواطنين والفئات الأولى بالرعاية، وضمان أن تشمل برامج الحماية الاجتماعية الفئات التي تستحق، وذلك عبر حزمة من المساعدات النقدية والعينية وغيرها من الخدمات، فوفقًا لوزارة التضامن الاجتماعي في نوفمبر الماضي فإن تكلفة جميع تدخلات الحماية الاجتماعية تبلغ 8.5 مليارات جنيه تتحملها الخزانة العامة للدولة، و2.4 مليار تتحملها منظمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، وبالتالي فإن دور التحالف الوطني في تعزيز برامج الحماية الاجتماعية كبير للغاية.
ويعد انطلاق التحالف الوطني بمثابة التزام أساسي من مصر لكل المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية المعنية بموضوعات حقوق الإنسان والتي تعد مصر جزءًا منها، إضافة إلى أن التحالف هو آلية عمل واضحة للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي أطلقتها مصر في سبتمبر 2021 والتي تعمل على تعزيز احترام وحماية كل الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للمواطن المصري، في ظل تسليم الدولة المصرية بأن عملية تعزيز حماية حقوق الإنسان هي عملية مستمرة وتراكمية الأثر، وتظهر نتائجها بشكل متدرج. ولقد ظهر ذلك في العديد من المبادرات والمشاريع التي يقوم بها التحالف الوطني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة