عرض مهرجان جمعية الفيلم السنوي ضمن فعاليات دورته الخمسين، فيلم بيت الروبي، وعقب انتهائه أقيمت ندوة لمناقشة العمل مع عدد من صناعه، بينهم: حسين عسر مدير التصوير، والمنتج الفني فتحي إسماعيل، محمد طنطاوي القائم بأعمال المؤثرات البصرية، وأدارت الندوة الناقدة باكينام قطامش.
وقالت باكينام قطامش: "أتشرف بإدارة الندوة، وبرغم أن بيت الروبي فيلم خفيف، لكنه مهم كونه يتحدث عن سيطرة السوشيال ميديا على حياتنا كلها وكيف تجعل حياتنا مشاع، وكريم عبدالعزيز قال جملة مهمة في الفيلم (مبقاش فيه حاجة مستخبية)، فالفيلم يتناول قضية مهمة جدا تحتمل مناقشتها بطريقة لايت كوميدي، وتراجيدي وأن يكون بها كارثة في النهاية".
وبدأت باكينام قطامش مع المنتج الفني فتحي إسماعيل، وسألته عن كيفية اختيار الفكرة وطريقة تناولها، وقال إن الفكرة جاءت من المخرج بيتر ميمي "جلسنا أكثر من مرة في التحضير، بحضور كريم عبدالعزيز، وأجرينا بروفات كثيرة، حتى تم الاستقرار على مؤلف يكتبها، وهذا الأمر استغرق وقت كبير، وذهبنا لمشاهدة طابا وبناء بيت داخل محمية طبيعية، وهذا ممنوع واحتاج مجهود غير طبيعي، وكان تحدي بالنسبة لنا، ومع بعض العلاقات حصلنا على الموافقة، بشرط أن البيت كله خشب دون أي بناء أسمنتي، وحققنا الرؤية الفنية المطلوبة".
وتابع "دخلنا في تفصيلة سيارة الأسرة والتي لها مواصفات مختلفة، وهي عربية دفع رباعي، وهذا النوع ممنوع يدخل ناحية سيناء وهذا تحدي آخر، للحصول على تصريح، ومجهود شاق، إلى جانب التصوير في مناطق شعبية مثل الحطابة التي تم تصوير الفرح بها، فالفيلم قد يظهر للبعض أنه سهل لكن في الحقيقة تفاصيله صعبة جدا".
وقال مدير التصوير حسين عسر: الفكرة الأساسية كانت مبنية حول كيفية توضيح الفرق بين الصخب في العاصمة، وشخص أخذ قرار من بداية الفيلم أنه يعيش في مكان بعيد وهادئ، وهو السطر الذي تم بناء الفيلم عليه ووجدنا نفسنا مع إبراهيم الروبي وكلنا محتاجين نخرج بعيدا عن تأثير السوشيال ميديا، وأنه قرر يأخذ عائلته ويخرج خارج الصخب الموجود بالقاهرة".
وأضاف "كان أمر أساسي بالنسبة لنا التصوير في أماكن لم يتم التصوير فيها من قبل، لأن هذا الرجل -بطل العمل- خرج بعيدا عن هذه الحياة، أردنا أن يراه المشاهد في مكان غير معتاد، كان مهم يحدث حالة إبهار بصري بمبدأ أنه يعيش حياة ممتعة، ويتوحد معه الجمهور ويصدق أنه نجح في خلق حياة لنفسه، والمخرج بيتر ميمي ركز في تفاصيل ما هي مهنة البطل، ونخلق للأطفال طرق حياة مختلفة ويتعلمون أشياء مختلفة بعيدا عن الموبايل".
وتابع حسين "كان مهم بالنسبة لي إحداث إبهار على مستوى الكادرات والإضاءة ويصبح الموضوع مبهج، حتى يحدث التناقض عندما يعود البطل للقاهرة ويدخل منطقة مثل الحطابة والشهر العقاري".
وقال محمد طنطاوي "عندما يتم تنفيذ شغل الجرافيك بصورة صحيحة لن يشعر المشاهد بوجود جرافيك، وهذا يعد نجاح، ألا يفهم أحد ما الذي فعلناه وأين توجد المشاهد التي تدخل فيها الجرافيك"، مضيفا "كان لنا تدخل بشكل جيد، وتظهر المؤثرات في المشاهد التي لا يمكن نصورها في العادي أو حاجات تتطلب منا التوفير على مستوى الإنتاج وتتيح للمخرج مساحة إبداع أكبر، مثل التصوير في شقة كريم محمود عبدالعزيز في مصر، المشاهد تم تصويرها في الاستوديو وكل المحيط بها جرافيك، وهذا يكون سهلا للتحكم في كل التفاصيل، عكس التصوير في شقة بمكان حي".
وتحدث طنطاوي عن مشهد الولادة "تم تصويره في مدينة الإنتاج الإعلامي وكل منطقة وسط البلد جرافيكس، وفي التصوير نفذوا مشهد الأمطار لكن امتدادها كما ظهرت في الفيلم كانت جرافيك، وكان هيكون صعب التصوير في وسط البلد، إلى جانب مشهد النجوم وظهور الشهاب تم تنفيذها ولم تكن طبيعية، كذلك نزول الطفل في الماء تم التصوير في حمام سباحة وليس بحر، أي أن كل العناصر التي ظهرت وهي تحيط به تم تنفيذها بالجرافيك".
وفتحت باكينام باب المناقشة مع الحضور في القاعة، وقال خالد السروجي عضو جمعية الفيلم "متى نستخدم الجرافيك ومتى نستخدم الكروما؟، ورد طنطاوي: "كل ما نحتاج لاستبداله بشكل كامل نستخدم معه الكروما، ونقلبها بين أخضر أو أزرق حسب البيئة المحيطة والألوان السائدة، وهناك أمور أخرى لا تحتاج كروما".
وقال مدير التصوير حسين عسر "إذا كانت الشقة في مكان حقيقي والخارجي به نوافذ ونهار طبيعي بالنسبة لي سيكون أصعب، وسوف أحتاج القيام بعمل معادلة وأنور داخل الشقة بكمية إضاءة تعادل نور النهار، وهذا قد يحرمني من استخدام أنواع إضاءة كثيرة، فوجود الكروما يسهل على الجميع الكثير من الأمور".
وسأل أحد الحضور كيف تم تصوير مشهد السيارة على الشاطئ وهل تم من داخل البحر، واجاب مدير التصوير "تم التصوير بالدرون والتحكم فيه من خارج البحر على الطريق، ويظهر كل فريق عمل الفيلم بجانب السيارة ويتم إزالة وجودهم من خلال طنطاوي عن طريق الجرافيك".
وسألت باكينام إلى أي مدى مدير الإنتاج يضحي ويدفع أكثر لتخرج صورة بصرية مميزة، وأجاب فتحي إسماعيل: "هناك نوعين من الإنتاج، فالتفكير لا يكون دائما في كيفية التوفير، هناك مدرسة مختلفة لفيلم مثل بيت الروبي تركيبته بها بيتر ميمي وحسين وطنطاوي، فمنذ البداية ومع قراءة الورق نعرف أننا سننفذ رؤية مختلفة، خاصة وأننا واثقين أن الفيلم مع مخرج مثل بيتر ميمي مخرج متميز جدا، والمشروع كبير، ومع كريم عبدالعزيز أهم نجم في مصر والوطن العربي، التركيبة كلها مهمة فكان من الضروري الانفاق على العمل بشكل جيد".
وشدد حسين عسر على أن التصوير في السينما المصرية مر بمراحل كثيرة "مؤخرا نمر بمرحلة بها تطور جبار، بدأت من تغيير الوسيط، فأول فيلم صورته كمدير تصوير كان فيلم الكبار وصورته 35 مللي، أنا صورت نيجاتيف 35 مللي وديجيتال، وتغيير الوسيط سهل الكثير من الأمور على مدير التصوير في تحقيق شكل بصري مختلف أو أجرأ لأن نسبة المخاطرة أقل واحتمالات الخطأ ضعيفة وبقي لمدير التصوير الفكرة، وتربينا على يد أساتذة كانوا يتميزون ويتمتعون بأفكار سابقة حتى تسبق أفكار جيلنا الحالي، كان لديهم أفكار خارج الصندوق ومختلفة".
وأضاف "والفرق بين مدير تصوير وآخر الفكرة، وقدرته من خلال النور على خدمة الدراما الخاصة بالعمل، الموضوع ليس فقط تحقيق صورة حلوة، ففي اعتقادي كلمة صورة حلوة إذا تم وضع لها تعريف من قِبل مدير التصوير سيكون: الصورة التي تخدم دراما العمل الفني الذي يتم تقديمه، ممكن تعمل صورة في منتهى القبح ولكن تخدم الدراما وصورة حلوة ولكنها لا تخدم الدراما".
وتحدث طنطاوي عن التطور الذي طرأ على المؤثرات البصرية، مؤكدا أن هذا المجال حدث به طفرة: "من 10 أو 15 سنة كنا نرى أن الفرق بيننا وبين هذا المجال في الدول الأجنبية يحتاج سنوات ضوئية وأن استحالة نصل لما يقدمونه، الآن وصلنا أننا نشارك في أعمال أجنبية".
وردا على سؤال إحدى الحاضرات عن عدم منطقية الزمن في الفيلم، إذ في ٣ أشهر تقريبا حدثت كثير من الأمور وتصاعدت الأحداث، وكان الأمر يحتاج لوقت أطول، قال حسين عسر "الفيلم يتحدث عن كيف أصبحت الحياة سريعة وان السوشيال ميديا جعلت التطورات تحدث بسرعة، وكان هناك أحداث كثيرة جدا لم نقدمها فموضوع السوشيال ميديا ممكن نقدم عنه مسلسلات متعددة المواسم، الحدث الزمني كان مهم فقط الرمز له".
واختتمت الندوة بتأكيد الحضور على استمتاعهم بالفيلم، وأنه يعكس أن خلفه إنتاج واعي، وعناصر واعية على كل المستويات التصوير والجرافيك والإخراج والتمثيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة