تتنوع مقتنيات المتحف المصري ومنها رأس الطين من حضارة مرمدة بنى سلامة، وتعد من أقدم المنحوتات الفنية في الحضارة المصرية القديمة فيما نعلم حتى الآن ورغم بساطتها إلا أنها تحمل قدرًا كبيرًا من التعبير الفني.
اتخذت تلك الرأس هيئة بيضاوية، حيث تعمد الفنان أن يختصر ملامح الوجه، فالعينان عبارة عن تجويفين عميقين والأنف بارزة ورشيقة والفم نصف مفتوح، كما تبين لنا وجود آثار للون الأحمر على الرأس ومن ناحية أخرى وزعت كثير من الثقوب في الجمجمة وحول الوجه فربما كانت بغرض تثبيت الشعر واللحية تعرض هذه الرأس بقاعة 48 بالدور الأرضي بالمتحف المصري.
أما عن مرمدة بني سلامة فهي واحدة من أقدم القرى النيوليتية أي ترجع إلى العصر الحجري الحديث وتقع في منطقة من مناطق الحواف في جنوب غرب الدلتا قرب قرية وردان إلى الشمال الغربي من القاهرة بنحو واحد وخمسين كيلو متراً، وكانت قرية كبيرة نسبياً، تزيد مساحتها عن ستين فداناً، وإن لم يكتشف منها حتى الآن غير القليل .
اكتشفها العالم الألماني هيرمان يونكر عام 1928م. حيث كشف التنقيب فيها عن ثلاث مراحل للعمران (مرحلة قديمة ضاعت آثار مساكنها الخفيفة ودلت عليها آثار مواقد قليلة ومرحلة ثانية دلت على بقايا مساكنها ثقوب الأوتاد التي كانت تسند جوانبها وتحمل سقفها ثم مرحلة ثالثة تمكنا من معرفة حدود مساكنها البيضية المتواضعة ومطامير غلالها بوضوح).
وقد أظهرت الاكتشافات الأثرية التي تمت في هذه القرية أن سكانها قد بدأوا بتعليم أولادهم الزراعة والتمدن الحضاري السائد في معظم انحاء المدن كما يستدل من آثارها أيضاً على أن القليل من أهلها كانوا يرعون الماشية.
وفيما يخص الصناعات لدى المرمديون فقد مارسوا العديد منها كما مارسها غيرهم من أهل عصرهم فنجد صناعة الفخار مثلاً والتى اقتصروا في زخرفتها على الزخارف البسيطة وعمل نتوءات حول حواف الأوانى لحملها منها وتحليتها وميزوا بعض أوانيهم بمقابض أو أذان جانبية، وقواعد، وجعلوا لبعضها الآخر ثقوباً خشنة في حوافها لتعليقها منها كما صنعوا آنية صغيرة مزدوجة ذات عينين تشبه آنية الملح الحالية.
وفتح أهل الفن البدائيون منهم مجالات جديدة لتشكيل الفخار والأحجار، حيث عثر لهم على أواني صغيرة شكلت قاعدتها على هيئة أقدام بشرية دقيقة، وتعتبر هذه النماذج أقدم الخطوات المعروفة لتشكيل التماثيل المصرية الصغيرة في فجر التاريخ. أما عن عادات دفن الموتى فى مرمدة بنى سلامة فقد قام أهل القرية بتخصيص جبانة خاصة تبعد عن مكان السكن مثل ما هو متبع في بقية المراكز الحضارية الأخرى في مصر كما اتبعوا عادات الدفن فى وضعية القرفصاء عند دفن موتاهم .