يحظى ملف المصريين بالخارج باهتمام الدولة المصرية، وهو ما ظهر جليا منذ إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج في الـ 19 من سبتمبر لعام 2015م، لتبدأ من ذلك الوقت العمل على ربط المصريين بالخارج بالوطن الأم، وتعزيز مشاعر الوطنية والانتماء لديهم، حتى أصبحت الظهير الحكومي لوزارات الدولة.
الوزارة جاءت لتصبح الجهة المختصة بإدارة ورعاية شئون المصريين المقيمين خارج الحدود الجغرافية للدولة المصرية، في إطار من التنسيق والتعاون مع الوزارات والهيئات والجهات الحكومية الأخرى.
عملت وزارة الهجرة منذ انطلاقها على تسهيل التواصل مع المصريين بالخارج بالسبل المتاحة كافة، حيث جاءت الوزارة تلبية لنداءات المصريين بالخارج أن يكون لهم وزارة تهتم بشؤونهم، بهدف تكوين رأي عام وطني، يساند القضايا الوطنية والقومية والاستفادة من خبرات المصريين بالخارج في شتى مجالات التنمية، ولتدعيم الروابط السياسية والاجتماعية والاقتصادية بينهم وبين الوطن الأم وبين بعضهم البعض، لوضع سياسة شاملة لهجرة المصريين للخارج في ضوء أهداف التنمية المستدامة وصالح البلاد، ولوضع سبل مواجهة الهجرة غير الشرعية وتشجيع سبل الهجرة الآمنة عبر العديد من الفعاليات.
ملف الهجرة وبداية الاهتمام عام 2014
شهدت الفترة بين عام 2014 حتى يونيو 2018 تغييرات جذرية في أوضاع الهجرة وشئون المصريين بالخارج، عكست اهتمام الدولة بشكل عام والقيادة السياسية بشكل خاص بالمصريين بالخارج والإعلاء من شأن مساهماتهم في جهود التنمية بالدولة وإقرار حقوقهم السياسية والاجتماعية بالدولة والعمل على تعظيم انتمائهم للوطن وبناء قاعدة من المصريين بالخارج تدعم رؤية الدولة وتدافع عن مواقفها وقضاياها وتعمل على تحسين صورة الدولة بالخارج وتقر دور فعال للدبلوماسية الشعبية.
تبلور ذلك بشكل غير مسبوق في تاريخ الدولة المصرية حيث تم اتخاذ توجه عام بالدولة لإقرار حقوق المصريين بالخارج ورعاية مصالحهم، وربطهم بالوطن ومساهمتهم في خطط التنمية بالدولة وفقا لثوابت تاريخية غير مسبوقة على كافة المستويات
دستور 2014 وملف المصريين بالخارج
أقر دستور 2014 في المادة (88) بالتزام الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم في تنمية الوطن.
يأتى ذلك مع إقرار تنظيم القانون مشاركتهم في الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم، دون التقيد في ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور، وذلك كله مع توفير الضمانات التي تكفل نزاهة عملية الانتخاب أو الاستفتاء وحيادها.
كما أقر مجلس النواب وجود نواب ممثلين للمصريين بالخارج لتأكيد وجودهم داخل الكيان المصري وضمان تمثيلهم بمجلس النواب للمرة الأولى بعدد (8 نواب ).
عودة وزارة الهجرة بعد غياب سنوات
في سبتمبر 2015 تبلورت الرؤية السياسية الى ضرورة إعادة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لتكون معنية بشئون المصريين بالخارج ووضع الاستراتيجيات التنفيذية والبرامج والمؤشرات القياسية التي تضمن تحقيق المستهدفات المقررة بشأن محور الهجرة وشئون المصريين بالخارج بدءاً من الدستور المصري، ورؤية مصر 2030 وكذلك التكليفات والقضايا الملحة الخاصة بالمصريين بالخارج والتي لم تأخذ النصيب الكافي من الاهتمام والاختصاص بها على مدار عشرين عام مضت.
اهتمام الدولة بملف الهجرة منذ السبعينات
واهتمت الدولة منذ أواخر السبعنيات بملف الهجرة وشئون المصريين بالخارج وتبلور ذلك بإنشاء وزارة للدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج وإصدار القانون رقم 111 لسنة 1983 بشأن الهجرة وشئون المصريين بالخارج.
ومع تعاقب الحكومات تغيير وضع وأهمية ملف الهجرة وشئون المصريين بالخارج مابين وجود الوزارة أو ضمها إلى وزارة القوى العاملة.
وعلى مدار العشرون عام الماضية ظل قطاع الهجرة وشئون المصريين بالخارج تحت مظلة وزارة القوى العاملة والهجرة (كقطاع منفصل خارج ديوان عام الوزارة وذو موازنه محدودة) يهتم بشأن مشاكل المصريين بالخارج وتنظيم بعض المؤتمرات والملتقيات للجاليات المصرية بالخارج وأبناء الجيل الثانى والثالث منهم سعيا للحفاظ على التواصل وحل المشاكل التى تواجهم سواء بالداخل أو الخارج، بالإضافة الى المشاركة فى بعض المؤتمرات و ورش العمل التى تخص ملف الهجرة او المغتربين.
وخلال هذه الفترة أخذت وزارة الخارجية مسئولية إعداد وإبرام الإتفاقيات الخاصة بالهجرة وبحث كافة العمليات الخاصة بالهجرة سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، وكذلك متابعة شئون المصريين بالخارج عن طريق القنصليات.
ومع تزايد الاهتمام العالمي بموضوعات الهجرة المتنوعة فى ضوء إعادة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بالقرار الجمهوري رقم (379) لسنة 2015، فقد أخذت على عاتقها التعامل فى الملفات الهامة والحيوية التى تختص ملفات الهجرة وكل ما يتعلق بأبناء الوطن بالخارج.
ومن هذا المنطلق قامت الوزارة بالعديد من الجهود والأنشطة التى يتم تنفيذها وفقا لمحاور العمل الإستراتيجية التى تم إعدادها لتشمل كافة نواحى العمل الأساسية بنطاق العمل المقرر للوزارة وفقا لقانون الهجرة رقم 111 لسنه 1983.
وشملت تلك المرحلة فى إطار البناء المؤسسى للوزارة إتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لإستحداث وتفعيل هيكل تنظيمي جديد للوزارة فى بداية عام 2016 بما يسمح للوزارة القيام بالمهام والمسئوليات المكلفة بها ووفقا للرؤية المستقبلية للوزارة.
وتم فى هذا الإطار تطوير تقسيمات الوظائف والدرجات الوظيفية وإعادة توزيعها لتحقيق أفضل إستفادة من الموارد البشرية بالوزارة وضمان بناء الكوادر المؤهلة بالوزارة وإتاحة فرص الترقى والتقدم الوظيفى لكافة العاملين بالوزارة.
كما تم التعاون مع المعهد القومي للإدارة لتقديم المعونة الفنية لتطوير الخدمات المقدمة من الوزارة من خلال مواقع اﻹنترنت والبوابات الإليكترونية ووسائل التواصل، فضلاً عن تقديم الدعم الفني لتوفير وتأهيل كوادر فنية مدربة ومتخصصة ، واعتماد تمويل تلك الوظائف بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة المالية، وميكنة كافة الخدمات بالوزارة والعمل على توطين نظام الذاكرة المؤسسية بالوزارة بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
استراتيجية وزارة الهجرة
تم وضع محاور عمل إستراتيجية وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لتحقيق الأهداف المقررة فى شأن وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بالدستور وخطة التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) وكذلك خطط التنمية القومية.
ويتم العمل على وضع برامج عمل وأليات وبرامج تنفيذية تحقق وتضمن المشاركة الفعلية للمصريين بالخارج فى دعم خطط التنمية القومية وفقا لمؤشرات قياسية وبرامج تنفيذية واضحة.
كما يوم العمل فى ضوء إطار وطنى شامل ومستدام لحوكمة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بما يحدد كافة مجالات التنمية المستهدف إشراك المصريين بالخارج بها، وتحديد سياسات وإستراتجيات العمل والبرامج والمبادرات المطلوب تنفيذها بكل مجال وفقا للمعايير والنماذج الدولية المطبقة فى هذا الشأن، وذلك من خلال وضع وتنفيذ أول "سياسة وطنية لحوكمة الهجرة وشئون المصريين بالخارج".