طبيب جراح قلب فى إيران، قبل تقدمه للترشح فى الانتخابات الرئاسية الـ 14 التى أجريت 28 يونيو، لم تتداول الأوساط الإعلامية اسم مسعود بزشكيان كثيرا، خاصة بعد أن ترك منصب وزير الصحة فى حكومة الزعيم الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى، وباستخدام مشرطه الطبى، نجح فى اختراق المعسكر المحافظ المنقسم على نفسه، وتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية، لينافس المفاوض العنيد سعيد جليلى.
أظهر الإعلان الرسمى للجنة الانتخابات فى إيران، حصول مسعود بزشكيان على 10 ملايين صوت و415 ألفا و991 (42%)، وجاء سعيد جليلى فى المرتبة الثانية بـ 9 ملايين و473 ألفا و298 صوتا )39%)
ويطلق الإيرانيون على بزشكيان الظاهرة، حيث كان المرشح الإصلاحي الوحيد الذى أجاز مجلس صيانة الدستور ترشحه للانتخابات، واستطاع أن يعبر حاجز المجلس دون غيره من المتقدمين للترشح من المعسكر الإصلاحي، نال دعم جبهة الاصلاحات، التى وقفت خلفه وحشدت بقوة، كما حظى بدعم رؤساء إيران الإصلاحيين سيد محمد خاتمي وحسن روحانى والعديد من السياسيين والشخصيات الإصلاحية مثل وزير الخارجية الأسبق جواد ظريف.
مسعود بزشكيان، من مواليد سبتمبر 1954 في مهاباد، لأب إيراني أذربيجاني وأم إيرانية كردية. يعرف بزشكيان بانتقاده للسلطات، وسعى بزشكيان لتكرار سيناريو انتخابات 23 مايو 1997 فى إيران، والتى أتت بأول رئيس إصلاحى خارج التوقعات، هو محمد خاتمي. شغل منصب نائب لوزير الصحة في عام 1997، ومن ثم شغل منصب وزير الصحة في إيران بين عامي 2001-2005.
استغل بزشكيان التعددية والانقسام وحالة التناحر بين مرشحى المعسكر المحافظ، الذين بلغ عددهم 2 وذلك بعد انسحاب 2 آخران، وحدث تفتيت للأصوات بين المرشحين من الجبهة المحافظة قاليباف وجليلى، الأمر الذى صب فى صالح بزشكيان.
ولم يكن بزشكيان معروفًا على نطاق واسع فى المجال العام حتى عام 2001، وتشكيل الحكومة الثانية للرئيس السابق خاتمى، عندما تم اختياره لمنصب وزير الصحة. وهو طبيب متخصص فى جراحة القلب، ظهر كشخصية بارزة فى السباق الرئاسى، بفضل خطابه الفريد، ومكانته كمرشح جديد، ودعم الإصلاحيين، الذى ساهم فى جاذبيته" وقبل الانتخابات الرئاسية لعام 2001، ظهر اسم بيزشكيان كمرشح محتمل لوزارة الصحة، ولوحظ حينها أنه يختلف عن غيره من الوزراء فى المظهر والسلوك الشخصى، بما فى ذلك أسلوبه فى عدم ارتداء البدلة التقليدية.
وفى عام 2003، حاول البرلمان عزله دون جدوى، مشيرًا إلى عدم الكفاءة فى تعييناته، والاستخدام غير المناسب للقروض، وقضايا أخرى. وفى وقت لاحق، تم انتخابه عضوًا فى البرلمان وترقى ليصبح نائبًا لرئيس البرلمان، وفى مراحله التعليمية، تخصص بزشكيان الجراحة العامة فى جامعة تبريز للعلوم الطبية وبعدها تخصص فى جراحة القلب بجامعة إيران للعلوم الطبية، وعُين بعدها رئيسا لمستشفى الشهيد مدنى لأمراض القلب فى مدينة تبريز.
وبالنسبة لمواقفه، عقب الانتخابات الرئاسية فى عام 2009 والاحتجاجات التى تلتها، أدى خطاب بيزشكيان الذى انتقد فيه السلوك تجاه المتظاهرين إلى تعطيل جلسة البرلمان لبضع دقائق، وقال بيزشكيان فى كلمته: "لا تقتلوا الناس كالحيوان البري"، فى إشارة إلى حملات القمع التى جوبهت بها الاحتجاجات، كما قال: "عندما تستطيع، لا تتدخل بشكل حاد، لا تضرب، لا تضرب". و تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب منذ 29 مايو 2016.
ترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2013، لكنه انسحب، وترشح مرة أخرى في انتخابات عام 2021، لكنه رفض.
وعقب احتجاجات 2022، اشتهر بزشكيان، بانتقاداته الموجهة إلى الحكومة، بشأن مسألة فرض الحجاب. وبعد وفاة الشابة مهسا أمينى، قال فى أحد المقابلات: "نريد أن يكون أطفالنا محتشمين، لكن إذا كان سلوكنا يجعلهم يكرهون ديننا، فعلينا على الأقل الامتناع عن الاستمرار فى هذا الأسلوب".وخلال جلسات البرلمان كان دائمًا ما يرد على زملائه الذين كانوا يهتفون بالموت لبعض الدول بالقول: "نحن بحاجة إلى التسامح مع الآخرين والعمل والتعاون مع العالم". وكان أيضًا من مؤيدى الاتفاق النووى الإيراني.
وخلال هذه الدورة، ألمح بيزشكيان، إلى نيته بضم شخصيات مثل ظريف إلى إدارته فى حال فوزه. وقد أيده ظريف بدوره.
وقال بزشكيان أثناء تقديم ترشحه: "هناك انطباع حول إيران على المستوى الوطنى والدولى بأن الشعب مستاء من صناديق الاقتراع. هدفى من المشاركة فى الانتخابات هو زيادة إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع". وأشار بيزشكيان، إلى ذلك، كأحد أسباب ترشحه للانتخابات البرلمانية الثامنة، قائلا: "هذه الظروف أثرت على لأننى كنت أعتقد أننا لم نخلق لكسب المال وإنفاقه بهذه الطريقة".
وخلال المناظرات الرئاسية الخمس، كان لبزشكيان أراء مناهضة لبعض سياسات النظام فى قضية الحجاب مثلا والعنف ضد المرأة وممارسة سياسة الحجب على الانترنت، قائلا: أنا أخجل من بعض التصرفات مع النساء.. يجب تغيير نظرتنا حيال النساء.. أن نتصور أنهن في المرتبة الثانية وخُلقن من أجل العائلة.. فهذا تصور خاطئ.
كما أقر أن الفقراء فى إيران ازدادوا فقرا والأغنياء ازدادو ثراء، قائلا: "يجب أن نعرف أين نقف الآن؟ الاحصائيات تشير إلى أن استهلاك الشرائح الفقيرة من الوقود أقل بكثير من الأثرياء".