شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على رفح والنصيرات بقطاع غزة
تعمل حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية خلال الفترة الراهنة على فرض واقع سياسي وأمني جديد في مدن الضفة الغربية مستغلا الحرب الغاشمة على غزة والمستمرة لليوم الـ 266 على التوالي.
وصادق المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت"، فجر الجمعة، على شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في أنحاء الضفة، جاء ذلك بحسب ما أعلن وزير المالية في حكومة الاحتلال المتطرفة بتسلئيل سموتريتش.
أكد وزير المالية الإسرائيلية المتطرف في بيان صدر عنه أن هذه القرارات تأتي "في أعقاب نشاط السلطة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في الأمم المتحدة، ومذكرات الاعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين والضغط الذي تمارسه من أجل الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية من قبل مختلف الدول".
وصادق الكابينت السياسى والأمني الإسرائيلي المُوسع على سحب التصاريح والمزايا الخاصة بكبار قادة السلطة الفلسطينية، تقييد تحركاتهم بما يشمل منعهم من مغادرة الأراضي الفلسطينية، وتفعيل قانون معاقبة قادة السلطة على ما تصفه تل أبيب بـ"التحريض"، بالإضافة لسحب صلاحيات السلطة الفلسطينية على منطقة صحراء الخليل "صحراء يهودا" وتنفيذ القانون ضد تفشى البناء غير القانونى فى المنطقة.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن البؤر الاستيطانية الخمس التي "تقع في مواقع استراتيجية" في الضفة الغربية، وهي "أفيتار" المقامة على أراضي نابلس، و"سادي إفرايم" و"غفعات أساف" المقامتان على أراضي رام الله والبيرة، و"حالتس" على الأراضي الواقعة بين الخليل وبيت لحم، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية "أدوريم" المقامة على أراضي الخليل، بالإضافة إلى "طرح مناقصات بناء استيطاني، ودعوة مديرية التخطيط العليا للاجتماع والمصادقة على خطط بناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة".
تحدث عدد من الخبراء والمحللين السياسيين الفلسطينيين تداعيات القرارات التي اتخذها المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي حول تداعيات ما أقره "الكابينت" والأدوات التي تمتلكها السلطة الفلسطينية ردا على هذه الإجراءات الإسرائيلية التي تنذر بإشعال مدن الضفة الغربية.
بدوره، أكد المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله أن الحكومة الإسرائيلية تستجيب لبرنامج وزير المالية بتسلئيل سموتريتش والذي طرحه عام 2018 ويتضمن عدة نقاط أبرزها ضم إسرائيل لمدن الضفة الغربية، واصفا ما يقوم به الاحتلال بأنه تحرك فعلي للقيام بذلك مستغلين الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأشار المحلل السياسي الفلسطيني في تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أن الإجراءات الإسرائيلية تمس السلطة الفلسطينية ولا تعتبرها سلطة حاكمة تمهيدا لإسقاطها، موضحا أن الاحتلال سيقدم ذرائع منها أن السلطة الفلسطينية أصبح "وجودها غير مبرر أو بلا قيمة"، مشيرا للتحركات التي تقوم بها تل أبيب لبناء مستوطنات في الضفة الغربية، مضيفا: وزير المالية الإسرائيلي هو الأبرز في الحكومة المتطرفة ولا يستطيع نتنياهو إبعاده عن أية قرارات تتخذ بخصوص الحرب على غزة.
المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله
من جانبه، أكد الباحث الأكاديمي في العلوم السياسية، مدير تحرير شؤون فلسطينية، الدكتور إبراهيم ربايعة، أن قرارات "الكابينيت" كانت متوقعة ومعد لها سلفا، لكنها جاءت بذريعة حراك السلطة الوطنية القانوني في الجنائية الدولية واعتراف 5 دول بدولة فلسطين، مشيرا إلى أن هذه القرارات جزء من تجويف السلطة وتقويض صلاحياتها بشكل متدحرج وتقول بشكل فعلي ألا ولاية للسلطة الفلسطينية على الأرض والولاية جزئية على السكان ومن المتوقع أن تأتي خطوات لاحقة تراكم على ذلك، على حد تعبيره.
لفت "رباعية" في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إلى أن هذه الخطة الإسرائيلية التي يديرها وزير المالية سموتريتش تأتي كجزء من سياق واسع لخلق بيئة طاردة بالضفة التي تعاني من حالة اقتصادية خانقة وضرب للخدمات منها مثلا أزمة مياه خانقة بسبب تخفيض نسب المياه المخصصة للمناطق الفلسطينية بمعدلات تتجاوز النصف، وحالة تقطيع وعزل شامل بالتوازي مع اكمال البنية الاستيطانية لدولة المستوطنين.
وعن الأدوات التي يمكن أن تستخدمها السلطة الفلسطينية ردا على الإجراءات الإسرائيلية، أوضح أن الأدوات محدودة جدا في ظل انسداد الأفق السياسي الدولي وعدم فاعلية الدور الأميركي بهذا النطاق، موضحا أن الوحيد هو وحدة وطنية تقدم رؤية سياسية جمعية شاملة وخطة لمواجهة هذا الخطر للوجودي على الكيانية الفلسطينية.
الباحث الأكاديمي في العلوم السياسية، مدير تحرير شؤون فلسطينية، الدكتور إبراهيم ربايعة
في السياق نفسه، أكد الباحث في العلوم السياسية والإسرائيليات الدكتور إياد أبو زنيط أن قرارات وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش الأخيرة تأتي انسجاماً مع عقلية الاستعمار الاستيطاني التي نشأت عليها إسرائيل منذ بداية وجودها، وتحديداً في موضوع الاستيطان وتناميه في الضفة الغربية، وهي قرارات تحمل أبعاد ذات دلالة مهمة من ناحيتين الناحية الأولى، وتتمثل في تعزيز الوضع الاستراتيجي للمستوطنين في الضفة الغربية، وتسريع عمليات الاستيطان لتوسيع التواجد الديمغرافي، وهذا يُشكل بالنسبة لإسرائيل سيطرة أكبر على مناطق الضفة الغربية. أما الناحية الأخرى فتتعلق بالتفكير الأيديولوجي في الضفة الغربية، باعتبارها مملكة بني إسرائيل القديمة، وهذا يتطابق وعقلية سموتريتش الدينية، وكذلك أنصاره من المتطرفين المتدينين.
ولفت الدكتور إياد أبو زنيط في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من الضفة الغربية المحتلة إلى أن القرارات الإسرائيلية الأخيرة تعني مزيداً من الإحلال الديمغرافي للمستوطنين مكان الفلسطينيين، وتحديداً اليهود المتدينين، لأن الاستيطان في الضفة الغربية يقوم ثقله على المتدينين، وهنالك بؤر استيطانية خالصة لا يسكنها إلا هم، ووجود مثل هذا النوع من الاستيطان الديمغرافي، يعني تشكيل عصابات إجرامية من المستوطنين في الضفة الغربية بشكلٍ أكبر، ويتم استخدام هذه العصابات لتنفيذ هجمات ض الفلسطينيين مستقبلاً ومن ثم تصوير ما يجري في الضفة على أنّه صراع بين قوميتين.
الباحث في العلوم السياسية والإسرائيليات الدكتور إياد أبو زنيط
أكد الباحث الفلسطيني أن تسريع وتشريع الاستيطان في الضفة الغربية يعني خلق بيئة طاردة للفلسطينيين، وهو أمر يهدف إلى إيجاد طرق متعددة للتهجير، خاصة وأن أحد أهداف إسرائيل في الضفة الغربية هو الاستيلاء على أكبر قدر من الأراضي في حال الضم، مع أقل عدد ممكن من السكان.
حذر من أن إسرائيل تقوم على محو السكان الأصليين من أماكن تواجدهم، لأنها تعتبرهم محور الخطر المتشكل عليها، وهذا يتشابه مع ما جرى قبيل عام 1948م، من تهجير وترحيل الفلسطينيين ، ويتطابق تماماً مع العقلية الصهيونية التي ترى أن لا مكان في أرض فلسطين إلا لليهود، أما الفلسطينيين فلا بُد من العمل على ترحيلهم بأي طريقة كانت، ولذلك تأتي قرارات سموتريتش في هذا الإطار.
لفت إلى أن القرارات الإسرائيلية تتعلق بالانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى مرحلة حسمه مع الفلسطينيين، وهذا سيكون له ارتدادات كبيرة على الطرفين، إذ سيصعد من حجم المواجهة في الضفة الغربية، وتوسيعها بشكل أكبر.
وفيما يتعلق بقرار سموتريتش بناء وشرعنة 5 بؤر استيطانية بعدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، أكد أن ذلك يأتي من باب رد الفعل وتحدي قرارات تلك الدول، مشيرا إلى أن هذا الفعل لن يخدم إسرائيل على المستوى البعيد، لأن إسرائيل بعقلية سموتريتش باتت لا ترى في المجتمع الدولي أي مؤثر عليها، وهذا معاكس للحقيقة، إذ أن اسرائيل نفسها لم تنشأ ولم تبق إلا بفعل المعادلة الدولية التي أوجدتها، وإن كان هذا الفعل هو تحدٍ لتلك الدول، لكنه في طياته يحمل الكثير من الارتدادات على إسرائيل.
وحول إصرار سموتريتش باعتباره وزيراً للمالية الإسرائيلية بخصم ما يقرب من 40% من المقاصة الفلسطينية وقرصنتها، بدعوى أنها تُدفع لعائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين، أوضح الباحث الفلسطيني أن هذه رسالة واضحة إلا أن كل من يتبنى فعلاً مقاوماً في الضفة الغربية سيزيد من خلاله الضغط على المجتمع الفلسطيني وتعريضه للمساءلة الإسرائيلية، وهي سياسة عقاب جماعي متبعة قديما وحديثاً من قبل إسرائيل، وتنطلق من فكرة أن ما لا يأتي بالقوة يأتي بمزيدٍ منها، وإسرائيل في استخدامها للقوة لا تترك وسيلة إلا وتلجأ اليها، سواءً كانت قوة ناعمة أم خشنة.
وعن الخيارات المتاحة في يد السلطة الفلسطينية للرد على هذه الإجراءات، أكد أن قرارات سموتيرتش الأخيرة تحمل في مضمونها إطار عاماً، يقوم على فكرة الأرض مقابل المال، مؤكدا أن أهم خطوة يُمكن الأخذ بها حالياً، هو حوار فلسطيني جامع مكون من كل الأطياف الفلسطينية، بحيث يتحمل الكل الفلسطيني مسؤولية المواجهة مع إسرائيل، والقفز عن أي خلاف فلسطيني داخلي، باعتبار الأمر بات يتعلق بالوجود الفلسطيني، وهذا يتطلب ضرورة اقناع كل الأطراف الفلسطينية من أحزاب وحركات ونخب، بمحاولة التوصل إلى صيغ تفاهمية للتعامل مع القرارات الإسرائيلية الأخيرة.
وأشار الباحث الفلسطيني إلى أن التحذير من انفلات الأوضاع في الضفة الغربية وانزلاق الأمور إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل في كل أماكن التواجد الفلسطيني، كان سببا التي دفعت إسرائيل في قراراتها الأخيرة للإفراج عن 60% من أموال المقاصة، وبالتالي هي تخشى هذا الأمر، وهذا يعني أنه من الضروري أن يتواصل شعور إسرائيل بأن الأوضاع مقبلة على الانفجار.
ودعا الباحث الفلسطيني إلى أهمية تعزيز السلطة الفلسطينية لحواراتها مع الدول الإقليمية المجاورة للضفة الغربية وتحديداً الأردن الذي باتت الخطط الإسرائيلية تهدد استقراره، مشيرا إلى أن عمليات ترحيل أو نزوح فلسطيني من الضفة الغربية سيكون باتجاهه، وهذا يتطلب عملاً فلسطينياً أردنياً مشتركاً، لكبح جماح إسرائيل في التوسع والتمدد.
وأشار إلى أن القرارات الإسرائيلية الأخيرة تأتي ضمن محاولات الاحتلال حسم الصراع مع الفلسطينيين وتعزيز الوجود الاستيطاني المتطرف في الضفة الغربية، وهذا لا ينعكس على الفلسطينيين لوحدهم وإنما على كافة دول المنطقة ولربما العالم، وبالتالي تعتبر هذه القرارات ذات وقع خطير جداً يتطلب توعية حكومات العالم لما تقوم به إسرائيل، وما تجره تلك القرارات من تداعيات على الاستقرار في المنطقة والعالم برمته.
في غزة، استشهد عدد من الفلسطينيين، وأصيب آخرون، الجمعة، في غارات شنتها طائرات الاحتلال الحربية، والمدفعية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، مع دخول العدوان الإسرائيلي على القطاع يومه الـ266.
وأفادت مصادر طبية فلسطينيا باستشهاد 11 مواطنًا، وإصابة أكثر من 40 آخرين، بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت خيام النازحين في منطقة المواصي غرب رفح جنوب القطاع.
وقصفت مسيرة الاحتلال الاسرائيلية مواقع مختلفة قرب بلدية الشوكة شرق رفح، ما أدى لاستشهاد مواطنين، وإصابة آخرين بجروح.
واستشهد فلسطينيان وأصيب آخرون جراء إطلاق قوات الاحتلال الرصاص صوب مجموعة من المواطنين في شارع الرشيد الساحلي غرب مخيم النصيرات وسط القطاع، وجرى نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح المجاورة.
يذكر أن طيران الاحتلال الإسرائيلي ومدفعيته قصفا فجر الجمعة، منازل الفلسطينيين وسط القطاع، وخيامًا تؤوي نازحين غرب رفح الفلسطينية ما أدى لاستشهاد 4 فلسطينيين، بينهم مواطنة وطفلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة