فرانشيسكا ألبانيز في حوار خاص لـ"اليوم السابع": الأمم المتحدة "مشلولة".. واتهامى بمعاداة السامية "ورقة لإسكاتى".. المسئولة الأممية: الغرب يحمى الصهيونية.. ومصر تشعر بأشقائها ولكن لا يمكن فرضهم عليها

الخميس، 06 يونيو 2024 10:28 ص
فرانشيسكا ألبانيز في حوار خاص لـ"اليوم السابع": الأمم المتحدة "مشلولة".. واتهامى بمعاداة السامية "ورقة لإسكاتى".. المسئولة الأممية: الغرب يحمى الصهيونية.. ومصر تشعر بأشقائها ولكن لا يمكن فرضهم عليها فرانشيسكا ألبانيز
أجرى الحوار - محسن البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
- أوروبا ضعيفة أمام القانون والمشروع الصهيوني خرج عن السيطرة
-  أمريكا وراء عرقلة قرارات المحكمة والغرب يعتبر البلدان العربية مخيمًا كبيرًا للاجئين 
- أوقفوا غطرسة إسرائيل.. كلنا متواطئون والتاريخ لن ينسى
- تعامل إسرائيل مع الأنروا "فاضح".. والبعض يعتبر حقوق الفلسطينيين قابلة للتضحية
- الحكومات الأوروبية تسحق المحتجين لحماية الصهيونية وأشعر بالأطفال والكبار وبشرتهم تذوب قبل أن يموتوا بألم مبرح
- إسرائيل شوهت سمعة المنظمات الأممية وهددت أعضائها

طاردوها وطالبوا بطردها من الأمم المتحدة وإلغاء منصبها، هاجموها وهددوها.. منعوها من دخول أراضى فلسطين المحتلة.. واتهموها بمعاداة السامية لكنها بين هذا وذاك، أبت، ورفعت تقريرها الشهير «الإبادة الجماعية»، لمجلس حقوق الإنسان عن الحرب المدمرة فى غزة، وهو ما يدين إسرائيل وأصدقاءها المتواطئين، مستحضرة كلمات محمود درويش «إن سألوكَ عن غزة.. قل لهم بها شهيد.. يسعفه شهيد.. ويصوره شهيد.. ويودعه شهيد.. ويصلى عليه شهيد».

إنها فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، المحامية والأكاديمية الإيطالية ذات الـ47 عاما، والتى تسلمت مهام منصبها فى مايو 2022، لم تلجأ كغيرها من المسؤولين الدوليين إلى محاولة تزييف الحقائق، ولم تسر فى ركب الدول التى منحت الاحتلال الضوء الأخضر لحرب الإبادة ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، بل سمت الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وقالت إن ما يحدث فى غزة «إبادة جماعية».

مواقف فرانشيسكا مناهضة للاحتلال منذ توليها منصبها فى الأمم المتحدة عام 2022، وهى واحدة ممن تعرضوا لضغوط كبيرة خلال عملها، حيث قالت من قبل: «لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها، لكنها لا تستطيع المطالبة بذلك عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين تضطهدهم وتستعمر أراضيهم».

وقالت فرانشيسكا، فى حوارا خاص لـ«اليوم السابع»، إن الأمم المتحدة «مشلولة» أمام ما يحدث، وإن الحرب فى غزة مدمرة، وإنها لم تر مثيلًا لها من قبل، مشددة على أن ما تمارسه إسرائيل فى غزة «إبادة جماعية»، وتعاملها مع الأنروا «فاضح».. وإلى نص الحوار: 

فى البداية ما هو تصنيفكم وتوصيفكم لما قامت به إسرائيل من استهداف للنازحين فى رفح؟

إسرائيل ترتكب إبادة جماعية فى قطاع غزة، ونحن نتحدث عن جرائم متعددة، والهجوم ، من وجهة نظرى كان طويلًا جدًا والأكثر ترهيبًا وفزعًا وكان مثيرًا للاشمئزاز، فى ظل قرار محكمة العدل الدولية ومطالبتها إسرائيل بوقف القصف والحرب فى رفح.

كمسؤولة أممية هل سبق لك أن واجهت مشاهد مروعة مثل التى تحدث فى غزة؟ وما هى أصعبها؟

لم أر مثيلًا لما يحدث فى غزة.. لكن بعض المشاهد تذكرنى بوضوح بالحرب فى يوغوسلافيا السابقة، هذه حرب ضد مكان مدمر فليس لدى الناس مكان يذهبون إليه.. أؤكد لك أن جميع المشاهد صعبة، فإن ما يحدث بمثابة تدمير للحياة، كل يوم نرى أمهات وآباء يشيعون أطفالهم، ونرى أجسادًا مشوهة للكبار والأطفال.. بكل حزن صور جثث الأطفال القتلى هى أثقل ما يمكن رؤيته.

كيف تقيمون ما يحدث فى غزة ورفح؟ وكيف تابعت مشهد تفجير الخيام؟

الشعب الفلسطينى يتعرض للإبادة الجماعية وكل يوم أسوأ من الذى قبله، والمشاهد فى رفح فظيعة، والسكان والنازحين يعيشون فى رعب.. الناس فى الخيام مصابون بالصدمة، والكسور، والجروح، ولم يبق لهم سوى حياتهم، ورغم كل هذا فإن إسرائيل تواصل الضرب والقصف.. إننى أشعر بالأطفال والكبار وبشرتهم تذوب قبل أن يموتوا بألم مبرح.

محكمة العدل الدولية أصدرت قراراتها بالفعل.. لكن إسرائيل زادت من وتيرة قصفها وجرائمها.. فهل يمكن القول إننا أمام عجز دولى عن تنفيذ هذه القرارات؟

دائمًا، كان هناك إفلات من العقاب دون عواقب على إسرائيل، وفى الحقيقة كلنا متواطئون، بما فى ذلك البعض فى العالم العربى، حيث تستمر بعض الدول فى وضع حساباتها السياسية ومصالحها التجارية قبل حقوق الناس، ولكن التاريخ لن ينسى أبدًا.

نعم ولكن من المسؤول عن عرقلة قرارات المحكمة؟

إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وعلى جانب آخر الاتحاد الأوروبى الذى يظهر أيضاً ضعفاً وانقسامات بشأن المسائل المبدئية والقانون الدولى.. كما أن بعض الدول - وهذا سر مكشوف - يدعى أنه يدعم القضية الفلسطينية دائمًا، وهذا صحيح من الناحية النظرية، ولكن من الناحية العملية، يعتبرون حقوق الفلسطينيين قابلة للتضحية.

وفى جانب آخر فإن بعض البلدان العربية غير قادرة على العمل بشكل موحد ومتماسك ومتسق بشأن الحاجة إلى تحرير فلسطين من الفصل العنصري.. يشعر العرب بالفلسطينيين ويعانون معهم، وبعض الحكومات مهتمة حقًا بمساعدتهم، لكن هناك ضغوطات كثيرة.

وأين الأمم المتحدة مما يحدث أم يمكن القول أنها «مشلولة»؟

على نحو فعال، نعم، وأعنى هنا أنها ليست مشلولة بمعنى انعدام الحركة والانفعال الحى، لكن مرة أخرى، لا شىء يحدث بسبب حق الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن.. أؤكد أنه لا توجد إرادة حقيقية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لفرض أى قرارات تخص إسرائيل ووضع حد لغطرسة إسرائيل.

ما هو ردكم على تصنيف الكنيست للأونروا «منظمة إرهابية»؟

تصنيف إسرائيل للأونروا كمنظمة إرهابية أمر فاضح، وأعتقد أن الوقت قد حان لكى تتخذ الأمم المتحدة إجراءات جدية ضد إسرائيل، وتنبيهها بضرورة التوقف فيما تفعله من إساءة وهجوم وتشويه لسمعة المنظمات وتهديد أعضاء وكالات الأمم المتحدة ومسؤوليها، وهذه هى القشة الأخيرة من وجهة نظرى.

إسرائيل وأمريكا اتهموك بمعاداة السامية.. ربما نحن أمام تصعيد جديد من التهم ضد المسؤولين الأممين!

اتهامات إسرائيل بمعاداة السامية زائفة وكاذبة، فهم يستخدمون معاداة السامية كورقة لإسكات أى شخص يجرؤ على تسليط الضوء على مسؤوليات إسرائيل بموجب القانون الدولى.. يستخدمون ذلك مرارا وتكرارا ضد أى شخص، الناس فى الأوساط الأكاديمية، على مستوى الأمم المتحدة، فى أى مكان، بما فى ذلك اليهود فى كل مكان، يدفعون ثمنا باهظا للوقوف ضد ما تريد إسرائيل تحقيقه، وهو فى نهاية المطاف ما تدور حوله الصهيونية، تحقيق دولة مع أغلبية ديموغرافية من اليهود تهيمن على الفلسطينيين فى فلسطين التاريخية.. وهذا غير مقبول.. فى عام 2024، ولم يكن مقبولا فى عام 1967 و فى عام 1947.

وماذا عن دور الإعلام الغربى فى هذه الحرب؟

ما يحدث فى غزة ليس حربا، بل اعتداء وإبادة جماعية ضد السكان فى غزة، وأعتقد أن التغطية كانت ضعيفة ومضللة.. ضعيفة لأنه لم يتم الإبلاغ عن جميع الحقائق، ومضللة لأن هناك سوء توصيف لما يحدث.


ووسائل الإعلام الغربية، وخاصة وسائل الإعلام الرئيسية للشركات فى الغرب -ألمانيا أو فرنسا أو المملكة  المتحدة أو إيطاليا- أعطت لفترة طويلة مساحة لإسرائيل والسياسيين الإسرائيليين والقادة الإسرائيليين أو للأصوات المؤيدة لإسرائيل وهناك الكثير من حالات التحيز والعنصرية ضد الشعب الفلسطينى ، ولكن مع الوقت انتشرت الأمور بحرية أكبر على وسائل التواصل الاجتماعى ورأى الناس ما حدث لغزة، والآن لا يمكنهم تحمل هذه المذبحة.

كيف تابعت التحركات والجهود المصرية لوقف العدوان؟

الموقف المصرى معقد جداً.. والوضع صعب للغاية.. قد تواجه مصر وبلدان أخرى فى المنطقة مسؤولية حماية الفلسطينيين، حيث لا يبدو أن الإبادة الجماعية ستقف.. ومصر تشعر بالشعب الفلسطينى.. ولا أحد محصن من ضغط الولايات المتحدة.. وأرى أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من قطاع غزة لا يمكن فرضهم على مصر ولا يمكن أن تتعامل مصر بمفردها مع هذا الموقف.. أوروبا والدول الغربية يعتبرون البلدان العربية مخيما كبيرا للاجئين، سواء كان ذلك فى مصر أو ليبيا أو أماكن أخرى.. علينا جميعاً  وضع المصلحة الكبرى فى هذه الحالة للفلسطينيين الذين نزحوا من غزة فى صميم أى قرار سياسى.

منعك من دخول الأراضى المحتلة، ومطاردتك ومطالبات بطردك من الأمم المتحدة.. ألم تصابى بالخوف من هذا التصعيد الخطير؟

الخوف!.. هل أنا خائفة على سلامتى؟ لا..  أنا خائفة مما يمكن أن تفعله إسرائيل للفلسطينيين وكذلك بالإسرائيليين؟ نعم، بالطبع، خرج المشروع الصهيونى عن السيطرة تماما.. لذا، أنا خائفة.

وأؤكد لك أننى خائفة على الفلسطينيين، وفى نفس الوقت خائفة على الإسرائيليين.. أنا خائفة على أى شخص يرى ما يحدث ويقف ضده، لأنه كما ترون، حتى فى أوروبا، الحكومات تسحق وتقمع الاحتجاجات من أجل حماية الصهيونية.. لذا بالطبع أنا خائفة أنا خائفة.. لكن الخوف لا يكفى، كما تعلم، الخوف هو ما يجب أن يدفعنا إلى التصرف أكثر وبدون درس.

سؤال شغلنى خلال الحوار.. لماذا تقوم فرانشيسكا البانيز بكل هذا العمل لأجل القضية الفلسطينية؟

أنا لا أدافع عن حقوق الفلسطينيين فقط.. بل أقوم بمراقبة وتوثيق انتهاكات القانون الدولى التى ترتكب فى الأرض الفلسطينية المحتلة الآن فى تلك الأرض وكذلك فى بقية فلسطين التاريخية، تنتهك الحقوق الفلسطينية مرارا وتكرارا، وتنتهك حقوق الإسرائيليين الذين يتضامنون مع الفلسطينيين، والإسرائيليين الذين يقفون ضد الفصل العنصرى. لذلك، كلهم فى خطر، وأنا هنا أقف إلى جانب القانون الدولى.

جدير بالذكر، أنه فى خضم تصاعد حدة التحريض الإسرائيلى تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وموظفيها، أعلنت تل أبيب، منع دخول المقررة الخاصة للأمم المتحدة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز إلى إسرائيل.

وفرانشيسكا ألبانيز هى باحثة إيطالية منتسبة إلى معهد دراسة الهجرة الدولية فى جامعة جورجتاون، وكبيرة المستشارين المعنية بالهجرة والتشريد القسرى فى مركز بحوث متخصص تابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية.

شاركت ألبانيز فى تأسيس الشبكة العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية، وهو تحالف يضم محترفين وعلماء معروفين منخرطين بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية، وأصدرت العديد من المنشورات عن الوضع القانونى فى إسرائيل وفلسطين.

كما أصدرت كتابا تحت عنوان «اللاجئون الفلسطينيون فى القانون الدولى» يعرض تحليلًا قانونيًا شاملاً عن حالة اللاجئين الفلسطينيين.

ومنذ اليوم الأول للاحتلال الإسرائيلى وحتى ما يشهده عصرنا الحديث، وهى تلقى المحاضرات بشكل منتظم بشأن القانون الدولى والتشريد القسرى فى جامعات أوروبا والمنطقة العربية، وغالبًا ما تشارك كمتحدثة فى المؤتمرات والفعاليات العامة حيث تتناول الوضع القانونى لدولة فلسطين.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة