قالت الدكتورة حنان حسن بلخى المدير الاقليمى لشرق المتوسط خلال مؤتمر صحفى، إن الأزمةَ الصحية في غزة آخذة في التصاعدِ وصولاً إلى مستويات مروعة، فلقد اضطرَّ أكثرُ من مليونِ شخصٍ في رفح إلى النزوح مرة أخرى، وذلك منذ أوائل مايو. وباستثناء مستشفى ميداني تابع للَّجنة الدولية للصليب الأحمر، فإنه لم تعد في رفح أي مستشفيات عاملة، وعلاوة على ذلك فإنه يوجد 10 آلافِ شخصٍ على الأقل عالقون داخل غزة بينما هم في حاجةٍ ماسة إلى عمليات الإجلاء الطبي، وذلك على الرغم من أن العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم مستعدة لتقديم المساعدة.
ولقد شددتُ في المؤتمرِ الأخير في الأردن، المعني بالاستجابة الإنسانية العاجلة في غزة، أن دعواتنا المستمرة لحماية مرافق الرعاية الصحية وتأمين وصول مستدام للمساعدات لم يجر تلبيتها حتى الآن.
وأما في السودان، فلقد بلغ عددُ النازحين 12 مليونَ شخصٍ منذ تصاعد النزاعِ في أوائل عام 2023, وثمة خطرٌ داهمٌ بحدوثِ مجاعةٍ في أجزاء من الخرطوم ودارفور ومناطق كردفان، في ظل استمرار حرمان الناس من الغذاء والمساعدة الصحية. ونحذرُ أن قرابة مليونَي شخصٍ على شفا مستوى كارثي من الجوعِ. وعلاوة على ذلك، لا تزال مرافق الرعاية الصحية وفرقها تتعرض للهجمات. وفي 21 يونيه، شن هجوم على مستشفى الولادة الوحيد العامل في الفاشر، في شمال دارفور، وبسبب هذا الاعتداء، أصبح المستشفى يعمل بشكل جزئي فقط.
هذه هي الحقائق المروعة في إقليمنا، حيث تسبب تسييسُ الصحةِ في فرض قيود صارمة على العاملين في المجالِ الإنساني وتعطيل وصول المساعدات إلى ملايين الرجال والنساء والأطفال، ومن ثَمَّ مواجهة معاناة لا تطاق.
وأضافت ، إنه مهما قلت فلن أكون مُبالِغةً في التشديد على الضرورة الملحة لاحتواء الكوارث الإنسانية المستمرة من خلال وقفٍ فوري لإطلاق النار وإيجاد حلول دائمة للسلام، وتشتد أهميةُ ذلك أكثر وأكثر مع التنامي الشديد للأثر الإقليمي للحرب في غزة.
ورغم الظروف الصعبة التي لا يمكن تصوُّرها، تواصل فِرقُنا تقديم الخدمات، بينما هم معرضون لخطر يهدد حياتهم وسلامتهم النفسية. فلقد واصلنا طوال الوقت مهماتنا الرامية إلى نقل المرضى في داخل غزة وتزويد المستشفيات بالإمدادات المنقذة للأرواح. وعلى امتداد الأشهر الثمانية الماضية، أظهرت فِرقُنا العاملة في الميدان المعنى الحقيقي لتقدير كل حياةٍ بشرية، وإنني حقًّا مذهولة بشجاعتهم في إعلاء قيم منظمةِ الصحةِ العالمية.
وتمكَّنت المنظمةُ أيضًا من إيصال المساعدات إلى مناطق التي يصعبُ الوصول إليها في السودان، ومنها مثلاً جنوب كردفان ، والخرطوم والجزيرة. وشملت المساعدات إمدادات طبية بالغة الأهمية مثل لوازم إسعاف المصابين في حالات الطوارئ، والإمدادات الطبية لعلاج الكوليرا والملاريا، ومجموعات أدوات التغذية لعلاج سوء التغذية.
في المدةِ القصيرةِ التي انقضت منذ توليت منصبي، زرت 9 بلدان وأعتزم – هذا العام - زيارة جميع الدول الأعضاء في الإقليم البالغ عددها 22 دولة، ولو لمرة واحدةٍ على الأقل.
إن كثرة العوامل التي تقع خارج نطاق قطاعِ الصحةِ لكنها في الوقتِ نفسه تؤثر على صحةِ الناسِ تأثيرًا مباشرًا لهو واحد من أكبر وأهم التحديات التي اتضحت بجلاء في أثناء زياراتي.
فالصراعُ السياسي والفقر والتدهورُ الاقتصادي والنزوحُ الجماعي وانعدامُ الأمن الغذائي والمائي - كلها عوامل تؤثر مجتمعةً بالسلبِ على الحصائل الصحية.
ومع ذلك، تقع المسؤوليةُ الرئيسية للتصدي للعواقب الكارثية على عاتقنا بصفنا جهات فاعلة في القطاع الصحي.
وقد حدثني مسؤولو الصحة والشركاءُ في مجالِ الصحة والعاملون الصحيون أنفسهم - من جميع أنحاء الإقليم - عن التحديات التي يواجهونها في معرض الاستجابة للاحتياجات المتزايدة في ظل موارد محدودة للغاية. ومثال ذلك أن الأضرارُ التي لحقت بالبنية التحتية، وتأثير العقوبات على إتاحة الأدوية والمعدات الطبية، وهروب العاملين الصحيين بسبب انعدام الأمن كلها عوامل قد تسببت في إضعاف النُظُم الصحية في كثير من البلدان، وحرمان الكثير من الناس من الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها على وجه السرعةِ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة