دائما ما تسأل نفسك عن الحب؟ إذن هل سمعت من قبل عن التفكير المقتحم؟ إن الحب وما يتعلق به من شواغل، لا يتوقف الحديث عنها، ولا تتوقف الكتب والأفكار عن مناقشتها، ومن ذلك كتاب " لماذا نحب؟ طبيعة الحب وكيمياؤه" لـ هيلين فيشر.
يقول الكتاب تحت عنوان: التفكير المُقْتحِم
واحد من الأعراض الرئيسية فى الحب الرومانسى هو التفكير الاستحواذى المُفرِط فى المحبوب. وهو معروف لدى علماء النفس باسم "التفكير المُقتحِم"، فأنت ببساطة لا تستطيع أن تُخرجَ حبيبك من رأسك.
والأمثلة على التفكير المقتحِم تظهر بغزارة فى الأدب، الشاعر الصينى ابن القرن الرابع، تزوييه، كتب: "كيف يمكننى ألَّا أفكرَ فيك …" وكذا شاعر يابانى مجهول عاش فى القرن الثامن كتب يئنُّ: "اشتياقى لا نهاية له فمتى ينقطع." جيروت دى بورنيل، شاعر التروبادور الفرنسى ابن القرن الثانى عشر، أنشد يقول: "عبر عشق عظيم … أفكار تُعذِّبنى على نحو غير رحيم" أما المواطن النيوزيلاندى فقد عبَّر عن معاناته بتلك الكلمات: "أرقد يقِظًا ليلةً بطول العمر/لكى يفترسَنى العشقُ سرًّا".
ربما المثال الأكثر إدهاشًا للتفكير المقتحِم يأتى من القطعة الأدبية القروسطية فى ولفارم فون إيشنباتش، للأديب بارزيفول، فى تلك القصة، كان بارزيفول يركب حصانَه ويتهادَى به على إيقاع الخبب حينما شاهد فوق جليد الشتاء ثلاثَ قطرات من الدماء، مختبئات تحت بطة جرحَها صقرٌ.
ذكَّرته قطراتُ الدم بمزيج المرمر مع اللون القرمزى فى بشرة زوجته، كوندويرامورس، ومشلولًا بالمفاجأة، جلس بارزيفول فى حال من التأمل، متجمدًا فى سرج فرسه. "وهكذا، تلبسه إلهام التأمل، تائهًا فى أفكاره، حتى هجرَته حواسُّه. العشقُ الهائل أسرَه فى حال من الاستعباد".
لسوء الحظ، كان بارزيفول حاملًا رمحه المسنون — رمز الفروسية والتحدي. وسرعان ما لاحظه فارسان كانَا يعسكران فى مرج قريب مع الملك آرثر، فركضَا نحوه ليبارزاه، ليس قبل أن يغطى أتباع بارزيفول قطرات الدم بوشاح أصفر، ثم أفاق من غيبوبة العشق، فامتشق سلاحه، وتأهَّب للمعركة المميتة.
الحبُّ جبَّار، وليس مدهشًا، إن 79٪ من الرجال و78٪ من النساء فى استطلاعى قرروا أنهم أثناء وجودهم فى الفصل الدراسى أو فى العمل كانت أذهانهم تعود باستمرار لمعشوقيهم. وإن 47٪ من الرجال و50٪ من النساء وافقوا على عبارة "مهما بدأ عقلى فى التفكير، إلا أن عقلى دائمًا ينتهى بالتفكير فى …" استطلاعات أخرى سجَّلَت النتائح نفسها.
وسجل المشاركون فى الاستطلاع أنهم يفكرون فى "أحبتهم" حوالى 85٪ من ساعات صحوهم.
كم كان ميلتون ذكيًّا فى "الفردوس المفقود"، حين جعل حواء تقول لآدم: "باستحواذك لي، أنسى الوقتَ كلَّه".