اعتبرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، فى مقال رأى نشرته اليوم الثلاثاء، أن تنظيم داعش الارهابى لايزال يمثل تهديدًا لا ينتهى أبدًا وذلك بعدما عاد مؤخرًا على ساحة الإرهاب العالمية من خلال هجمات عديدة شنها مؤيدوه فى دول عديدة لتُذكر العالم بمدى الخطر الذى كان يُشكله التنظيم قبل سنوات قليلة.
واستشهدت الصحيفة في بداية مقالها، الذي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف، على استمرار تأثر المؤيدين لداعش بالرسالة الأخيرة التي وجهها أبوبكر البغدادي قبل ستة أشهر من مقتله في غارة أمريكية عام 2019 حث فيها أتباعه على مواصلة سعيهم ضد ما وصفهم من الأعداء ، قائلا:"معركتنا اليوم هي معركة استنزاف، عليهم أن يعلموا أن الجهاد والحرب مستمر حتى يوم القيامة، وأمر من تبقى من المؤيدين بمهاجمة فرنسا الصليبية وحلفائها".
وأكدت فاينانشيال تايمز أنه رغم انحسار داعش في السنوات التي تلت ذلك إلى حد كبير من الصفحات الأولى في صحف وإعلام الغرب، إلا أن العام الجاري قدم بالفعل تذكيرًا صارخًا بأن المؤيدين ما زالوا يستجيبون لدعوة البغدادي .. مشيرة إلى الهجوم الأخير الذي تبنته داعش على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو في مارس الماضي وأدى إلى مقتل 143 شخصًا، كما أعلنت السلطات الروسية هذا الشهر مقتل 6 عناصر تابعين لداعش احتجزوا موظفين اثنين كرهائن بمنطقة روستوف بجنوب البلاد وقالت فرنسا إن فرعًا لداعش حاول أيضًا شن هجمات متعددة على أراضيها.
ولقي ما لا يقل عن 20 شخصًا حتفهم أمس الأول الأحد، في منطقة داغستان الروسية بعد أن هاجم مسلحون كنائس ومعابد يهودية في مدينتين ، وفي حين لم تعلن أي جماعة مسئوليتها عن الهجوم حتى الآن فقد تم الإشادة بإطلاق النار على بعض قنوات التواصل الاجتماعي التابعة لداعش.
وحذر مسئولون في برلين هذا الشهر ، مع استضافة بلادهم بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم 2024، من أن ألمانيا قد تشهد هجومًا على نفس النطاق الذي شهدته موسكو.
وبحسب الصحيفة ، فإن داعش بقيادة أبوحفص تعمدت إلى نقل المعارك إلى الاتباع والمؤيدين خاصة بعدما أصبحت بدون خلافة تجذب المقاتلين من جميع أنحاء العالم ولا تربط الأيديولوجية بالمظالم المحلية.
وتعليقًا على ذلك..قال أليكس يونجر الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني (MI6 ) في إشارة إلى داعش:" لقد كان تنظيم داعش خراسان دائمًا فعالاً جدًا في نشر أيديولوجيته ما دفعنا إلى تسميته بنهج نايكي".. مشيرًا إلى أن التنظيم قام بتوسيع شبكة فروعه بشكل كبير وأن فرع خراسان يعمل حاليًا على زيادة هجماته الخارجية حتى تم ربطة هذا العام بتفجيرات في إيران أدت إلى مقتل ما يقرب من 100 شخص وهجوم على كنيسة في تركيا ومؤامرة فاشلة لشن هجوم ضد برلمان السويد.
وتأسست داعش قبل عقدين من الزمن وسط تنامي التمرد ضد الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة للعراق وحكمت فيما بعد مساحات واسعة من العراق وسوريا وفرضت قوانين صارمة على ملايين الأشخاص حتى اصبح اسم التنظيم مرادفًا للوحشية الشديدة والفظائع الجماعية ، ولكن بحلول عام 2019، تم الإعلان عن الهزيمة الإقليمية للتنظيم، لكنه عاد إلى تكتيكات المتمردين وانقسمت إلى فروع إقليمية.
ورأى خبراء أن الهدف من الهجمات الأخيرة، بعد مرور عقد من الزمن على فظائع داعش التي احتلت العناوين الرئيسية للأخبار مع تزايد وتيرة الهجمات الكبيرة في أوروبا وقطع رؤوس الصحفيين واستعباد آلاف النساء والفتيات، معظمهن من الأقلية الايزيدية، في العراق، هو فقط للفت الانتباه.
وقال شيراز ماهر مدير المركز الدولي لدراسة التطرف ، في تصريح خاص للصحيفة ، :" في نظر الشخص العادي في الشارع، داعش انتهت وانتهت منذ سنوات، ومثل هذه الهجمات تجعلهم يقولون : لا تنسونا، نحن مازلنا هنا وما زلنا نشكل تهديدًا".
ويقول مسؤولون أمنيون حاليون وسابقون : إن هناك دلائل على تزايد الثقة بين داعش وتنظيم القاعدة لأن التركيز المتصور للأجهزة الأمنية الغربية ربما يكون قد تحول على الرغم من أن تحذير المخابرات الأمريكية قبل هجوم موسكو أظهر أن الوكالات الغربية ظلت على اطلاع بالتهديد.
وقال أحد هؤلاء المسؤولين - ممن لم تكشف الصحيفة عن هويتهم:" عندما ننظر في خطر المؤامرات ضد أوروبا التي يتم توجيهها أو تمكينها من الخارج، فإن داعش خرسان في طليعة أذهاننا".
وتهدف الجماعة التابعة إلى إنشاء خلافة خاصة بها في خراسان، وهي منطقة تمتد عبر أجزاء من شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى ، وبعد أن استعادت حركة طالبان السلطة في أفغانستان في عام 2021، أصبح تنظيم داعش خراسان ألد خصم لها، حيث قاتل تمردًا دمويًا واستخدم أفغانستان كقاعدة لشن هجمات في أماكن أخرى. ولا تزال شراسة داعش أكثر وضوحًا في أفريقيا.
ووفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي، فقد تحول بؤرة الإرهاب بشكل حاسم، ولم يعد العراق من بين الدول العشر الأكثر تضرراً.