<< تحذيرات من ظهور أمراض جديدة أو عودة أخرى بعض القضاء عليها نتيجة التلوث البيئي بغزة
<< الرياح وتسرب مياه الصرف للبحار ورماد المباني المهدمة أبرز العوامل المؤثرة على انتشار التلوث بالمنطقة العربية
<< وزير الصحة الفلسطيني: التلوث البيئي بغزة سيؤثر على الأجيال لعشرات السنوات المقبلة
<<281 ألف طن من غازات الاحتباس الحراري أطلقها الاحتلال على غزة في أول 60 يوما للحرب
<< تراكم 300 ألف طن من النفايات المنزلية والنفايات الطبية
<< مطالب بتشكيل لجنة محايدة تشرف عليها الأمم المتحدة لتقييم الأضرار البيئية ومطالبة الاحتلال بتعويضات
<< الهلال الأحمر الفلسطيني: انتشار النفايات وقنابل الاحتلال تؤدى لظهور أوبئة تؤثر على دول الجوار
<< النفايات الصلبة في غزة تؤثر على التنمية المستدامة وأهدافها الـ17 في 5 دول
<< النتائج البيئية الكارثة بسبب حرب غزة تعادل تأثير 20 دولة على التغير المناخي
<< الأردن: البصمة الكربونية في المنطقة ارتفعت نتيجة قنابل الاحتلال وتحمل مادة "إسيست" التي تسبب السرطان
<< لبنان: المعادن الناتجة من القذائف تؤثر على المياه الجوفية لسوريا ولبنان وعدة دول ولابد من استراتيجية لتعقيم المنطقة
"الآن أنا الموت مدمر العوالم"، كان هذا اعتراف الفيزيائي الأمريكي روبرت أوبنهايمر، والملقب إعلاميا بـ"أبو القنبلة الذرية" والمقتبسة من كتاب "البهاجافاد غيتا" الهندوسي، ليعتذر عن كارثة اختراعه القنبلة الذرية، والتي تم استخدامها في نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتذر عن الآثار البيئية المرعبة لتلك القنبلة والتي قتلت 140,000 شخص في هيروشيما، و80،000 في ناجازاكي، كما مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات، بينهم 15-20% متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق والصدمات والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، هذا الحال ينطبق الآن على قطاع غزة، الذي يدك يوما منذ 7 أكتوبر الماضي بعشرات الآلاف من المتفجرات والقنابل، وتدمير مئات الآلاف من المباني، وهو الأمر الذي ينعكس على الوضع البيئي.
واصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، في الوقت الذي كان العالم يحضر فيه قمة المناخ الـ28، في مدينة دبي بالإمارات، من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر وهو نفس فترة التي شهدت استمرار القصف الإسرائيلي، وكان من بين مخرجات هذه القمة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق على إنشائه في القمة الـ27 لعام 2022، لتعويض دول الجنوب الأكثر تضرراً من تغير المناخ، وحشد 83.9 مليار دولار تمويلات مالية تجاه العمل المناخي، والتوقيع على إعلان زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة من نحو 130 دولة، وتوقيع 153 دولة على إعلان الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، كل هذا يتزامن مع قصف وإبادة جماعية لا تقتصر آثارها في غزة على آلاف الشهداء والجرحي، بل مخاطر بيئية تتفاقم من مشكلة المناخ وتؤدى لانتشار الأمراض والأوبئة في منطقة الشرق الأوسط.
مخرجات القمة الـ28 للمناخ في دبي
في مقدمة هذا الملف، تحدثنا عن قنبلة هيروشيما وناجازاكي ليس من وليد الصدفة، ولكن الآثار البيئة المرعبة لتلك القنبلة أقل بكثير مما ينتج عن مخاطر بيئية تهدد الشرق الأوسط بسبب جرائم الاحتلال، خاصة أن التقديرات التي شملت أول 3 أشهر فقط من الحرب على غزة، تحدثت عن مجمل القنابل والمتفجرات التي ألقتها اسرائيل على غزة بمعدل 65 ألف طن، أي ما يعادل 3 أضعاف وزن قنبلة هيروشيما، وما كشفته صحيفة الجارديان البريطانية في وقت سابق، بأن 281 ألف طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري أطلقها الاحتلال على غزة في أول 60 يوما فقط من حرب الإبادة، وهو ما يعادل حرق 150 ألف طن من الفحم.
حجم الأطنان من المتفجرات الملقاه في الحرب
في تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية كشفت فيه عن نتائج فحوصات عينات من ضحايا الحرب أكدت أن هناك مواد سامة ثقيلة، كاليورانيوم بنسب تتجاوز كثيراً المعدلات الطبيعية في أجساد المفحوصين، مما تسبب في تسمم الأجنة، وتشوهها، وتزيد حالات العقم بين الرجال والنساء، نتيجة استخدام إسرائيل تلك الأسلحة المحظورة دولياً خلال حروبها على غزة، بجانب تأثير تلك القنابل الإسرائيلية على انتشار الأمراض، وهو ما كشفته أيضا وزارة الصحة الفلسطينية، في فبراير الماضي، عندما أكدت أن القطاع يعاني من تلوث خطير في المياه يصل إلى 97%، مما أدى إلى تفشي الأمراض الخطيرة، خاصة الفشل الكلوي، فيما أكد حينها أيضا مدير دائرة البيئة في وزارة الصحة الفلسطينية سامي لبد أن تلوث المياه يقسم الى قسمين وهما تلوث كيميائي وتلوث مايكروبيولوجي، وأن التلوث الكيميائي ناتج عن ارتفاع عنصر الكلورايد والنترات والملوحة، وأن تلوث النترات هو الأخطر.
الأضرار البيئية على قطاع غزة
حاولنا الوقوف بدقة على حجم الأضرار البيئية التي لحقت بقطاع غزة بعد دخول العدوان الإسرائيلي لشهره الثامن، لذلك تواصلنا مع المهندس بهجت جبارين، مدير دائرة الرقابة والتفتيش في سلطة جودة البيئة الفلسطينية، ورئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، والذي كشف عن 8 قطاعات بيئية تضررت بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، مؤكدا أن هناك أكثر من 120 ألف متر طولى لشبكات المياه التي تم تدميرها وتخريبها بشكل كامل بالإضافة إلى أكثر من 480 نقطة ومحبس ومحطة ضخ وكل ما يتعلق بنقاط شبكات المياه من مناهل ونقاط تحويل ومحابس وغيرها دمرها الاحتلال في القطاع.
"حصة الفرد من المياه وصلت في قطاع غزة إلى 3 لتر للفرد في اليوم وهذا عبارة عن حصة كارثية"، هنا يشرح بهجت جبارين، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، الوضع المأساوى لأهالى القطاع وحالة العطش التي يعانون منها بسبب عدم توافر المياه كما وكيفا نتيجة قصف الاحتلال لمصادر المياه وللشبكات والمرافق في القطاع، موضحا أن هناك مجاعة فيما يتعلق بالمياه نتيجة قطع كل مصادر من قبل الاحتلال، وتدمير الآبار الموجودة في قطاع غزة المزودة للمياه، والكمية المتوافرة حاليا 3 لتر للفرد فى اليوم، عبارة عن حصة ملوثة بكافة العناصر سواء بالمواد المتفجرة أو مياه الصرف الصحي أو من خلال العناصر الثقيلة والنترات نتيجة النفايات الخطرة والمواد الخطرة والأسمدة والمبيدات والأسلحة المستخدمة في قطاع غزة، وهناك تلوث كيميائى وبيولوجي وتلوث بشح وندرة المياه والمتوافرة للفرد والحصة المتوفرة غير صالحة للشرب.
ويؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن الاحتلال دمر 40 بئرا جوفية للمياه كليا، وهذه الآبار التي تغذي قطاع غزة، تم تدميرها بشكل كامل وهناك 93 بئرا تم تدميرها بشكل جزئى وعطلت عن العمل ، متابعا :"الاحتلال دمر 9 خزانات رئيسية وهي الموزعة للمياه للبلديات والمجالس والمحافظات في غزة وقدراتهم الاستيعابية من 2000 إلى 3000 متر مكعب، بينما بخصوص الشبكات هناك أكثر من 5 آلاف متر طول من شبكات مياه الأمطار والمياه السطحية تم تدميرها بفعل الاحتلال، بجانب القنوات والمناهل وغيرها.
طول الشبكات التى تم تدميرها في غزة بسبب العدوان
كما يتحدث بهجت جبارين، عن حجم الخسائر في محطات تحلية المياه بسبب العدوان الإسرائيلي، قائلا :"بخصوص محطات التحلية هناك 3 محطات تحلية في قطاع غزة تم تدميرها سواء المركزية أو الرئيسية، وهناك تلوث كبير في المياه الجوفية بقطاع غزة، قبل الحرب ونتيجة للحصار وانقطاع الكهرباء قبل الحرب وعلى مدار 14 عاما كان هناك تسرب لمياه الصرف الصحي غير المعالج لآبار المياه الجوفية المغذية لقطاع غزة والآن هناك تلوث 97 % من هذه الآبار إما بالنترات أو العناصر او التلوث البيولوجي الناتج عن الصرف الصحي وهذا ما قبل الحرب ، وحاليا التلوث يزيد عن هذه النسبة نتيجة لاستخدام القنابل والفسفور الأبيض والقنابل العنقودية وأكثر من 60 ألف طن من المتفجرات سقطت على قطاع غزة، وهذه المتفجرات وما تحمله من عناصر ثقيلة وخطيرة تتسرب مواد كيميائية خطيرة إلى التربة وإلى المياه والشاطئ بالإضافة إلى تدمير محطات الصرف الصحي أصبحت المياه الصرف الصحي أكثر من 130 ألف متر مكعب تختلط بالمياه الجوفية وجزء منها يتسرب للبحر مما يؤدى لتلويث الشاطئ والمناطق البحرية ولله أثر على التنوع البحرى".
أزمة المياه في غزة
تجريف حوالي 40 كيلو متر من المناطق الساحلية
ويكشف حجم التدمير في البيئة الساحلية بقطاع غزة، والتي تلوثت بعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة حيث ما يزيد عن 60 إلى 70 ألف طن من المتفجرات بالإضافة إلى تجريف حوالي 40 كيلو متر من المناطق الساحلية سواء بالآليات الثقيلة أو المعدات أو الأسلحة والقنابل والقواعد العسكرية، حيث إن هذا يؤدى إلى تلوث المنطقة الساحلية والبيئة الساحلية وتراكب النفايات الصلبة على الشاطئ وفي المناطق السكنية وتسربها إلى منطقة الشاطئ والبيئة البحرية، مؤكدا أن هذا التلوث بكافة عناصره من خلال تسربه واختلاطه بالبيئة البحرية كعناصر ثقيلة وخطيرة ومواد كيميائية خطيرة بالإضافة إلى التلوث البيولوجي الناتج عن الصرف الصحي والعصارة الناتجة عن النفايات المنزلية يؤثر على البيئة البحرية بغزة.
ويشير بهجت جبارين، إلى أن هناك 2100 منشأة صناعية تم تدميرها وتجريفها بشكل كامل وهذه المصانع قد تحتوى على مواد كيميائية كمدخلات إنتاج أو من خلال الخطرة الناتجة عنها أو من خلال النفايات الخطرة الناتجة عن المستشفيات والمراكز الصحية والطبية وهذه كلها تسري وتتسرب إلى البيئة الساحلية، مؤكدا أن هذا التلوث البحري عابر للحدود وقد ينتقل إلى الشواطئ المصرية المحاذية لبحر رفح والمنطقة المحاذية للمناطق الإقليمية الفلسطينية وتشكل مخاطر على دول الجوار وآثر بيئي عابر للحدود.
مشكلة النفايات الصلبة في غزة التي تراكمت بشكل مرعب نتيجة الاحتلال واستمرار حربه على القطاع، قضية في غاية الخطورة نظرا لما تشكله تلك النفايات من أضرار بالغة ليس على القطاع مفرده بل على العديد من الدول الأخرى، حيث يؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن هناك تراكم لحوالى 300 ألف طن من النفايات المنزلية والنفايات الطبية في منطقة غزة منذ بداية الحر، تلك النفايات التي تتراكم في مناطق الإيواء والمناطق السكنية وحول المدارس ومدارس الأونروا التي أصبحت مراكز للإيواء والمناطق المخيمات بالإضافة إلى لمناطق الشاطئ والبيئة البحرية بالإضافة لمناطق ترحيل النفايات التي أصبحت خارج الخدمة بشكل كامل بجانب أن هناك مكبين صحيين في قطاع غزة للنفايات، وهذه المكبات تم إغلاقها وتعطيلها بشكل كامل نتيجة عرقلة الحركة وعدم التمكن من الوصول إلى هذه المكبات، موضحا أن هناك 6 محطات ترحيل للنفايات في قطاع غزة في المحافظات المختلفة تم تدمير هذه المحطات بشكل كامل أو بشكل جزئي وأصبحت خارج الخدمة وتم تدمير وحدتين لمعالجة النفايات الطبية وهذه النفايات تصنف حسب نظام النفايات الفلسطيني أنها نفايات خطرة ، والنفايات الطبية تتراكم في أروقة المستشفيات والمراكز الصحية والأحياء والتجمعات السكانية ومناطق الإيواء، وهناك أكثر من 180 آلية جمع نفايات في قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل وأصبحت عملية جمع النفايات مشلولة بشكل كامل نتيجة لتدميرها، وحتى لو كان هناك أي عمليات هدنة لا تتمكن الطواقم الموجودة من القيام بعملها نتيجة لتدمير البنية التحتية الخاصة بجمع النفايات خاصة الآليات والمعدات .
تصريحات بهجت جبارين، تتطابق إلى حدا كبير مع ما أعلنته منظمة الأمم المتحدة، في 22 أبريل الماضي عبر موقعها الرسمي بأن 270 ألف طن من النفايات الصلبة تراكمت في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ أكثر من 6 أشهر، مشيرةً إلى أن هذا يخلق كارثة بيئية وصحية، وحينها قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة تلقت معلومات عن وصول كمية النفايات الصلبة المتراكمة في أنحاء قطاع غزة إلى 270 ألف طن، وذلك يتسبب في كارثة بيئية وصحية عامة، كما أن تدمير منشآت إدارة القمامة ومراكز النفايات الطبية، قوض بشكل كبير جمع القمامة الصلبة والتخلص منها من البلديات.
الأمم المتحدة تكشف حجم تلوث البيئة
وفي ذات الشهر، وبالتحديد في 25 أبريل الماضي، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن مسألة إدارة النفايات الصلبة في غزة أصبحت حاجة ملحة، وتتطلب دعما وحلولا فورية، مؤكدا أن الحرب أحدثت المزيد من الدمار، وشلت البنية التحتية الحيوية لجمع النفايات، وفاقمت الوضع المتردي بالفعل، وتسبب تدمير مركبات جمع النفايات والمرافق ومراكز معالجة النفايات الطبية ضغطا كبيرا للبلديات التي تسعى جاهدة للتعامل مع الأزمة المتصاعدة.
تدمير 35 ألف سيارة وتحولها لنفايات خطرة
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن هناك مشكلة السيارات التي تم تدميرها في القطاع وما تخلفه من كوارث بيئية، وهو ما يؤكده بهجت جبارين، بأن هناك أكثر من 35 ألف سيارة ووسيلة نقل تم تدميرها وهذه السيارات نتيجة لاحتوائها لبعض الأجزاء الخطيرة تتحول إلى نفايات خطرة، بجانب ملفات الهدم والتجريف الناتجة عن التدمير والتجريف وهدم المباني السكنية، حيث تم تدمير 130 ألف مبنى بشكل كامل في قطاع غزة، والبيوت المدمرة بشكل جزئى حوالى 270 ألف مبنى أي أن هناك 400 ألف مبنى تم هدمهم بشكل جزئى أو كلي ونتج عن هذه المباني مخلفات هدم من 26 إلى 36 مليون طن من مخلفات الهدم والردم والتي تحتاج من 10 إلى 15 سنة لإزالة هذه المخلفات فيما بعد الحرب، خاصة أن عملية إزالة هذه المخلفات ليست سهلة بل تحتاج لخطة لأن هذه المخلفات تحتوى على جثث وهناك مواد خطيرة ونفايات بين هذه المخلفات وقد تكون هناك متفجرات وألغام مزروعة وبالتالي تحتاج لخطة شمولية لعملية إزالة لما بعد توقف الحرب، ودمر الاحتلال أيضا 271 مقر ومركز صحي ومستشفى وعيادة مركزية في قطاع غزة، بشكل كامل بالإضافة إلى 634 مركز ودور عبادة ومراكز ومؤسسات حكومية كأبنية عامة في قطاع غزة، وتم تدمير 70 % من المدارس والجامعات.
أثار الهدم في غزة نتيجة العدوان
هناك دراسة لكل من الدكتور محمد فراس التميمي والدكتور علي شحادة، تحمل عنوان "التأثير البيئي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: تزايد خطير في الانبعاثات الكربونية"، بكلية الحجاوي للهندسة التكنولوجية، حملت إحدى فصولها تأثير الانبعاثات الناتجة عن هدم المباني، وأكدت أن الانبعاثات الناتجة عن هدم المباني خلال العدوان تشكل مساهمة كبيرة في التأثير البيئي الشامل، خاصة في سياق دور صناعة البناء في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وعندما يتم هدم مبنى، لا ينتج عنه كمية كبيرة من مخلفات الركام فحسب، ولكن أيضا يؤدي هذا إلى توليد انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، حيث ينتج عن هدم مبنى مكتبي مساحته 100 متر مربع تقريبا 1000 طن متري من مخلفات الركام وحوالي 110000 كيلوجرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
النفايات الخطرة
ويؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن جزء من المتفجرات التي ألقتها إسرائيل على قطاع غزة انفجرت من خلال تركيز العناصر الكيماوية والعناصر الخطيرة في التربة والمناطق السكنية وانتقال العناصر التي لها علاقة بالمواد العالقة في الهواء وهذه المواد تنتقل من منطقة لأخرى بالإضافة للمواد الخطيرة التي تحملها بغازات وغيرها وهذه تؤثر بشكل كامل وهي أيضا من التلوث العابر للحدود التي ينتقل للمناطق الحدودية وهو أثر عابر للحدود، خاصة أن الحرب على غزة أنتجت لتلوث للهواء والإشعاع وتغير المناخ نتيجة للانبعاثات المختلفة من كافة الأنشطة العسكرية والهجرة الجماعية للفلسطينيين – النزوح - والضغط على الموارد الطبيعية، خاصة أن هناك 60 مليون طن مترى مكافئ لثاني أكسيد الكربون نتيجة هدم المباني وهذا يتمثل في عناصر متطايرة وثقيلة والغبار الناتج عن عمليات القصف واستخدام المتفجرات بأنواعها بجانب حوالى 1,29 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن استهلاك الوقود للأليات العسكرية سواء دبابات أو قاذفات او غيرها، بالإضافة لاستخدام الذخائر تم تحويلها إلى 3 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الحروب والقياس بمليون طن
ذات الدراسة التي تناولناها خلال السطور الماضية وحملت عنوان "التأثير البيئي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: تزايد خطير في الانبعاثات الكربونية"، تؤكد أن الانبعاثات الغازية الدفيئة الكبيرة الناتجة من استخدام واسع للوقود في مناطق العدوان، والتي تساهم بشكل كبير في تغير المناخ، والتقدير الدقيق لاستهلاك الوقود الأحفوري في هذه المناطق يمثل تحديا كبيرا، بشكل رئيسي بسبب المحدودية في توفر البيانات، وعدم وجود تصور دقيق لنطاق هذه الأثار البيئية، كما استخدم الاحتلال خلال العدوان الأسلحة المدفعية على نطاق واسع، ويمكن لهذه الأسلحة أن تطلق مقذوف يزن حوالي 40 كجم لمسافات تتراوح بين 17 إلى 40 كيلومتر، لتنتج الانبعاثات الغازية من إنتاج المواد الخام للذخائر، ونقلها إلى ساحات القتال، واحتراق المادة الدافعة عند إطلاقها، وانفجار الرأس الحربي عند التأثير، ونظرًا لأن هذه الذخائر من المرجح أن يتم تجديدها لتعويض المخزون خلال العدوان؛ فإن الانبعاثات الناتجة عن إنتاجها مهمة أيضا لتقييم تأثيرات العدوان على المناخ.
دراسة حول الأثار البيئية لعدوان غزة
الدراسة أوضحت أن معظم هذه الانبعاثات يعزى إلى عمليات الهدم وإعادة البناء المستقبلية للبنية التحتية، وهو بمثابة تذكير صارخ بالعواقب البيئية التي يتم تجاهلها في الحروب غالبًا، وما يجعل الأمر أكثر خطورة؛ استمرارية العدوان لسنة - كما تلمح قوات الاحتلال الإسرائيلية- إذ إن الانبعاثات الكلية يمكن أن تتزايد إلى مقدار مقلق يصل إلى 629 مليون طن CO2e، لتؤكد هذه النتائج الأهمية البالغة لدمج الاعتبارات البيئية في العمليات المتبعة لحل النزاعات، والاستراتيجيات المستخدمة لإعادة الإعمار بعد النزاع، وبالتالي هناك حاجة ملحة الى إيقاف هذا العدوان على قطاع غزة وبشكل فوري.
وتشير الدراسة إلى أن إسرائيل تستخدم 50000 قذيفة يوميًا أي 1.85 مليون قذيفة خلال 35 يوما، كما يتم تدمير كميات كبيرة من الذخائر في الضربات على المستودعات، مما يؤثر على الانبعاثات، حيث إن الانبعاثات المتوسطة من ثاني أكسيد الكربون المكافئ لكل قذيفة مدفعية مستخدمة في هذا العدوان تبلغ تقريبا 1.4 طن، مما ينتج عنه تقريبًا 2.59 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ.
حجم القذائف التى يلقيها الاحتلال على غزة
وزير الصحة الفلسطيني: تلوث بيئى وإنساني خطير بغزة بسبب متفجرات الاحتلال وسيؤثر على أجيالنا لعشرات السنوات
وتواصلنا مع الدكتور ماجد أبو رمضان، وزير الصحة الفلسطيني، الذي كشف انعكاس تراكم الركام والقنابل والمتفجرات التي تلقيها قوات الاحتلال على صحة سكان غزة، موضحا أنه بسبب الكم الهائل من القنابل والبارود والمتفجرات وبعضها من اليورانيوم المغضب وغيره من المواد الكيماوية التي لا نعرف عنها بعد فهناك بلا شك تلوث بيئى وإنساني خطير وهذا قد يترك أثرا على الأجيال القادمة لعشرات السنين، وهناك العديد من الألغام والمتفجرات الأخرى التي لم تنفجر والتي قد تسبب كوارث كبيرة في حال تم التعامل معها بشكل خاطئ خلال إزالة الركام.
ويضيف وزير الصحة الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من رام الله، أنه بسبب الركام وتراكم النفايات الصلبة، أصبح هناك العديد من القوارض والحشرات التي تنتشر وهذا يؤدى إلى نقل الأمراض وصعوبة كبيرة بجانب تحلل الجثث تحت ركام المباني وفي المقابر الجماعية التي ربما قام الاحتلال ببعثرتها وتدنيسها بجانب بعض المرضى دفنوا بدون تحديد وفي أماكن داخل المستشفيات وهذا يعطل العمل وإعادة البناء في غزة لما تم هدمه.
وزير الصحة الفلسطيني الدكتور ماجد أبو رمضان
ويشير ماجد أبو رمضان، إلى أن نقص البنية التحتية في القطاع بسبب نقص العدوان ونقص الماء النظيف وتعطل شبكة الصرف الصحى عن العمل وقلة الطعام المتاح لسكان غزة والمرضى ، تسبب في تفشى الأمراض المعدية من أهمها التهاب الكبدى الفيروسي نوع أ وهناك عشرات الآلاف من سكان غزة أصيبوا بذلك بجانب حالات الإسهال والقئ والاتهاب المعوى الحاد الناتجة عن تلوث مياه الشرب وتلوث مصادرها وانعدامها في معظم الأحياء.
نعود لرئيس لجنة حصر الأضرار في قطاع عزة، والذي يؤكد خلال تصريحاته الخاصة، أن هناك 133 ألف من غاز ثاني أكسيد الكربون ناتج عن استخدام الطائرات والسفن والبوارج التي تقوم بنقل الأسلحة لقطاع غزة، وتم تدمير 12 ألف وحدة إنتاج طاقة شمسية وطاقة نظيفة نتيجة الحصار على غزة وقطع الكهرباء منذ أكثر من 16 عاما، ونتيجة لعدم تشغيل محطة انتاج تشغيل الطاقة في غزة لعدم توافر الوقود كان استخدام كبير لمشاريع الطاقة المتجددة وتم تدمير حوالى 12 إلى 13 ألف وحدة منها وهذه الوحدات تشغل 60 إلى 70 % من الطاقة النظيفة بالإضافة إلى استخدام اليورانيوم المنضب حيث إن في الحرب السابقة تم استخدام هذا السلاح في غزة ولم تقدر الكمية واستخدام الفسفور الأبيض وهو ما يتسبب في التلوث الهوائي والإشعاعي وهي أضرار عابرة للحدود وقد يكون امتدادها لدول الجوار.
النفايات الطبية
ويشير بهجت جبارين، إلى أن هناك آلاف من النفايات الطبية التي تركت دون معالجة خلال فترة الحرب، بالإضافة إلى النفايات الصناعية والكيماوية الخطرة، حيث إن مساحة قطاع غزة 376 كيلو متر مكعب أو دونم، ونتيجة لحصار الاحتلال، هناك 120 ألف كيلو متر منطقة فاصلة مع الاحتلال الصهيوني تم منع دخول المواطن الفلسطيني لهذه المنطقة بعمق 1,5 كيلو متر منذ 14 عاما وحصار قطاع غزة، أصحبت منطقة آمنة يمنع دخول المواطن الفلسطيني لها وتشكل ثلث مساحة غزة وهي من الأراضي الزراعية عالية الجودة وكانت تعتبر من السلاسل الغذائية للمنطقة، وهذه المنطقة المعزولة والمحرومة على الفلسطيني أصبحت مسرح للعمليات العسكرية الصهيونية وقواعد عسكرية بالتجريف والقصف والأحزمة النارية التي تم قصفها وضربها قبل المعركة البرية على قطاع غزة وأبيدت بشكل كامل نتيجة للتجريف والضرب بالقنابل سواء الفسفورية أو العنقودية وكان هناك أحزمة نارية في تلك المنطقة وآثار هذه القنابل والتجريف قد يحتاج لعشرات السنوات لمعالجة آثار هذه المنطقة.
نفايات في غزة
ويشرح رئيس لجنة حصر الأضرار في غزة، طبيعة الأراضي في القطاع وتقسيماتها، قائلا :"لدينا منطقة البيئة الساحلية، والمنطقة السكنية وشكلت ثلث ساحة غزة حوالى 120 كيلو متر وتم تجريف 70 % منها بشكل كامل نتيجة للقصف والتجريف للمناطق السكنية، والثلث الأخر 120 ألف كيلو متر وهي المنطقة الخدمية والساحل أيضا جرفت بشكل كامل، وبالتالي أصبح يوجد فقط المنطقة التي لم تتعرض بشكل مباشر لعمليات جرف والقصف وتشكل حوالى 30 % من ثلث قطاع غزة الخاص بالمنطقة السكنية، والثلث الخاص بالأراضي الزراعية عالية القيمة مزروعة بالمحاصيل الحقلية والخضار والفواكه والزراعات المكثفة كالبيوت البلاستيكية والتي ذكرتها في المقدمة تم تدميرها بشكل كامل أي أن ثلثين دمروا بشكل كامل ، حيث در الاحتلال عدد من المشاتل في غزة المنتجة للأشتال المثمرة والخضار والزينة منها مشاتل لبلدية غزة مساحتها 13 دونم من أول أيام الحرب وتم قطع وتجريف حوالى 55 ألف شجرة من أشجار الطرق والحدائق العامة وحوالى 8 حدائق عامة تم تدميرها و20 ميدان عام وهي مناطق حدائق مفتوحة للمواطنين للتنزه والمشي والسير وممارسة الحياة اليومية وممارسة الرياضة تم تدميرها بشكل كامل".
تقسيم قطاع غزة - رسم توضيحي
في مارس الماضي، كشف تحليل لصور بالأقمار الاصطناعية عرضه منظمة " Forensic Architecture"، أطلعنا عليه، تعرض الأراضي الزراعية في قطاع غزة للتدمير، وتجريف ما يقرب من نصف الأشجار بالمنطقة، مؤكدة تعرض نحو 38-48% من الغطاء الشجري والأراضي الزراعية في القطاع للتدمير، حيث أظهر التحليل أن الأراضي الزراعية والبساتين كانت تغطي 170 كيلومتراً مربعاً، أو 47% من المساحة الكلية للأراضي في غزة قبل 7 أكتوبر، ولكن مع نهاية فبراير الماضي، دمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية أكثر من 65 كيلومترا مربعا.
تقرير حول تدمير الأراضي الزراعية
مخاطر من القضاء على 20 نوعا من الثديات و25 نوعا من الزواحف في غزة وهجرة الطيور
ويكشف بهجت جبارين أيضا، تأثير العدوان الإسرائيلي على التنوع البيولوجي في القطاع، موضحا أنه يوجد في قطاع غزة ما بين 150 لـ200 نوع من الطيور منها المتوطنة او المهاجرة خاصة منطقة وادى غزة التي تستقبل الطيور المهاجرة وهناك 20 نوعا من الثديات و25 نوعا من الزواحف، وكل آثار الحرب سواء المباشرة أو غير المباشرة ستؤدى إلى القضاء عليها بشكل كامل وهجرة الطيور المهاجرة نتيجة للقصف والتدمير والتجريف والإزعاج البيئي بكافة أشكاله وتم القضاء على التنوع الحيوي لأن المنطقة لم تعد قابلة للحياة بشكل كامل.
تدمير شبكات الصرف الصحى وانتقال الأضرار البيئية لدول الجوار
"يوجد 9 محطات معالجة للصرف الصحي في غزة دمرها الاحتلال بشكل كامل وجزئى"، هنا يعرض بهجت جبارين حصر للأضرار في قطاع الصرف الصحي، لافتا إلى أن هذه المحطات لم تكن تعمل بكامل طاقتها قبل الحرب نتيجة لانقطاع الكهربائي في قطاع غزة، وعدم توافر الوقود لتشغيل هذه المحطات، وهذه المحطات أصبحت معطلة نتيجة لقطاع الكهرباء والوقود والقصف والتدمير، وهناك 130 ألف متر من شبكات الصرف الصحي تم تدميرها بالإضافة لتدمير 87% من محطات الضخ والكهرباء وخطوط وقنوات مياه الصرف الصحي في غزة، ومعدات وآليات للصرف الصحي تم تدمير 93 آلية ومعدة تم تدميرها.
أكثر من 55 ألف حالة مرضية بالجرب والأمراض الجلدية
ويتابع :"سوف نعانى من هذه الأضرار البيئة لعدد من السنوات القادمة بعد الحرب وقد يكون له أثار عابرة للحدود نتيجة أن هناك أكثر من 36 ألف حالة وفاة وشهداء في قطاع غزة بالإضافة إلى أكثر من 80 ألف من الإصابات وحوالى 15 ألف مفقود، كل هذا يؤثر بشكل مباشر على انتقال الأمراض خاصة أمراض جديدة وأمراض تم القضاء عليها منذ مئات سنين قد تظهر خلال الفترة المقبلة، وقد تكون هذه الأمراض عابرة للحدود خاصة المناطق المجاورة، خاصة مع عمليات الهجرة الداخلية للمواطن الفلسطيني وعمليات النزوح لعدة مرات نتيجة عمليات القصف، وتراكم حوالى 2 مليون مواطن غزاوى في موقع واحد ومنطقة واحدة وما له من آثار صحية نتيجة لشح المياه وكل ما تعلق بالعوامل الصحية وهذا يؤدى لانتشار الأمراض والوبائيات بشكل كامل، خاصة أن هناك أكثر من 55 ألف حالة مرضية بالجرب والأمراض الجلدية والقمل والتي ظهرت نتيجة الفحوصات الطبية من المراكز الحكومية التي تقدم الخدمة الصحية في غزة سواء دولية او وطنية".
5 آلاف حالة إصابة بجدرى مائي و42 حالة من متلازمة الطفح الجلدي و4600 حالة إصابة بيرقان حاد
ويوضح بهجت جبارين، أن الأمراض الجلدية تم القضاء عليها منذ مئات السنين لكنها ظهرت الآن في غزة نتيجة الحرب، مع ظهور حالات الجدري المائي لحوالي 5 آلاف حالة بجانب 42 حالة من متلازمة الطفح الجلدي و4600 حالة إصابة بيرقان حاد، بالإضافة إلى 150 حالة التهاب السحاية، بالإضافة للالتهاب الكبد الوبائي والتهابات تنفسية وغيرها من الأمراض الوبائية التي قد تظهر خلال الفترة المقبلة خاصة أنه لا يوجد طواقم طبية قادرة على متابعة الحالة الوبائية بل هي طواقم واسعافات أولية للمصابين والجرحى.
عدد الحالات المصابة بأمراض نادرة في غزة سبب التلوث البيئي
القوات الإسرائيلية تستخدم أسلحة غير مألوفة
هنا انتهت تصريحات بهجت جبارين، رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، إلا أنها تكشف عن مخاطر بيئية كبيرة للغاية لا تقتصر على القطاع فقط، بل تضم المناطق المجاورة لغزة، خاصة مع ضخامة التدمير وحجم المقذوفات التي يتم إلقائها بشكل يومي، بجانب حجم النفايات المتروكة في الشوارع والتي لها انعكاس شديد على البيئة، وهو ما أكدته مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في 26 أبريل الماضي، بأن ارتفاع كميات النفايات بصورة كبيرة يؤدى إلى تهديد المناطق بأزمة بيئية وصحية خطِرة، مستشهدة بتفاقم مأساة النفايات الصلبة في خان يونس خلال الأشهر الأولى من الحرب، وارتفاعها من 250 طنا يوميا إلى 350 طنا يوميا بسبب حالات نزوح السكان من شمال القطاع، وهذا الارتفاع الهائل والضغط المتزايد للنفايات أثر بصورة كبيرة في أداء الفِرَقِ المكلَّفة بجمعها في الجنوب، وهناك كميات ضخمة من المخلفات المتفجرة التي تهدد حياة السكان بسبب تلويثها للبيئة المحيطة، حيث استخدمت القوات الإسرائيلية أسلحة غير مألوفة، تجاوز تأثيرها حدود البشر لتلحق الأذى بالبيئة في المدى البعيد، كالقنابل الفسفورية، والدايم، والحرارية الفراغية المحرقة، وأسلحة تحتوي على يورانيوم مستنقَذ.
الرياح تنقل الانبعاثات الناتجة عن المتفجرات وهدم المباني للدول المجاورة
هنا يتحدث الدكتور سمير طنطاوى عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، واستشاري التغيرات المناخية في الأمم المتحدة، عن الآثار البيئية المدمرة للحرب على غزة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن تأثيرات الحرب في غزة هي تأثيرات مدمرة للبيئة بخلاف البنية التحتية، حيث إن تدمير تلك في البيئة سيستغرق وقتا طويلا لتقييمه وإصلاحه .
ويضيف عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الأسلحة المستخدمة عالية الخطورة خاصة قنابل الفوسفور التي تؤدي إلى تلوث شديد للبيئة سواء الهواء أو الماء أو التربة بخلاف تدمير الزراعات والتأثير على خصوبة التربة، ونظرا لأن الرياح في مصر معظمها شمالية شرقية بالتالي من الممكن أن الرياح تعمل على نقل متبقيات الملوثات الناتجة عن الحرب إلى دول الجوار .
الدول المتأثرة بالأضرار البيئية على غزة - رسم توضيحي
ويؤكد سمير طنطاوى، أنه نظرا لخطورة الوضع علي الارض نتيجة استمرار العدوان الغاشم علي قطاع غزة فمن الصعب تقدير حجم الضرر، موضحا أن الأمر يحتاج إلى لجنة دولية محايدة تشرف عليها الأمم المتحدة تعمل على تقييم الأضرار البيئية وكلفة هذه الأضرار ومطالبة العدو الاسرائيلي بتعويضات.
الدكتور سمير طنطاوى عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ
نفس الشئ يذهب إليه الدكتور على قطب أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، الذي يؤكد أن هناك تلوث كبير للغاية في البيئة في غزة وهذا التلوث لا يقتصر على غزة فقط بل ينتشر في البيئة المحيطة وفقا لاتجاهات الرياح السطحية وكذلك العلوية، حيث إن اتجاه الرياح العلوية في فلسطين تؤثر على منطقة جمهورية مصر العربية وشمال المملكة العربية السعودية ولبنان والأردن، وهذا التلوث نقسمه لثلاث أنوع من التلوثات الموجودة نتيجة الحرب فهي من الممكن أن تكون ملوثات إشعاعية وهي غازية، أو ملوثات سائلة أو ملوثات صلبة، وتتمركز في النفايات وما يحدث من حرب دائرة في هذه المنطقة العربية من دمار كبير للغاية.
"هذا التلوث البيئي ستعانى منه المنطقة العربية بشكل كامل لفترات قد تطول"، هكذا يشرح أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، حجم الكارثة البيئية التي تحل على منطقة الشرق الأوسط نتيجة العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذه الآثار البيئية نتيجة لكمية الكبيرة للغاية من التدمير والموتى بأعداد كبيرة والمصابين أيضا المتأثرين والدمار والذي يقع على المباني السكنية وما ينتج عن القنابل التي تلقى في تلك المنطقة من إشعاعات وملوثات تؤثر على صحة الإنسان بأمراض عديدة ليس فقط في غزة بل أيضا للمناطق المجاورة لها بما فيها إسرائيل نفسها التي ستتأثر بما يحدث في غزة من ملوثات وهذا كله سيكون له تأثير كبير للغاية على البيئة.
ويوضح على قطب، أن البيئة ستكون غير نقية نتيجة للرماد الذي يحدث نتيجة للانفجارات القنابل أو المباني السكنية، بالإضافة إلى أن الأرض الزراعية ستتأثر بما يحدث من دمار وبالتالي المحصول الزراعي الذي ينتج من الأراضي الزراعية سيتأثر بهذه الملوثات، وسيكون هناك تأثر كبير للغذاء في تلك المنطقة والمنتجات الغذائية بصفة عامة، كما أن النفايات التي لم يتم دفنها بالطرق العلمية الصحيحة في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية سيعانى منها الكثيرون من انتشار لبعض الأمراض وتلوث المياه وكل ما يحدث سيؤثر على التنمية المستدامة وأهدافها الـ17 في منطقة فلسطين وما يجاور فلسطين من دول سواء مصر أو سوريا أو الأردن أو لبنان وكذلك إسرائيل التي ستعانى أشد المعاناة ، بالإضافة إلى الأثار الجانبية الناتجة عن أثار إشعاعية وأيضا النفايات المتراكمة نتيجة للوفيات أو المباني السكنية أو الأسلحة التي تلقى في رؤوس الشعب الفلسطيني.
ويشير إلى أن هناك بعض المشروعات الاستثمارية الملازمة للمناخ والتغيرات المناخية ستقلل من حدة هذه الانبعاثات إلى حد ما، ولكن يطول منها القليل وفقا لحركة الرياح السطحية، بينما حركة العلوية ستؤثر بعيدا عن جمهورية مصر العربية لأنها تكون من الغرب للشرق وسيكون تأثيرها على الأردن وسوريا أكثر من تأثيرها على مصر بينما الرياح السطحية سيكون تأثرها مباشر على مصر خاصة شمال سيناء نظرا لتلاصق هذه المنطقة مع رفح الفلسطينية وغزة.
تعليق وزارة البيئة حول طرق مواجهة الأضرار البيئية المحتملة من الحرب على غزة
تواصلنا مع هبة معتوق المتحدث باسم وزارة البيئة المصرية، للحديث عن كيف تستعد وزارة البيئية لأي احتمالات لأضرار بيئية قد تنتج من الحرب في غزة، موكدة أن هذا الموضوع لم يتم حسمه نهائيا ما إذا كان هناك تأثيرات مما يحدث فى الأراضى الفلسطينية على مصر، مضيفة في تصريح مقتضب لـ"اليوم السابع"، أنه عندما تنتهى الحرب سيتم عمل الدراسات اللازمة من قبل الجهات الدولية المعنية.
ويشار هنا إلى أنه في 3 مارس الماضي، ألقت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، كلمة مصر في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، والذي عقد ضمن فعاليات أعمال الدورة السادسة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بالعاصمة الكينية نيروبي، وقالت حينها إن العالم يراقب ويوثق ما يحدث للشعب الفلسطيني، حيث لا يمكننا الاستمرار في إعطاء رسائل متضاربة وازدواجية فى المعايير، داعية إلى اتخاذ موقف موحد لمنحهم الحق الكامل في الحصول على احتياجاتهم الأساسية من مواردهم الطبيعية، بجانب تطابق الشيء نفسه على منطقة البحر الأحمر، حيث الصراع هناك غير المسبوق، والذي تسبب في تدمير النظام البيئي والتنوع البيولوجي ومياهنا البحرية.
أسباب تجعل الأضرار البيئية في غزة عابرة للحدود - رسم توضيحي
حجم تأثير الدمار في غزة على دول الجوار بيئيا
الدكتورة إسلام الهبيل باحثة دكتوراه الفلسطينية في الهندسة البيئية والكيمائية، تؤكد أن مواجهة الآثار البيئية المدمرة الناتجة عن الحرب على غزة ستستغرق سنوات عديدة وقد تصل لعقود، موضحة أن الكثير من الدول الأوروبية لازالت تعاني من تبعات الحرب العالمية الثانية، كما أن أوكرانيا تتحدث عن عدم مقدرتها حتى الأن عن تحديد التكلفة للإبادة البيئية بسبب الحرب، ولافتة في ذات الوقت إلى أن التبعات والعواقب البيئية للعدوان الإسرائيلي تمتد لسنوات طويلة، وتطال المنطقة وأجيال قادمة نظرا للقنابل المحتوية على مواد قابل للانفجار، لم تنفجر بعد ومواد قابلة للاشتعال، لازالت بين أنقاض البيوت وبين خيام النازحين، بالإضافة إلى مواد سامة وخطرة انتشرت من خلال الهواء والمياه الجوفية ومياه البحر، وهو ما يساعد بشكل كبير لنقلها إلى الدول التي لها حدود بحرية مع قطاع غزة.
وتضيف إسلام الهبيل في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن إسرائيل تمارس إبادة بيئية بحق كل مصادر الحياة والطاقة في قطاع غزة، كما تمارس التطهير العرقي بحق أهالي قطاع غزة، حيث إن 90% من مصادر المياه في قطاع غزة تعتمد على المياه الجوفية بشكل أساسي، لذلك فإن اسرائيل منذ بداية الحرب عمدت إلى تدمير كل مصادر المياه في قطاع غزة من خلال استهداف آبار المياه بشكل مباشر، وبسبب اتصال بعض خطوط المياه بمياه الصرف الصحي، فإن تدميرها أدى إلى اختلاط آبار المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي، مما يهدد حياة الآلاف من أهل غزة في مناطق متعددة، ودمرت إسرائيل كل محطات التحلية ومحطات المعالجة من خلال استهدافها بشكل كلي أو جزئي أو إيقافها عن العمل بشكل كامل بسبب عدم تزويدهم بالوقود بشكل متعمد ويعاني القطاع الآن من تلوث كبير لمياه الشاطئ، نظراً لضخ مياه الصرف الصحي مباشرة إلى مياه البحر بعد توقف محطات المعالجة والتحلية عن العمل منذ الأسبوع الأول للحرب.
"هناك 200 ألف طن من النفايات تراكم في مدينة غزة منذ بداية الحرب، موجود بتجمعات كبيرة بين خيام النازحين وفي مدارس الإيواء، وهذا تسبب بالعديد من الأمراض التنفسية والصدرية التي أصابت الكبار والصغار بشكل كبير وملحوظ في قطاع غزة في الآونة الأخيرة"، هنا تشرح باحثة دكتوراه الفلسطينية في الهندسة البيئية والكيمائية، أسباب انتشار الأوبئة والأمراض بشكل مرتفع للغاية في القطاع خلال العدوان، موضحة أن العديد من الأمراض والحشرات في قطاع غزة اليوم هي دخيلة وحديثة على الأطباء في المستشفيات، بسبب ظهورها لأول مرة بأعراض مختلفة وظروف متنوعة، وكل ما سبق متوقع بسبب هذه الإبادة البيئية الجماعية التي تمارسها اسرائيل ضد أهالي قطاع غزة منذ أكثر من 7 أشهر.
وتطرقت الباحثة الفلسطينية، إلى تقرير منظمة الأمم المتحدة الذي صدر خلال مارس الماضي وقال : "لن يعاني سكان غزة وحدهم من تلوث الهواء في السنوات القادمة، بل سيطال بالدرجة الأولى دول الجوار الملاصقة لفلسطين بشكل خاص مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا"، مؤكدة أن كل المنطقة العربية مهددة بالتغير المناخي والتلوث البيئي نظراً لهذه الانبعاثات السامة والمتراكمة في المياه والهواء، خاصة أن هناك 281 ألف طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري أطلقها الاحتلال على غزة في أول 60 يوماً من الإبادة، وهو ما يعادل حرق 150 ألف طن من الفحم، هذا الرقم يعادل تأثير 20 دولة على التغير المناخي من حيث انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، والرقم تضاعف إلى أكثر من 3 أضعاف مع مرور ما يقارب 7 أشهر على الحرب ضد قطاع غزة، ولافتة أيضا إلى أن وقف الحرب هي الخطوة الأولى لمحاولة إحصاء الكوارث البيئية في قطاع غزة والمنطقة العربية كاملة، خاصة أن قطاع غزة بحاجة لتدخل عاجل لمحاولة إعادة إصلاح وتأهيل للكثير من شبكات المياه والصرف الصحي ومحطات المعالجة، في محاولة لتقليل الآثار الضخمة والمرعبة المتوقع حدوثها في المستقبل، وربما التدخل الطارئ في الوقت الحالي قد يكون طوق نجاة لتخفيف نطاق التأثير الزماني أو المكاني.
وبشأن ما إذا كان التأثير البيئي للعدوان الإسرائيلي على غزة يساوى الآثار البيئية لقنبلة هيروشيما وناجازاكي، قالت إسلام الهبيل، إن التقديرات التي شملت أول 3 أشهر فقط من الحرب على غزة، تحدثت عن مجمل القنابل والمتفجرات التي ألقتها اسرائيل على غزة بمعدل 65 ألف طن أي ما يعادل 3 أضعاف وزن قنبلة هيروشيما، كما أن هيروشيما ألقيت على مساحة 900 كم مربع، بينما اسرائيل ألقت 3 أضعاف هيروشيما على 365 كم مربع في 3 شهور فقط، وبالتالي لا يمكن المقارنة بين ما تفعله اسرائيل في غزة وآثاره الكارثية وبين آثار هيروشيما في ذلك الوقت، لأننا أمام إبادة بيئية لكل المنطقة العربية.
وفى 2 أبريل، صدر تقييم مشترك للبنك الدولي والأمم المتحدة لأضرار البنية التحتية في غزة، أكد أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة تقدر بنحو 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97% من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معاً عام 2022، لافتا إلى أن الأضرار التي لحقت بمرافق ومنشآت البنية التحتية تؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد، حيث تشكل المباني السكنية 72% من التكلفة، في حين تشكل البنية التحتية للخدمات العامة مثل المياه والصحة والتعليم 19%، أما الأضرار التي لحقت بالمباني التجارية والصناعية فتشكل 9% من هذه التكلفة. ويبدو أن معدل الأضرار بلغ حد الثبات بالنسبة للعديد من القطاعات، حيث لا يزال هناك عدد قليل من الأصول سليمة، كما خلف الدمار كمية هائلة من الحطام والأنقاض تقدر بنحو 26 مليون طن قد تستغرق سنوات لإزالتها والتخلص منها.
النسبة المئوية لحجم الأضرار التى لحقت بالبنية التحتية في غزة
لبنان أحد أبرز الدول المتأثرة بالآثار البيئية المضرة بقطاع غزة
الدكتور دوميط كامل رئيس حزب البيئة العالمى في لبنان، يكشف التداعيات البيئية للقصف الإسرائيلي المستمرة وتدميره لقطاع غزة،، مؤكدا أن العالم العربي أمام كارثة كبرى خاصة أن الأسلحة التقليدية التي كانت في خمسينيات القرن الماضي انتهت وأصحبت أسلحة حديثة للغاية وقوية للغاية ولها قدرة تدميرية كبيرة، والمناطق المدمرة في القطاع أصبحت ضخمة، بجانب تدمير البنى التحتية ومياه الشرب اختلطت مياه الشرب بالصرف الصحي، متابعا :"حرب غزة هي أول حرب تكون بهذه القوة في منطقة الشرق الأوسط وسيكون لها نتائج بيئية كارثية".
ويضيف رئيس حزب البيئة العالمى في لبنان، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من بيروت، أن الانفجارات التي تحدثها إسرائيل تؤثر على غزة ودول الجوار مثل لبنان وسوريا والأردن ومصر، خاصة أن الغبار والذرات الميكرونية سواء المعادن أو ذرات أخرى تصبح كتلة هوائية تصل لشرق البحر المتوسط وتمثل خطر كبير للغاية على البيئة، وتجعل المنطقة تستنشق الذرات الميكرونية الـ 50 والـ20 ميكرون وتدخل على الجسم والغذاء والدماء ونتائجها كارثية، والمعادن التي تنتج من القذائف التي تطلقها إسرائيل تؤثر على المياه الجوفية في غزة وإسرائيل ولبنان وسوريا والأردن والتي تتلوث بشكل كبير لأن هذه المعادن الثقيلة تذوب وتنزل إلى الأرض وتصل للمياه الجوفية ويصبح لدينا مياه جوفية متشبعة بالمعادن وهذه كارثة كبرى وكي يتم تنظيفها يتطلب تكلفة مادية كبيرة ووقت كبير".
ويوضح دوميط كامل، أن تحلل الجثث تحت الأنقاض والدماء الذي تنزل الأرض تؤدى خاصة مع فصل الصيف لانتشار أمراض الكوليرا وأمراض معدية ويتأثر بها كل الناس في غزة، وهذا الأمر يتطلب خطة مواجهة واستراتيجية لتعقيم المنطقة ورش المبيدات في القطاع حتى لا تؤدى لأخطار كبيرة، لافتا إلى أن الذباب الموجود بشكل كبير وكثيف والذي يتسبب فيه التلوث والقمامة والصرف الصحي والبعوض بكل أنواعه هم المسئولين عن نقل الأمراض الانتقالية والمعدية وتدمير المأكولات وتدمير الحياة البيئية ككل، خاصة بعوض النمر الأسود وبعوضة حمى غرب النيل التي يمكن أن تنقل الأمراض للناس وهي كارثة يجب الانتباه لها، وبالتالي البيئة ستدمر سواء في غزة أو فلسطين أو دور جوار فلسطين وستتأثر نصف لبنان وغيرها من دول الجوار بتلك الكوارث البيئية.
الاحتلال يدمر البيئة الفلسطينية
هنا يتحدث الدكتور ياسر أبو شنب، مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة بفلسطين، عن حجم الخسائر التي تعرض لها قطاع غزة في البيئة التحتية مع استمرار العدوان وتأثيره على صحة الفلسطينيين وقلة الموارد الطبيعية بالقطاع، موضحا أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أدت إلى تدمير البنية التحتية خاصة شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه وأدى ذلك لاختلاط المياه العادمة بالمياه الصالحة للشرب، والتي أدت إلى انتشار الأوبئة والأمراض وعدم توافر مياه الصالحة للشرب والاغتسال والنظافة الشخصية مما أدى إلى مضاعفة الأضرار الصحية في غزة وأصبحت كافة المرافق والشوارع والطرقات وغيرها ملوثة بالعديد من الملوثات الميكروبيولوجية بجانب تراكم النفايات الصلبة مما أدى إلى تراكم كميات هائلة من النفايات الصلبة في الطرقات والشوارع والأزقة كون الاحتلال قام بتدمير معظم الآليات والمعدات الخاصة بجمع ونقل النفايات الصلبة لأماكن التخلص منها وتدمير محطات الترحيل وغيرها من مكبات الهيئات الصحية.
انتقال الأمراض في قطاع غزة يحدث بمعدل مرتفع للغاية مما أدى إلى انتشار العديد من الأمراض الفيروسية والمعدية لمئات الآلاف من الفلسطينيين، وهو ما يؤكده مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة بفلسطين، بأن تراكم النفايات الصلبة يرتكز في مراكز الإيواء والمدارس وهذا أدى إلى انتشار الكلاب الضالة والقوارض وغيرها من الحيوانات والحشرات التي يمكن أن تنقل الأمراض إلى أهالى غزة، خاصة الأطفال والشيوخ والنساء الذين يعتبرون من الفئات الضعيفة بسبب أن المناعة الجسدية لديهم ضعيفة، لافتا إلى أن 3 اشخاص من 4 يشربون مياه ملوثة نتيجة اختلاط المياه العادمة والملوثات بالمياه الصالحة للشرب، والاحتلال عمد إلى قطع المياه من الجانب الذي يزود قطاع غزة بالمياه، وذلك من خلال إغلاق كافة المحابس المائية، ومنع وصول المياه وتدفها لغزة، مما أدى لننقص وصول المياه لغزة من أجل تجويع السكان
انحسرت مساحة الأراضي الزراعية بشكل كبير في القطاع، مع تعمد الاحتلال تجريب مساحات شاسعة مما انعكس بشكل ملحوظ على حجم المحاصيل المزروعة، وهنا يقول ياسر أبو شنب، إن الاحتلال عمد إلى تدمير الأراضي الزراعية وأصبحت غير صالحة للزراعة وتم تدمير المحاصيل الزراعية سواء الخضروات والفواكه التي كانت مزروعة في القطاع واستخدام الاحتلال للكثير من المقذوفات المحرمة دوليا مثل الفسفور الأبيض الذي منعته الاتفاقيات الدولية من الاستخدام حتى بين الجيوش وتحديدا في الأماكن السكنية فكيف يكون الحال عندما يتم استخدامه بشكل مباشر ضد سكان غزة .
ويؤكد "أبو شنب" أيضا أن جودة الحياة في القطاع أصبحت ملوثة بسبب استخدام المقذوفات العسكرية الإسرائيلية ضد سكان غزة، فضلا عن انتشار الغبار الناتج لعمليات الهدف والتدمير والتجريف، وهناك هجرة كبيرة للحيوانات وتدمير للتنوع الحيوى نتيجة لاستخدام الآليات العسكرية الإسرائيلية والمقذوفات الضخمة وتجريف الأراضي الزراعية التي أدت إلى قتل وتدمير التنوع الحيوى في قطاع غزة، فضلا عن هجرة الأسماك من المناطق القريبة من الشاطئ نتيجة وجود وتمركز السفن الحربية في الشواطئ مما أدى لقتل وتدمير وهجرة الأسماك والحياة البحرية في غزة.
ويوضح مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة بفلسطين، أن تلوث الشواطئ في القطاع بالنفايات الصلبة وغيرها من النفايات يأتي نتيجة نزوح السكان بالقرب من الشواطئ البحرية، بالإضافة إلى النفايات الطبية المعدية، فهناك آلاف الإصابات في قطاع غزة نتج عنها كميات كبيرة من النفايات الطبية والتي يتم التخلص منها مباشرة مع النفايات الصلبة وتراكمها في الشوارع وبالتالي انتشار العدوى والميكروبات وهو ما أدى لحدوث كارثة صحية بيئية في غزة ونجد أثارها في انتشار الأوبئة والأمراض والوفيات في القطاع.
الهلال الأحمر الفلسطيني: متفجرات الاحتلال وتكدس النفايات ساهم في انتشار الأوبئة وتحفيز انتشار الأمراض
وفى ذات السياق، تؤكد نبال فرسخ، مسؤولة الإعلام فى الهلال الأحمر الفلسطيني، إن المتفجرات الملقاه من قبل قوات الاحتلال بالإضافة إلى عوامل أخرى تساهم في انتشار الأوبئة والأمراض بشكل كبير في قطاع غزة، كما أنها يمكن أن يصل الأمر لدرجة الوباء الذي يهدد دول الجوار .
"تراكم النفايات الصلبة بشكل كبير للغاية يؤدى لتدهور الأوضاع البيئية بشكل كبير"، هكذا تكشف مسؤولة الإعلام فى الهلال الأحمر الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، حجم التدهور البيئي في غزة بسبب تراكم النفايات وقنابل الاحتلال، متابعة :"نتحدث عن وجود آلاف الجثامين التي لا زالت عالقة تحت الأنقاض ولم تتمكن الفرق الطبية من انتشالها".
وأكدت نبال فرسخ، أن هناك تكدس النفايات الصلبة بكميات كبيرة في مناطق مكدسة بالنازحين ومع حلول فصل الصيف وانتشار الحشرات والقوارض كلها بيئة غير صالحة تحفز على انتشار الأمراض والأوبئة بشكل كبير للغاية، لافتة إلى أن هناك مشكلة كبيرة متعلقة الصرف الصحي نتيجة لعدم دخول الوقود بشكل كافى إلى داخل القطاع، ومشكلة المياه وكل هذه الظروف تساهم في انتشار الأمراض والأوبئة بين صفوف النازحين وتهدد بكارثة بيئية بكل كلمة من معنى.
الأردن وتأثرها بالكوارث البيئية في غزة
من الدول التي ستتأثر بشدة من التأثيرات البيئية التي تحدثها الحرب الإسرائيلية على غزة الأردن، باعتبارها أحد دول الجوار، وهنا يؤكد الدكتور عامر الشوبكى الخبير الأردني في شؤون النفط والطاقة، أن الحرب على غزة شكلت تحديا وكارثة غير المسبوقة على البيئة والجهود العلنية في تخفيف من آثار التغيرات المناخية على البيئة، وهذه الحرب ستشكل علامة فارقة في التلوث المناخى وتلوث لدول الجوار بجانب تلوث البقعة المحصورة في الحرب.
ويضيف "الشوبكي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من عمان، أن البيئة لا تعرف حدود، وهناك قرابة 50 % من مصادر المياه قد فقدت في غزة، وبعضها تلوث، والـ50 % المتبقى من المياه في غزة لم يعد صالح للشرب، وهناك أكثر من 70 % من المباني التي تستخدم لتنقية تصريف المياه هدمت، وشبكة الصرف الصحي التي تم تدمير 90 % منها مما أدى إلى انسكاب مياه الصرف الصحي في البحر وتلوث البحر ومن المفترض أن ينتقل لدول الجوار، خاصة أن هذه المنطقة كانت مرتعا للصيادين، وهذا التلوث يخفض من الثروة السمكية في تلك المنطقة ويخلف أمراضا تحملها هذه الأسماك إلى متناوليها .
ويوضح الخبير الأردني في شؤون النفط والطاقة، أن البصمة الكربونية في المنطقة ارتفعت إلى حد كبير نتيجة القنابل والمتفجرات التي تلقى على القطاع بطريقة غير مألوفة وفوق حدود الطبيعة في منطقة ضيقة، بجانب تحلل الجثث من الشهداء في غزة الذين بلغ عددهم حوالى 36 ألف بجانب المفقودين، وهذه الجثث عند تحللها تحمل أمراض وهذه الأمراض فرص كبيرة أن تنتقل إلى دول الجوار، لافتا إلى أن تلوث المياه الجوفية وتلوث الهواء وتلوث المياه، وزيادة البصمة والانبعاثات الكربونية وغازات سامة مرافقة للانفجارات وعمليات الهدم ومادة اسبست التي تنتقل في الهواء ترفع من معدلات الإصابة بالسرطانات للبشر على مستوى العالم.
ويشير "الشوبكى"، إلى أن التلوث يحمل أكثر من وجه بسبب الحرب على غزة، والفرص كبيرة لانتقال هذه الفوضى البيئية لدول الجوار خاصة مصر والأردن ودول الجوار الأخرى ليست بعيدة عن انتشار الأمراض بل العالم كله ليس بعيدة عن انتشار الأمراض خاصة حال حدوث طفرة لفيروس معين نتيجة هذه الأوضاع المعقدة والبيئة الخصبة لنمو مثل هذه الأمراض وتطورها، وربما العالم كله غير آمن من حدوث وانتشار فيروس جديد نتيجة هذه الأوضاع غير الطبيعية في غزة، متابعا :"فيروس كورونا انتشر من مقاطعة واهان في الصين، وبالتالي ليس بعيدا أن ينتشر مرض جديد نتيجة الأوضاع المعقدة الموجود الآن في غزة، وتلوث المياه الجوفية يؤثر على دول الجوار بينها الأردن".