منذ أكثر من 2000 سنة عاصرت مصر رحلة عظيمة، رحلة مباركة، إنها رحلة العائلة المقدسة، التى تثبت أن مصر هى ملاذ الخائفين وأصحاب الأمل، وملجأ الطيبين والراغبين فى السلام، فعلى ترابها مشى أصحاب الديانات، وسار فى سهولها الراغبون فى تحقيق أحلامهم بالمحبة.
وقد عرفت مصر زيارات لا أول لها ولا آخر، لكنَّ الزيارة الخالدة للعائلة المقدسة؛ السيد المسيح، وأمه السيدة مريم العذراء، ومعهما يوسف النجار، القديس الطيب الذي وهب نفسه لخدمة المسيح وأمه، هي الأبرز والأشهر والأهم في التاريخ.
وها هى السنوات الطويلة قد مرت، ومع ذلك لا تزال رحلة العائلة المقدسة باقية، وأثرها باقٍ، وقيمتها مستمرة في حياة المصريين على المستويات الدينية والتاريخية والأثرية، وقد جابت العائلة في هذه الرحلة مدنًا مصرية كثيرة تبلغ ثماني محافظات الآن، وسارت على اليابسة وعبرت النهر وصعدت الصحاري واختبأت في المغارات؛ أي أنها دارت بين الجبال والكهوف والسهول، وبين اليابسة والماء، كل هذه الرحلة الشاقة المحفوظة بعين الله بثَّت الطمأنينة في قلب العذراء وابنها المقدس ومعهما يوسف النجار الذي تحمَّل كل شيء ولم يتركهما، لقد كانت رحلة عامرة، استمرت أكثر من ثلاث سنوات.
ومن حقنا أن نحتفل برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، وذلك عندما قررت السيدة مريم العذراء أن تأخذ ابنها الطفل ومعها يوسف النجار ويهربوا إلى مصر للاحتماء من بطش الملك هيردوس، الذى كان يسعى لقتل الطفل، دخلت العائلة إلى مصر وظلت بها أكثر من ثلاث سنوات زارت فيها أماكن كثيرة، ومرت على قرى ونجوع وتركت بركتها فى كل مكان.
وكان لى شرف إصدار كتاب بعنوان "رحلة الخير .. العائلة المقدسة فى مصر" عن المركز القومى للترجمة، برئاسة الدكتورة كرمة سامي، حيث قمت بكتابة الرحلة بطريقة سردية، وقامت الدكتورة رضوى قطيط بترجمة النص إلى اللغة الإنجليزية، ثم أرفقت عددا كبيرا من اللوحات العالمية التى وثقت للرحلة وعبرت عنها.
وبعدما انتهيت من البحث فى الرحلة تيقنت أنها شأن مصرى وجزء من هوية مصر، وأنها تهم كل المصريين، وعلينا الاهتمام بها وإحياء مسارها، لأن تتبع الطريق التى سار فيها السيد المسيح والسيدة مريم مغرى لعدد كبير من الناس فى العالم أن تسير فيه.
أكثر من ثلاث سنوات ذهابًا وإيابًا، قضتها العائلة في مصر وسيلة مواصلاتهم الوحيدة "حمار" ضعيف إلى جانب المراكب أحيانا في النيل، وبذلك قطعوا معظم الطريق مشيًا على الأقدام محتملين تعب المشي وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة في كل مكان، فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكلمة تحملها المسيح وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف.
لكنها لم تكن رحلة في الفراغ بل كلها عظة وعبرة، كما أنها منحت مصر مكانة مهمة في التاريخ الديني المسيحي، وهو ما يدل على مكانة هذه الأرض ودورها في تاريخ الإنسانية، فالعديد من أنبياء الله مروا من هنا، أو أشاروا إلى قيمتها وأهميتها.
كتب وثقت الكتب لرحلة العائلة المقدسة
رحلة العائلة المقدسة من الاكتتاب حتى العودة الى الناصرة.. كتاب لـ مجدي صادق
تتبع الكتاب كل ما يتعلق بالمراحل الأولى من حياة العائلة المقدسة وما يرتبط بحياة القديسة العذراء مريم منذ ولادتها ونذرها للهيكل، ثم جاء الملاك وبشرها بالحبل بالمقدس ، وشعورها بالخطر على طفلها، حتى قام يوسف النجار وأخذ العذراء والصبي وهربوا إلى مصر.
وظلت العائلة المقدسة بمصر حتى موت هيرودس ثم صعدوا من أرض مصر بعد أن تغربوا فيها أربع سنوات كاملة، مروا فيها بكثير من المدن والأحياء المصرية سواء في رحلة الذهاب أو العودة.
رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر لـ إسحق إبراهيم عجمان
ويتضمن الكتاب عشرة فصول جمعت كل أبعاد الرحلة وسجلت حقائقها، وأسبابها، ومصادرها، وطقوسها، ومساراتها، ومدتها، ومسافاتها، وشخوصها، ورصد الكاتب أحوال مصر أثناء فترة رحلة العائلة المقدسة ثم أعقبها بدراسة تاريخية وجغرافية مدققة لمسار العائلة المقدسة، والشواهد الأثرية من كنائس وأديرة ومغارات وأشجار وآبار ماء عذب فى مسار الرحلة.
رحلة العائلة المقدسة في مصر لـ ياسر مصطفى
يعرض الكتاب كثير من تفاصيل هذه الرحلة، حسب ما ورد في نصوص التوراة والإنجيل مستأنسًا بإشارات القرآن الكريم حول مقام العائلة المقدسة ورحلتها مع الصبر والتحمل، فعرَّف الكتاب بمريم العذراء والنبي الكريم سيدنا عيسى عليهما السلام، ثم عرض لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل الذمة أجمعين، ثم بسط للرحلة التي بدأت في شمالي مصر، ثم في منطقة القاهرة، ثم في صعيد مصر حتى وصلت الدير المحرق، ثم يختم الكتاب بالإجابة على سؤال مهم مفاده: ماذا بعد الرحلة؟ ويجيب المؤلف بأن الرحلة كانت مقدمة إلهية لوضع خريطة جديدة بين المسلمين والمسيحيين حدودها التسامح والبر والإخاء.
رحلة العائلة المقدسة إلى مصر في الفن التشكيلي
حرص عدد كبير من الفنانين العالميين على تقديم وجهة نظرهم وإبراز جمال رحلة العائلة المقدسة، ومن أشهر الفنانين بارتولومي موريللو، ومايكل أنجلو، ورفائيل، كارافاجيو، وفيليب أوتو رونجي.
ومن الفنانين أيضا، هانز ميملينج، صموئيل بالمر، مايكل أنجلو ميريسي كارافاجيو، جان جاك الثاني لاجريني، جورج تروبرت، أبراهام جوفيرتس، جيوفاني باتيستا تيبولو، ألبريشت دورر، جيوفاني دومينيكو تيبولو، جيرارد ديفيد.
كذلك ظهرت لوحات لكل من جاكوبو روبوستي تينتوريتو، ماكس كلينجر، جيوتو دي بوندوني، فيتوري كارباتشيو، مايكل أنجلو ميريسي كارافاجيو، كارلو ماراتي، بارتولومي إستيبان موريللو، كلود لورين، يواكيم باتينير، أنيبال كاراتشي، أبسولون ستومي.
إبراهيم جوفيرتس
الرحلة إلى مصر
أنتوني فان ديك
بارتولومي إستيبان موريللو
جان الأكبر بروغل
جان جاك الثاني لاغريني
جيوتو دي بوندوني
جيوفاني باتيستا تيبولو 2
جيوفاني باتيستا تيبولو
دخول المسيح مصر
صموئيل بالمر
عودة العائلة المقدسة من مصر
فرانسوا دي بويلي
فيتوري كارباتشيو
كارلو ماراتي
كلود لورين
ماكس كلنجر
مايكل أنجلو ميريسي كارافاجيو
هانز مملينج
يواكيم باتينير
