في عالم يسيطر عليه الرجال، تبرز بعض النساء لتكسر الحواجز التقليدية وتثبت جدارتها في مهن تتطلب قوة وشجاعة، واحدة من هذه المهن هي الجزارة، التي تعتبر عادةً مهنة ذكورية بامتياز، ورغم التحديات والصعوبات، فإن النساء اللواتي اخترن العمل بالجزارة أثبتن أنهن قادرات على التفوق وتحقيق النجاح. في هذا التقرير، نستعرض قصة هبة مصطفى، التي نجحت في تحويل مأساتها الشخصية إلى قصة نجاح ملهمة في عالم الجزارة.
هبة مصطفى، ابنة الشرقية الجميلة، تبلغ من العمر 36 عامًا وتعمل جزارة منذ حوالي 15 عامًا. بعد وفاة زوجها، لم تكن تعلم الفتاة الشابة التي تخرجت من دبلوم التجارة أن حياتها ستتغير تمامًا. فقدت زوجها محمود، الذي كان يعمل في مجال البناء، في حادث عمل أليم عندما سقط من أعلى السقالة. حصلت على تعويض مادي من الشركة، ولكن الحزن كاد أن يفتك بها لولا وجود طفلها الذي كان جنينًا في أحشائها.
ولادة الأمل مع كل ألم
بعد ولادة ابنها محمد، أدركت هبة أن الحياة يجب أن تستمر. وسط ضغوط الحياة، اشترت محل جزارة وبدأت مشوارها الجديد. تقول هبة: "الحمد لله في كل لحظة. رغم موت زوجي وحزني عليه، أشعر أنه معي ويبارك ما أفعل." بعد وفاة زوجها، اشترت المحل من جارها وصديق والدها، حيث كانت تجلس عنده وتراقب عمله عندما كانت صغيرة. بعد حصولها على دبلوم التجارة، عملت لديه فترة في الحسابات، مما جعلها تتعرف على مهنة الجزارة بشكل أفضل.
البداية الشاقة والتعلم المستمر
تصف هبة بداية عملها بأنها كانت شاقة للغاية. وتقول: "كنت أذهب إلى سوق المواشي لشراء العجول والخراف، وفي البداية كانوا يستغلون عدم معرفتي وخسرت الكثير من المال. كنت أبكي طول الليل، لكن إخوتي ووالدي لم يتركوني وحدي." تعلمت هبة مع الوقت كيفية اختيار العجل السليم وذبحه، وأصبحت تذبح الخراف بنفسها، على الرغم من صعوبة التحكم في ذبح العجول دون مساعدة الصنايعي.
تطوير العمل واستخدام اللحوم بشكل مبتكر
أصبحت هبة معروفة في قريتها والقرى المجاورة، وبدأت تطور عملها لتشمل تصنيع وبيع اللحوم الجاهزة للطهي. تقول هبة: "بدأت في صنع وبيع أطباق الكفتة الجاهزة، وكفتة الأرز، والبرجر، والبفتيك الجاهز، والممبار المحشي." كما تعرفت على الاستخدام الأمثل لكل قطعة لحم، حيث تستخدم الكتف والرقبة في السلق، والأضلاع في الشوي والتحمير، والجزء العلوي من العجل في صنع الفليه والستيك، ووش الفخذة في السلق مع الخضروات.
الأمل في المستقبل
تختتم هبة حديثها بالقول: "رغم كل ما مررت به من تعب وقساوة الحياة، إلا أنني أفرح بنجاحي في عملي ونجاح ابني محمد في دراسته. كل ما أتمناه هو أن أراه ضابطًا في المستقبل."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة