أيام قليلة وتحل علينا الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، التى ستظل محفورة فى وجدان الشعب المصرى والتاريخ، فهى العلامة الفارقة فى تاريخ مصر خلال العقود الأخيرة، الثورة التى خاضها الشعب المصرى العظيم وشارك فيها الملايين من مختلف فئات الشعب لإنقاذ الدولة المصرية من مصير مجهول كان ينتظرها على أيدى الجماعة الإرهابية.
وبتلك المناسبة عرض تقرير سابق أعدته الهيئة العامة للاستعلامات أهم الأسباب التى أدت إلى ثورة 30 يونيو، حيث أنهى الشعب المصرى حكم محمد مرسي، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها فى الحكم. ارتكب خلالها أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينه وبين الشعب فى خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر التى كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار.
وجاءت تلك الأخطاء التى تسببت فى استياء الرأى العام الشعبى بحسب التقرير في:
1 - السياسية الخارجية:
فشلت الزيارات المتعددة التى قام بها محمد مرسى شرقاً وغرباً فى فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة فى العالم، وبات واضحاً أن علاقات مصر الخارجية تقزمت فى دول بعينها تدعم حكم الإخوان فى مصر.. وتراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة فى العالم العربى.
2 - مياه النيل:
معالجة سلبية للغاية لمباشرة اثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت عن الافتقاد لأسس التعاطى مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة. فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوى السياسية وبثه على الهواء بما ساهم فى توتر العلاقات مع الجانب الاثيوبى وأجهض أسس الحوار السياسى معه.
الاستمرار فى الخطى السياسية السابقة المتقاعسة عن تفعيل التعاون البناء فى المجالات المختلفة مع دول حوض النيل، بما يدعم من سبل الحوار السياسى معها حول الأزمات المختلفة.
3 - العلاقة بين أبناء الوطن الواحد:
رسخ حكم مرسى على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً على هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف فى أغلب الأحيان بــ "العلماني". وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والانتاج، اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض.
عمل حكم مرسى وبسرعة كبيرة على ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامى الشعور المعادى له من يوم لآخر.
4 - الدفاع والأمن:
افتعال الأزمات الرامية إلى تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمني، وكانت أبرز المشاهد احياء ذكرى أحداث محمد محمود، وستاد بور سعيد، واحداث قلاقل أمنية من أن لآخر بالعديد من المحافظات خاصة بور سعيد والسويس.
إصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التى تسببت فى زيادة الضغط الشعبى على الجهاز الأمنى بالخروج فى مظاهرات عارمة إلى الاتحادية والتحرير، فشهدت مصر أول حالة سحل لمواطن على مرأى العالم أجمع.
الإفراج عن سجناء جهاديين من ذوى الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من انفاق التهريب مع قطاع غزة التى حظيت بكل الدعم والحماية من رئيس الدولة ذاته، نفذت هذه الجماعات فعلاً خسيساً بالإجهاز على 16 شهيداً من الأمن وقت الإفطار فى رمضان، وبعد أشهر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنها بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة الرئيس للإفراج عن الجنود. فضلاً عما تكشف بعد إقصاء هذا الرئيس من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان فى حربها الإرهابية ضد الدولة.
5 - الأمن الغذائى والخدمي:
استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومى يسعى لوقف جشع التجار، رغم سعى الحكم إلى تحسين منظومة توزيع الخبز، وعبوات البوتجاز.
تكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر على الحركة الحياتية للمواطن، وأنعكس ذلك على الانقطاع المتكرر للكهرباء.
بدا واضحاً اتجاه الحكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.
6 - الثقافة والفنون والآداب:
اتجاه واضح نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، إلى إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.
7 - الإعلام والصحافة:
اشتعل العداء مع الإعلام لدوره السريع فى كشف المساوئ أمام الرأى العام، وبات الإعلام الذى لعب دوراً جوهرياً فى تعريف المرشح الرئاسى محمد مرسي، وجماعته للرأى العام المحلى. هدفاً مباشراً لتحجيمه، بل واقصاء رموزه.
وسعى بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، فى محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخوانى من جهة، والحد من تأثير الإعلام المضاد من جهة ثانية.
8 - القضاء والحريات العامة:
افتعال أزمات متتالية مع القضاء، بدءً من إقصاء النائب العام، إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار الرئيس، ثم محاولة تحجيم دورها فى دستور ديسمبر 2012، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، تسببت فى إثارة غضب الرأى العام، الذى عبر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الرئيس، فعاد الرئيس عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضى فى أخرى مما تسبب فى زيادة الحنق الشعبى عليه وعلى جماعته.
استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل على سن تشريع يقضى بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصى عدة آلاف منهم ليحل بدلاً منهم انصار الحكم.
وكانت الضربة الأخيرة التى سددها القضاء للرئيس المقصى هى الإشارة اليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله فى واقعة اقتحام سجن وادى النطرون.
9 - النقل والمواصلات:
تعهد مرسى بحل مشكلة المواصلات ضمن خمس مشاكل تعهد بحلها خلال المائة يوم الأولى من حكمه، فاستفحلت مشكلة المواصلات خلال العام الذى شهد كوارث يومية للطرق ابرزها حادث مصرع 50 طفلاً على مزلقان بأسيوط.
لم يشهد العام من الحكم تشييد أى من الطرق الجديدة، أو اصلاح الطرق القائمة، فضلاً عن تراجع أداء مرفق السكك الحديدية.
10 - الاقتصاد والمال:
تراجع معدلات النمو.. زيادة الدين العام.. تآكل الاحتياطى النقدى.. تهاوى مؤشرات البورصة..تراجع تصنيف مصر الائتمانى.. كلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعرف سوى الخراب والفشل الذى استشرى فى جسد الدولة كالسرطان، فبدلا من محاولة النهوض بالبلاد وتشجيع الاستثمار، كان يتم محاربة المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونة المناصب الاقتصادية فى الدولة مثل وزارة المالية ووزارة الاستثمار، دون أى اعتبار لمعايير الكفاءة أو القدرة على إدارة هذه المناصب الحيوية.. الوضع الكارثى لحالة الاقتصاد فى عهد «الجماعة» تجلى فى أوضح صوره، وجسدته الأرقام، حيث أشارت إحصاءات البنك المركزى إلى العديد من الأرقام الكارثية، فارتفع الدين العام خلال فترة حكم الإخوان بنحو 23.36% بعدما سجل مستوى 1527.38 مليار جنيه مقارنة بفترة المقارنة فى عام 2012 والتى كانت مستويات الدين عند 1238.11 مليار جنيه، كما زادت نسبة الدين العام المحلى إلى الناتج المحلى بنحو 10%، بعد أن ارتفعت من 79% إلى نحو 89%، إلى جانب استمرار تآكل الاحتياطى النقدى من الدولار لدى البنك المركزى فوصل إلى نحو 14.93 مليار دولار بدلا من 15.53 مليار دولار بنسبة انخفاض قدرها 3.8