وقف الرئيس الأمريكى جو بايدن فى الزاوية، متلقيًا ضربات من كل اتجاه بعد أدائه المتعثر فى المناظرة الرئاسية الأولى، فمن جهة تتعالى أصوات تطالبه بالتنحى عن السباق الرئاسى داخل حزبه، ومن أخرى يتشبث مؤيدوه به كطوق نجاة فى بحر هائج من الشكوك، ليضع هذا المشهد الدرامى الحزب الديمقراطى أمام معضلة حقيقية قد تغير مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة، صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
فى تفاصيل ما حدث خلال المناظرة، نقلت "ذا جارديان" صورة قاتمة لأداء بايدن، فقد بدا صوته مبحوحًا فى أوقات عديدة، وفى لحظات أخرى لم يكن كلامه منطقيًا، فمثلًا وصل الأمر إلى حد أنه صرخ فى لحظة ما قائلًا: "لقد هزمنا أخيرًا الرعاية الصحية" فى سياق غير مفهوم.
وعلى الرغم من أن منافسه دونالد ترامب أدلى بالعديد من التصريحات الكاذبة، إلا أنه بدا أكثر تماسكًا من بايدن، ما أثار قلقًا عميقًا فى صفوف الديمقراطيين.
ونقلت الصحيفة تعليقات لشخصيات ديمقراطية بارزة عبرت عن قلقها، إذ قالت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميزورى كلير ماكاسكيل، على قناة "أم أس إن بى سي" إنها غير متأكدة "مما إذا كان يمكن إصلاح هذا الوضع".
أما ماريا شرايفر، السيدة الأولى السابقة لولاية كاليفورنيا، فوصفت المشهد بأنه "محطم للقلب من نواحٍ عديدة"، مشيرة إلى وجود "ذعر فى الحزب الديمقراطي".
تشير "ذا جارديان" إلى أن الحزب الديمقراطى يجد نفسه فى موقف صعب للغاية، فمن الناحية العملية لا توجد آلية سهلة لاستبدال بايدن فى هذه المرحلة المتأخرة من العملية الانتخابية، فقد فاز بايدن بالترشيح دون منافسة تذكر خلال الانتخابات التمهيدية، ومن المقرر تأكيد ترشيحه رسميًا فى المؤتمر الوطنى الديمقراطى فى شيكاغو فى أغسطس المقبل.
وأضافت الصحيفة أن التغيير الوحيد الممكن سيكون إذا قرر بايدن التنحى طواعية، أو حتى الاستقالة من منصبه كرئيس، وهو احتمال يبدو بعيد المنال فى الوقت الحالي، مما يضع الحزب فى مأزق حقيقى بين الاستمرار مع مرشح يثير الشكوك حول قدرته على قيادة البلاد، أو المخاطرة بتغيير فى اللحظة الأخيرة قد يربك الناخبين.
ووسط هذه الأزمة، بدأت تتردد أسماء محتملة لتحل محل بايدن فى حال تنحيه، وتذكر الصحيفة البريطانية أن من بينها نائبة الرئيس كامالا هاريس، وحاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم.
كما تم تداول أسماء أخرى مثل حاكمة ولاية ميتشيجان جريتشن ويتمر، وحاكم ولاية إلينوى جيه بى بريتزكر، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو شيرود براون.
ولكن الصحيفة تشير إلى أن هذه الأسماء رغم بريقها، تواجه تحديات كبيرة، فهاريس، على سبيل المثال، لم تحظَ بشعبية كبيرة خلال فترة نيابتها للرئاسة.
أما نيوسوم، فقد يواجه انتقادات بسبب انتمائه لولاية كاليفورنيا الليبرالية، مما قد يضعف فرصه فى الولايات المتأرجحة.
على الرغم من الأصوات المطالبة بالتغيير، تؤكد "ذا جارديان" أن المقربين من بايدن يواصلون دعمه بقوة، و نقلت الصحيفة تصريحات لكامالا هاريس لشبكة "سى إن إن"، إذ اعترفت بأن بايدن قدم "بداية بطيئة" فى المناظرة، لكنها أضافت: "يمكن للناس النقاش حول نقاط الأسلوب، لكن فى النهاية يجب أن تكون هذه الانتخابات ومن هو رئيس الولايات المتحدة حول الجوهر، والتباين واضح".
كما نقلت الصحيفة عن جافين نيوسوم وصفه للحديث عن تغيير المرشح بأنه "تكهنات لا معنى لها"، مضيفًا بحزم: "لن أدير ظهرى أبدًا للرئيس بايدن، ولا أعرف ديمقراطيًا فى حزبى سيفعل ذلك".
لم يفوت الجمهوريون فرصة الهجوم على بايدن بعد أدائه الضعيف، ونقلت "ذا جارديان" تصريحات لمايك جونسون، رئيس مجلس النواب الجمهورى وأحد أبرز حلفاء ترامب، الذى وصف المناظرة بأنها "أعظم تفاوت فى تاريخ المناظرات الرئاسية".
وأضاف "جونسون"، فى مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" محذرًا: "هذا خطير لعرضه على البلاد، نحن جميعًا قلقون بشأن هذا لأن خصومنا يرون هذا أيضًا. نحن فى لحظة خطيرة."
اختتمت "ذا جارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن بايدن، رغم كل الانتقادات، لا يزال مصرًا على المضى قدمًا، إذ نقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من الحملة أن الرئيس لا يزال يخطط للمشاركة فى مناظرة رئاسية ثانية فى سبتمبر.
وأضاف المصدر أن الحملة تعترف بأن أداء الرئيس كان "باهتًا" فى المناظرة الأولى، لكنها ملتزمة بتسليط الضوء على اللحظات التى تعتقد أنها كانت ناجحة لمرشحها، ثم المضى قدمًا.