لا يحل يوم 29 يونيو من كل عام إلا وتفوح منه الذكرى العطرة التاسعة لاستشهاد الشهيد الصائم المستشار هشام بركات النائب العام، الذى اغتيل في الثامنة والنصف صباح يوم 12 رمضان الموافق 29 يونيو من عام 2015، إثر انفجار سيارة مفخخة قرب موكبه على يد مجموعة إرهابية بشارع عمار بن ياسر بمنطقة مصر الجديدة بنحو 50 كيلو من المواد المتفجرات.
اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، كان دليلا قويا على أن ثورة 30 يونيو 2013، هي ثورة على الإرهاب والتطرف الذى أخذ في الاتساع خلال حكم الجماعة الإرهابية وبدأ في التمدد لولا هذه الثورة المجيدة التي انهت هذا التطرف وبقى أثره حتى 2015 وقت اغتيال النائب العام.
المستشار هشام بركات من مواليد 21 نوفمبر 1950، تخرج في كلية الحقوق في جامعة القاهرة عام 1973، وتم تعيينه وكيلاً للنائب العام حتى أصبح رئيس بمحكمة الاستئناف، ثم تم انتدابه رئيساً للمكتب الفني والمتابعة بمحكمة استئناف الإسماعيلية وقت نظر قضية محاكمة المتهمين في قضية أحداث ستاد بورسعيد، وهروب المساجين وأعضاء الجماعات الإرهابية من سجن وادى النطرون وقت 25 يناير.
ويعد المستشار هشام بركات من القضاة المدافعين على استقلال القضاء، وفى 10 يوليو 20213، رشحه مجلس القضاء الأعلى، لمنصب النائب العام بعد عزل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق، وادى اليمين الدستورية أمام المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت، وبذلك أصبح هو النائب العام الثالث في مصر بعد 25 يناير.
منذ هذه اللحظة التى عين فيها المستشار هشام بركات فى منصبه لم يكن سبيله ممهدا، وكان طريقه وعرا منذ تحمله الأمانة ومسئولية الدعوى العمومية والدفاع عن حق المجتمع، فمحامى الشعب فى مواجهة الإرهاب والفوضى ومطالب بتحقيق القصاص العادل من الإرهابيين الذين نشطوا فى ارتكاب العمليات الارهابية بعد ثورة 30 يونيو بشكل كبير.
دوره فى تطوير منظومة العدالة
وفى 7 نوفمبر 2013 عقب تولى المستشار هشام بركات منصبه بخمسة أشهر، كلف مكتبه الفنى بفحص ومراجعة حالات المحبوسين احتياطيا بمختلف أنحاء الجمهورية على ذمة قضايا العنف التى شهدتها البلاد والمتهم فيها أحداث وشباب وكبار السن، لتحديد موقفهم القانونى ومدى ضلوعهم فى ارتكاب الجرائم محل التحقيق، حرصا منه على مستقبل الطلبة العلمى والظروف الصحية للمسنين.
وبمجرد صدور قانون الكيانات الإرهابية فى فبراير 2015، شكل المستشار هشام بركات مكتب النيابة العامة للكيانات الإرهابية لإعداد قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية، وساهم ذلك فى إدراج تنظيم «أنصار بيت المقدس» على قائمة الكيانات الإرهابية فى 16 إبريل 2015.
كما قام المستشار هشام بركات باستصدار نشرات حمراء من الإنتربول الدولى لضبط القيادات الهاربة من الجماعات الارهابية، وهو ما أفزع تلك القيادات الهاربة خارج البلاد، وقاموا بتدبير له عملية الاغتيال.
وفى صباح يوم 12 رمضان الموافق 29 يونيو من عام 2015، فخخ مجموعة من الطلبة المتطرفة التابعين للجماعة الإرهابية سيارة بشارع عمار بن ياسر بمنطقة مصر الجديدة وبمجرد مرور موكب النائب العام فجروا السيارة المفخخة بنحو 50 كيلو من المتفجرات في السيارة التي كان يستقلها ليستشهد وهو صائم.
محاولة اغتيال فاشلة
لم يكن استهداف النائب العام ومحاولة اغتياله هى الأولى قبل اغتياله فعليا بأربعة أشهر فى شهر يونيو 2015 حيث قامت الجماعة الإرهابية فى 2 مارس 2015، بمحاولة اغتيال فاشلة عندما انفجرت عبوة ناسفة أسفل مكتب النائب العام قامت الجماعة بزرعها بالتزامن مع وقت الذروة وخروج الموظفين بقصد إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية.
ورغم ذلك لم ترهب هذه التفجيرات المستشار هشام بركات الذى ظل فى مكتبه، وقال إن الإرهاب لن يثنى رجال النيابة عن عملهم، وإن اختيار موقع الحادث أمام دار القضاء العالى، صرح العدالة والقلعة التى يحتمى بها الموطنون كان بقصد التأثير على رجال النيابة العامة والقضاة فى أداء رسالتهم.
اغتيال النائب العام
فى الثامنة والنصف صباح يوم 12 رمضان الموافق 29 يونيو من عام 2015، اغتيل المستشار هشام بركات وهو صائم، إثر تفجير بنحو 50 كيلو متفجرات استهدف موكبه بشارع عمار بن ياسر بمنطقة مصر الجديدة.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط الجناة الذين تبين أن معظهم طلاب فى جامعة الأزهر وانضموا وتشبعوا بالأفكار الإخوانية وحضروا اعتصام رابعة وصدرت لهم تعليمات من يحيى موسى الإرهابى الهارب والمتحدث باسم وزارة الصحة فى حكم الإخوان باغتيال النائب العام، حيث أعدوا برميلا مملوءا بالمواد المتفجرة التى تزن 50 كيلو ثم وضعه داخل سيارة والتى قاموا بركنها فى الشارع الذى يمر منه موكب النائب العام وحاولوا تفجيره يوم 28 يونيو 2015 لكنهم فوجئوا بقيام النائب العام بتغيير خط سيره فى هذا اليوم.
وطلب يحيى موسى تنفيذ عملية الاغتيال فى اليوم التالى حيث انتظروا مرور موكب النائب العام من منزله بمصر الجديدة إلى عمله بدار القضاء العالى، وما إن وصلت السيارة التى كانت تقل الشهيد البطل هشام بركات بجوار السيارة المفخخة، قام أحد الإرهابيين بالضغط على زر الانفجار حيث أحدث هذا التفجير موجة انفجارية شديدة أصابت البطل بنزيف داخلى.
تم نقل جسد الشهيد إلى مستشفى النزهة الدولى بمصر الجديدة لإجراء جراحات عاجلة له، وقامت أسرته وأعضاء النيابة العامة، بالتوجه إلى المستشفى للاطمئنان عليه لكن فاضت روحه الطاهرة إلى خالقها.
القصاص من قتلة النائب العام
قدم قتلة النائب العام للمحاكمة بعد اعترفات مسجلة بالصوت والصورة أمام محكمة جنايات القاهرة، التى قضت فى 22 يوليو 2017، بإعدام 28 متهما حضوريا.
وطعن المتهمون الحضور على الأحكام الصادرة ضدهم أمام محكمة النقض، التى قضت بتأييد حكم الإعدام على 9 متهمين وتخفيف على 6 متهمين إلى السجن المؤبد والبراءة لـ5 متهمين.
وفى 20 فبراير 2019 نفذت مصلحة السجون حكم الإعدام شنقا فى 9 متهمين.
قوانين تسبب اغتياله فى تعديلها
خلال جنازة الشهيد البطل هشام بركات فى 30 يونيو 2015 حضر الرئيس السيسى إلى مسجد المشير والتف حوله كبار وشيوخ القضاء فى مصر وطالبهم وقتها بضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية للقصاص من الإرهابيين، مؤكدا أن يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين لكننا سنعدل القوانين لنحقق العدالة فى أسرع وقت.
وتمكن المشرع من تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص إجراءات الأحكام الغيابية واستدعاء وسماع الشهود، كما تم تعديل قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض بحيث أصبحت محكمة النقض محكمة موضوع فى الدرجة الثانية حال الطعن على الأحكام أمامها، كما صدر قانون مكافحة الإرهاب وتعديل قانون العقوبات.
تخليد اسم الشهيد
لا تبخل مصر على أبنائها الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن حيث تم إطلاق اسم المستشار هشام بركات على ميدان رابعة العدوية الذى اغتيل بجواره فى 16 يوليو 2015.
كما تم إطلاق اسم الشهيد هشام بركات على إحدى محطات مترو الأنفاق من المرحلة الرابعة للخط الثالث للمترو «النزهة 2»، بجانب إطلاق اسمه على مجموعة من المدارس فى عدد من المحافظات لتخليد اسم الشهيد.
وفى إبريل 2020 تم إطلاق اسم المستشار هشام بركات على كوبرى الطيران بمدينة نصر.
وفى أكتوبر 2021 منح الرئيس عبدالفتاح السيسى لاسم الشهيد المستشار هشام بركات وسام "وشاح النيل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة