أدخنة القصف حجبت فرحة عيد الأضحى في بلاد الحروب والصراعات، فمن اليمن وسوريا ولبنان، إلى غزة الصامدة في حرب الإبادة، الآلاف قُتلوا تاركين نيران لا تهدأ في قلوب ذويهم، بعض يرقد البعض في المستشفيات ينتظر أن يمن الله عليهم بالشفاء، والبعض الآخر أُجبروا تحت جحيم نيران القصف على النزوح تاركين منازلهم متجهين صوب المجهول.
هذا هو الحال في الدول التي تعيش أجواء الحرب، وإن كان الوضع مختلفا فى غزة ، حيث أن نيران مدافع العدو الإسرائيلي لم تقوى على منع سكان قطاع غزة من أداء صلاة عيد الأضحى المبارك، حيث أدى الفلسطينيون في غزة، الأحد، صلاة العيد وسط الركام الذى خلفته الحرب الإسرائيلية الشعواء، وفوق أنقاض منازلهم.
وأقام الفلسطينيون صلاة العيد في مناطق مختلفة من قطاع غزة فوق الركام، وعلى أنقاض المنازل و المساجد وفي العراء، مصطحبين أطفالهم وأبناءهم، في أجواء تغيب عنها مظاهر الفرحة بقدوم العيد.
وقام عدد من ذوي الشهداء بزيارة مقابر الشهداء الذين يتساقطون للشهر التاسع على التوالي، وقراءة الفاتحة على أرواحهم، وتوزيع حلوى الكعك والمعمول على المواطنين؛ لا سيما الأطفال.
فيما أكد الخطباء في صلاة العيد، ضرورة زيارة عائلات الشهداء والجرحى والأسر، وصلة الأرحام؛ مشددين على ضرورة إدخال الفرحة على وجوه الأيتام من أبناء الشهداء، وعلى أبناء الجرحى والأسرى. وفق وكالة أنباء "وفا".
وعن كارثة النزوح فى غزة، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن مليونا و900 ألف من سكان قطاع غزة نزحوا من منازلهم منذ 7 أكتوبر الماضى، في حين أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن جميع سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن مئات الآلاف منهم باتوا بلا مأوى.
صلاة العيد فى غزة
وأوضحت أونروا، أن عدد النازحين يمثل 85% من سكان القطاع، وأن بعض العائلات اضطرت للنزوح عدة مرات، والتنقل المستمر بحثاً عن الأمان، كما أفادت أن نحو 1.4 مليون نازح يقيمون في 155 منشأة تابعة للأونروا في جميع محافظات القطاع الخمس، وأن 160 ألفا منهم شمال القطاع ومدينة غزة، وقالت إن نحو 500 ألف نازح يعيشون قرب المنشآت التابعة لها ويستفيدون من مساعداتها.
أطفال المخيمات
تُخبرنا منظمة "اليونيسف" أن عدد الأطفال الذين هُجروا من منازلهم بسبب النزاعات والعنف وأزمات أخرى بلغ 36.6 مليون طفل بحلول نهاية عام 2021، وهو أعلى عدد يسجل منذ الحرب العالمية الثانية.
ويشمل هذا العدد 13.7 مليون طفل لاجئ وطالب لجوء وزهاء 22.8 مليون طفل مهجّر داخلياً* بسبب النزاعات والعنف، ونوهت المنظمة فى تقرير لها على موقعها الرسمي ، بأن هذه الأعداد لا تشمل المهجرين نتيجة الكوارث الطبيعية والبيئية، كما لا تشمل الأطفال الذين هُجروا منذ بداية عام 2022، بما في ذلك من جراء الحرب في أوكرانيا.
أطفال غزة
ومن جانبها، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، إن هذا الرقم مثير للقلق، فعدد الأطفال الذين يتعرضون للتهجير بسبب النزاعات والحروب يتزايد بسرعة كبيرة، كما تتزايد مسؤوليتنا في الوصول إليهم، و آمل بأن هذا سيدفع الحكومات إلى منع تعرض الأطفال للتهجير وأن تقوم الحكومات، عندما يتعرضون للتهجير، بضمان إمكانيتهم في الحصول على التعليم والحماية والخدمات الضرورية الأخرى التي تدعم عافيتهم ونمائهم الآن وفي المستقبل.
وأوضحت أن عدد اللاجئين في العالم ارتفع بأكثر من ضعفين خلال العقد الماضي، ويشكل الأطفال حوالى نصفهم. ويعيش أكثر من ثلث الأطفال المهجرين في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (3.9 ملايين)، ويعيش ربعهم في أوروبا وآسيا الوسطى (2.6 مليون)، و(1.4 مليون) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وهناك مبادرات عديدة لمحاولة إدخال البهجة على قلوب أطفال المخيمات في العيد، من بينها أطفال مخيمات "إدلب" في سوريا.
ومن سوريا إلى جنوب لبنان لا يختلف الوضع كثيرا فمعاناة التهجير تطال أيضا 1000 نازح تحت نيران القصف الإسرائيلي الوحشى الذى اندلع منذ 7 أكتوبر، ويؤكد المواطنون اللبنانيون الذين اضطروا إلى ترك منازلهم أن مرارة النزوح لا تشعرهم ببهجة العيد، إثر القصف الإسرائيلي العنيف على بلدته.
وبسبب الاشتباكات المتواصلة بين حزب الله وإسرائيل، تجلت ظاهرة النزوح، خاصة بين العائلات التي تسكن بالقرب من خطوط التماس، مثل كفر شوبا وحولا والظهيرة وعيتا الشعب.
ويعانى أهل الجنوب مخاطر الحرب ويعيشون على وقع التهديدات الإسرائيلية اليومية بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، مع ما ينتج عن الحرب الدائرة في الجنوب من خسائر بشرية ومادية واقتصادية وسياحية.
المدافع لا تهدأ في السودان
وفى السودان لم تعرف الحرب الهوادة حتى في العيد، ومع أول أيام العيد شنت قوات الدعم السريع على إحدى القرى شرق سنار رغم النداءات الدولية المتكررة بوقف التصعيد .
إلى جانب ما خلفته هذه الحرب من شهداء ونازحين وأطفال بلا مستقبل .
آلام اليمن
لا تختلف آلام أهل اليمن عن غيرهم في بلدان الحرب، فمع دخول الحرب عامها التاسع تزداد الأوضاع تدهورا ، فالأزمة في اليمن مضاعفو في ظل أزمة النقص الغذاء وانتشار الأوبئة مثل الكوليرا .
كما بلغت أعداد النازحين ، أكثر من ثلاثة ملايين ومئة ألف شخص، يعيش هؤلاء أوضاعا مذرية فى ظل تردى الأوضاع العامة فى البلد الذى يعانى الحرب منذ سنوات .
ووفق تقرير صدر عن الحكومة اليمينة، فإن أكثر من 26 ألف شخص نزحوا داخلياً خلال النصف الأول من العام الجاري 2023، وأوضح التقرير الشهري، أن أغلب هذه الأسر نزحت من محافظة الحديدة وبنسبة 20%، تليها محافظة مأرب بنسبة 17 % ، ثم محافظة تعز بنسبة 11%، أما محافظة إب فقد سجلت ما نسبته 10% من إجمالي النزوح المسجل خلال فترة التقرير، أما بقية النسبة فقد توزعت على محافظات شبوة وذمار وريمة والبيضاء والضالع وعمران وأمانة العاصمة وحجة.
هذه الأوضاع المذرية دفعت بعض الأطفال إلى اللهو ببقايا الألغام ومخلفات الأسلحة، بديلا عن الألعاب المبهجة التي يلهو بها أقرانهم في العيد .
حرب لبنان
ومن اليمن إلى الجنوب اللبنانى، حيث يواصل جيش العدوان توجيه مدافعه لقصف بلدات الجنوب اللبناني ، غير آبه بقدسية هذه الأيام، فقد شن الجيش غارات على أطراف بلدتي كفرحمام وراشيا الفخار في قضاء حاصبيا ، وكفركلا و ميس الجبل.
تزامنت تلك الغارات مع تحذيرات متكررة من بريطانيا من احتمالات شن الجيش الإسرائيلى حربا على لبنان، جاء هذا وسط العديد من التحذيرات السابقة التي وردت إلى لبنان بكل اللغات المعترف بها دولياً وأممياً، وهو ما أعطاها نوعاً من الصدقية التي لها ما يبّررها. وفق " لبنان 24 ".
وسبق هذه التحذيرات ، تهديدات سافرة للبنان صدرت عن عضو مجلس الحرب الإسرائيلى بينى جانتس، حيث قال أنه "إذا تطلب الأمر قد نوسع الحرب فى الشمال"، مؤكدا أن الدولة اللبنانية ستدفع ثمن ذلك، وسنعيد مواطنى الشمال إلى منازلهم مهما كلفنا ذلك من ثمن".
وأمام هذا التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله، يستأنف المنسق الرئاسى الأمريكى لشئون أمن الطاقة العالمى آموس هوكستين، وهو الوسيط الأمريكي في ملف الجنوب اللبنانى، محاولاته للوصول إلى اتفاق يكفل وقف إطلاق النار وفى هذا السياق قام بزيارة إسرائيل اليوم الاثنين، للعمل على منع تحول التصعيد إلي حرب شاملة بسبب اشتداد القتال بين الجانبين خلال الأيام الماضية.
ومن جانبه، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى أن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب وتدمير البلدات عدوان تدميرى وإرهابى، ينبغى على المجتمع الدولى أن يضع حدا لتماديه وإجرامه، وقال سنحتكم للمرجعيات الدولية المختصة، ونجدد التزامنا بتطبيق القرار 1701 كاملا.
وأشار ميقاتى ـ في وقت سابق ـ إلى أن العدوان الإسرائيلى على الجنوب خلف وراءه حتى الآن 1000 نازح من قرى الجنوب و313 شهيدا، وحوالى 1000 مصاب، موضحا أن هناك العديد من الاجتماعات التي تُعقد مع منظمات الأمم المتحدة وسفراء الدول المانحة والمعنية، للنقاش حول ما يشهده الجنوب اللبنانى، موضحا ان لبنان طلب المساعدة، خاصة أن هناك حوالى كارثة كبرى متمثلة في الأضرار الواقعة في القطاع الزراعي حيث هناك 800 هكتار تضررت بشكل كامل، و340 ألف رأس ماشية فقدوا وحوالى 75 % من المزارعين فقدوا مصدر دخلهم النهائي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة