"طيارة وكعبة وجبل عرفات" بهذه الرسومات تتزين منازل الحجاج فى قرى صعيد مصر، احتفالاً بقدوم الحاج من الأراضى المقدسة بعد إتمام مناسك فريضة الحج.
فى محافظة أسوان، تحدث شاذلى باغر، من أهالى قرية أقليت لـ"اليوم السابع"، عن طقوس أبناء الصعيد فى الاحتفال بالحاج قائلا: جرت العادة منذ زمن إظهار الفرحة بالحاج المؤدى فريضة الحج وعلى منزله من خلال تزيين منزله برسومات الحج.
وأضاف شاذلى باغر، أنه بمجرد سفر الحاج للأراضى المقدسة تبدأ عملية رش المنزل من الخارج بالألوان الموحدة وفى الغالب يكون لون أزرق ثم يتم إحضار أحد رسامين الجداريات المتخصصين فى هذا المجال لرسم الرسومات التى تشير إلى فريضة الحج ومنها: "الكعبة بلونها الأسود والطيارة التى يستقلها الحجاج للسفر إلى المملكة العربية السعودية وكذلك جبل عرفات وغيرها من الرسومات"، بجانب كتابة عبارات الحجيج مثل: "لبيك اللهم لبيك" وغير ذلك.
أعمال-التخطيط-والجداريات
وتابع، أن أيضاً من ضمن الطقوس فى استقبال الحجيج، إقامة احتفالية دينية بمناسبة قدوم الحجيج وقديماً كانوا يركبون الحاج حصان يطوف به شوارع القرية، بجانب مظاهر الفرحة فى منزل الحاج وتوزيع الحلوى والشيكولاته وتشغيل أغانى فلكلورية عن الحج، كأغانى فاطمة عيد "رايحه فين يا حاجة" وأغانى عبد الواحد البنا "أبواب مكة" وغيرهم.
فى المقابل، اشتهر عيد السلواوى برسومات الحج على جدران المنازل فى صعيد مصر، ويتحدث الفنان الأسوانى الذى تجاوز عمره 70 سنة، قائلاً: بدأت مبكراً فى رسومات الحج منذ أن كنت طفلاً وتعلم هذا الفن من عمه الذى كان محترف فى رسم جداريات الحج، وتابع: أبذل مجهوداً كبيراً فى تطوير هذا الفن الذى أوشك على الاندثار.
وأوضح الفنان عيد السلواوى، أن الرسمة الواحدة من رسومات الحج تستغرق نحو ساعة من الوقت، وساعتين أحياناً، لأن بعض الرسومات بها تفاصيل معينة لابد من إبرازها سواء فى حركة الأشخاص أو فى إظهار المناسك، بينما يستغرق رسم جدران المنزل بالكامل يوم متواصل.
وأشار، إلى أن رسومات الحج عبارة عن رحلة الحاج، مثل ركوبه الطائرة والطواف بالبيت الحرام والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بجبل عرفات وزيارة قبر المصطفى عليه السلام، مدعومة ببعض الآيات القرآنية والكتابات الشهيرة لتهنئة الحجيج.
وفى الأقصر، هو فن وتراث شعبي تتوارثه الأجيال منذ عشرات السنين ولا يزال يحظى بإهتمام الجميع مع دخول موسم الحج سنوياً، وهو رسم ونقش منازل الحجاج وعمل صور لرحلة الحج بالمراكب والطائرات والجمال في مشاهد بديعة باسم الحاج أو الحاجة التي تزور الأراضي المقدسة خلال تلك الفترة، حيث إنه قبل أيام من عودة حجاج بيت الله الحرام من الأراضى المقدسة تقوم الأسر بجلب الخطاطين والرسامين لتجميل واجهات منازل الحجاج بالرسومات والكلمات الدينية التي تعبر عن موسم الحج لتدوين تلك الرحلة للحاجز.
ومن أبرز نجوم الرسومات على واجهة منازل الحجاج هم كل من أحمد الطيب النجار ابن البر الغربي، والشاذلى السنوسي ابن شرق الأقصر، وغيرهم من نجوم الرسم والنقش على المنازل للحجاج، حيث يقول الشاذلى السنوسي إنه تعلم منذ طفولته على يد والده أشهر فنانين الأقصر، ويشارك فى المسابقات والمعارض الفنية ويحصد برفقة أشقاؤه المراكز المتقدمة على مستوى الجمهورية، كما قرر أن يسير على نهج والده ورسم منازل الحجاج فى كل عام مع سفر وعودة الحجاج من الأراضي المقدسة، فقد تعلم فن الخط العربى والرسم التراثى على جدران المنازل وكورنيش النيل وجداريات مختلفة حول الأقصر.
ويضيف الشاذلى السنوسي في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إنه يقوم كل عام مع دخول موسم الحج بالمشاركة برفقة أشقاؤه الصغار في عمل رسومات بديعة في واجهات منازل الحجاج بالأقصر، موضحاً إن التراث يتنوع ما بين آيات قرآن كريم وأدعية دينية ورسومات لوسائل سفر وعودة الحجاج للأراضى المقدسة، وكذلك فعاليات وروحانيات الحج التي يقوم بها الحاج في المشاعر الدينية المختلفة، حيث يقوم بعمل كتابات الخط العربى بأشكال متنوعة فى واجهات منازل الحجاج وهو متخصص فى هذه الرسومات والأشكال أمام منزل من يزور بيت الله الحرام.
فيما صرح الفنان أحمد الطيب النجار إبن البر الغربى، إنه يقوم كل عام منذ أكثر من 40 سنة بعمل الرسومات والنقوش أمام منازل حجاج البر الغربى، حيث إنه قبل أيام من عودة حجاج بيت الله الحرام من الأراضى المقدسة، يتم التعاون معهم لبدء تجميل واجهات منازل الحجاج بالرسومات والكلمات الدينية التى تعبر عن موسم الحج لتدوين تلك الرحلة للحاج، موضحاً إنه تعلم تلك المهنة عبر الدراسة حيث أنه حصل على الشهادة الثانوية الزخرفية ويهوي الرسم منذ طفولته.
ويضيف الفنان الطيب النجار لـ"اليوم السابع"، إنه يقوم برسم واجهات منازل منذ حوالى 40 سنة مضت، حيث بدأ رحلته في رسم منازل الحجاج وتجميلها في عام 1984 بمدينة القرنة، ولا يزال يرسم كل ما يدل على رحلة الحج الجميلة، حيث يقوم بتزيين منازل الحجاج بالنقوش والرسومات المعبرة عن موسم الحج والمحبة والسعادة بين الحجاج.
وتشمل العبارات على منازل الحجاج "وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالاً"، و"حج مبرور وذنب مغفور"، ورسومات الكعبة الشريفة ورفقة الغار وبيت الله الحرام، وجبل عرفات، وغيرها من مراسم الحج المبارك، حيث انه يتم أيضاً رسم تفاصيل رحلة الحج من الألف للياء بحسب طلب أسرة الحاج من الخروج من المنزل وحتى الوصول للأراضى المقدسة والطواف والوقوف بجبل عرفات ورمى الجمرات والعودة بالبواخر والطائرات وخلافه.
وفى محافظة قنا، ارتبطت مظاهر الاحتفال بالحاج عن طريق رسوم على منزله بعد عودته من أداء المناسك وكتابة عبارات عن الحج، فكلمات تجولت في شوارع القرى ستجد تلك المظاهر والرسومات، هنا على أحد المنازل رسوم لطائرة وسفينة وغار حراء وبمنزل مجاور مبني من الطوب اللبن عبارات الحج ورسوم أيضًا لسفينة وحمام غار حراء وحجاج يؤدون المناسب، وجميعها من الموروثات الشعبية التي حافظ عليها أبناء قنا.
قال أحمد الأسد، رسام بقنا، أنه في كل عام يقوم برسم رسومات خاصة بالحج لها طابع خاص لأنها تعيد إحياء التراث مرة أخري ومنها رسم الكعبة والطائرة والتي تميزت به القري في محافظة قنا، والذي ما زال متواجد حتي اليوم ويجب الحفاظ عليه، حيث تعبر تلك الرسومات عن كل ما هو قديم وجميل، وأن الهدف ليس ماديًا في المقام الأول ولكن لكي يعيد مرة أخري المظاهر القديمة وجمع لم الأسر، ويمكن أن يستغرق العمل عدة أيام في المنزل الواحد.
وأوضح الأسد، أن توثيق رحلة الحج من المظاهر الإيجابية في محافظة قنا وصعيد مصر ويعكس مدى ارتباط الأهالي بالشعائر الدينية وأعظمها الحج، كما يدل على فرحة أصحاب المنزل برحلة الحاج وهو الحلم الذي يسعى إليه المسلم ويحمل مشاعر خاصة وفرحة كبيرة.
وقال حسان محمد، رسام، إن نقوش الحج من الموروثات الشعبية التي يعتمد عليها أهالي محافظة قنا ولاسيما في القرى وهي توثق معاد رحلة الحج واسم الحاج أمام المنزل وكانت في السابق ترسم على المنازل التي بنيت من الطوب اللبن ورغم صعوبة الرسم والتلوين عليها إلا أنها ما زالت متواجدة إلى وقتنا هذا على بعض المنازل بالألوان الزاهية الأصفر والأزرق والأحمر، وفي الوقت الحالي يوثق صاحب رحلة الحج الرحلة عن طريق رسوم الكعبة والطائرة وغار حراء والحمامة وكتابة عبارات مثل "حج مبرور وسعي مغفور".
العبارات-التى-كانت-تستخدم-فى-الحج-قديما
الكعبة
آيات-قرانية
رسامين-الأقصر
غار-ثور