اضطر طلاب الثانوية العامة فى قطاع غزة فى خضم الحرب المستمرة على القطاع منذ أكثر من 8 شهور إلى تعليق أحلامهم للعمل أولا على النجاة مع عائلاتهم قبل المضى قدما نحو مستقبل غير واضح.
وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن كريم المصرى أحد سكان قطاع غزة الذى أمطرته قذائف وذخائر جيش الاحتلال الإسرائيلى منذ 7 أكتوبر الماضي، كان من المفترض أن يخوض امتحاناته النهائية فى المرحلة الثانوية، صباح اليوم /السبت/ ليكون على بعد أسابيع قليلة من التخرج والانتقال إلى الجامعة، لكن بدلاً من ذلك، أمضى كريم صباحه فى ملء أكياس المياه وتجميدها لتحويلها إلى ثلج وبيعها لإعالة أسرته.
وقال المصرى (18 عاما) إنه كان ينبغى أن يدرس فى الوقت الحالى استعدادا لامتحاناته النهائية، "لكن بعد مرور أكثر من 8 أشهر على الحرب أقضى أيامى فى العمل لإعالة أسرتى حتى تتمكن من التكيف مع الموقف" على حد تعبيره.
ويعتبر المصرى واحدا من نحو 39 ألف طالب فى غزة لم يتمكنوا من أداء امتحاناتهم النهائية للمرحلة الثانوية والتى كان من المقرر أن تبدأ اليوم فى جميع أنحاء الأراضى الفلسطينية والأردن، لكن هؤلاء الشباب والفتيات لن يتمكنوا من التخرج، بحسب ما نقلت الصحيفة عن وزارة التعليم الفلسطيني.
وسلطت "نيويورك تايمز" الضوء على الدمار الذى لحق بالمنظومة التعليمية الفلسطينية فى قطاع غزة، حيث يوجد ما لا يقل عن 625 ألف طفل محرومون من التعليم فى غزة، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين ( أونروا)، مع إغلاق المدارس منذ بدء الحرب فى أكتوبر الماضي، بعد ما يزيد قليلاً عن شهر من بدء العام الدراسي.
وبفعل الدمار، أصبحت أكثر من 76% من المدارس فى غزة تحتاج إلى إعادة بناء أو إعادة تأهيل لتتمكن من العمل مرة أخرى، بعد الهجوم الإسرائيلى الذى دام عدة أشهر، وفقاً للأونروا التى تدير العديد من المدارس فى قطاع غزة، فقد تم استخدام غالبية هذه المدارس كملاجئ لإيواء العديد من العائلات النازحة فى غزة والتى يعيش معظمها فى ظروف بائسة.
وأضاف كريم المصرى أنه كان يحلم بدراسة تكنولوجيا المعلومات فى الجامعة الإسلامية بغزة أو الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وكلاهما دمرهما القصف الإسرائيلي، وتعرضت جميع جامعات غزة الـ12 لأضرار جسيمة أو دمرت بسبب القتال، وفقا للأمم المتحدة.
وبدلاً من أن يعلق آماله على العودة إلى المدرسة والتخرج، أكد المصرى أن الحرب غيرت أولوياته ويركز الآن على العمل لمواصلة دعم أسرته، مشيرا إلى أنه أثناء مروره من أمام مدرسته يراها "تحولت إلى ملاجئ" وعندما يلقى نظرة خاطفة على الداخل "يشعر بالألم".
بدورها، قالت إسلام النجار (18 عامًا) التى كان من المفترض أن تؤدى أول امتحان نهائى لها اليوم، إن مدرستها فى دير البلح التى فر إليها العديد من سكان غزة بسبب الهجوم الإسرائيلى على رفح، قد تحولت أيضاً إلى ملجأ.
وأشارت النجار: "لا أستطيع أن أتخيل العودة لرؤية مدرستي، المكان الذى نتعلم فيه، وقد تحولت إلى مأوى مليء بالنازحين الذين يعيشون فى ظروف بائسة"، مضيفة "عندما نعود لن نرى نفس الوجوه" فى إشارة إلى زميلتها فى الصف ومدرسيها ومديرتها الذين قتلوا خلال الحرب.
ولا تزال إسلام النجار متفائلة بإمكانية العودة إلى المدرسة والتخرج، لافتة إلى أنه "رغم العقبات الكثيرة التى تعترض كل ما نريد تحقيقه فى غزة"، فإنها تحلم بالدراسة فى الخارج ووضعت نصب أعينها جامعة هارفارد أو جامعة أكسفورد لدراسة إدارة الأعمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة