قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن توسع مجموعة البريكس يمثل فرصة فريدة لكل من المجموعة وأعضائها، وذلك مع قوتها الاقتصادية المتزايدة وتركيزها على التعاون، حيث يمكن أن تصبح مجموعة البريكس + قوة مهمة في تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي، مع امتلاك إمكانات هائلة لجهود التنمية في مصر.
أضافت أن مصر يمكنها الاستفادة من عضوية مجموعة البريكس بطرق مختلفة، تدور حول التوسع في التجارة والاستثمارات حيث يمكن لمصر الاستفادة من شبكة التجارة المتوسعة لمجموعة البريكس للوصول إلى أسواق جديدة لصادراتها وجذب الاستثمار الأجنبي، وخاصة من الدول الأعضاء الأخرى.
جاء ذلك خلال مشاركتها بجلسة نقاشية بعنوان "التحول من أجل النمو العالمي: دور القطاع المالي في تحقيق الأهداف الإنمائية الاستراتيجية"، وذلك خلال مشاركتها بمنتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي في نسخته الـ 27 والمنعقد بمدينة سانت بطرسبورغ في روسيا خلال الفترة من 5 إلى 8 يونيو.
وأوضحت الدكتورة هالة السعيد، خلال الجلسة النقاشية، أن مصر كالعديد من الأسواق الناشئة، فمنذ إطلاق أهداف التنمية المستدامة العالمية، تيقنت الدول والمجتمعات أن التحديات المالية ستستمر طوال مدة تحقيق الأهداف، كما تظل عرضة للصدمات الخارجية والأزمات الجيوسياسية، مضيفة أن التمويل يمثل دائمًا أداة تمكين رئيسية لمسار التنمية في الدول، باعتباره العنوان الرئيسي لجميع برامج التنمية.
وتابعت السعيد أنه على الرغم من أن فجوة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 تتسع يومًا بعد يوم، حيث وصلت حاليًا إلى أكثر من 4.3 تريليون دولار مطلوبة لسد فجوة التمويل مقارنة بـ 2.5 تريليون دولار في عام 2015، في حين أن التمويل المطلوب لا يمثل سوى 1% من الثروة العالمية، مما يدل على الافتقار الشديد إلى التعددية والتعاون بين المنظمات الدولية والدول.
وأكدت "السعيد"، أن مصر ستعمل على رفع مستوى تطوير البنية التحتية لديها، في حين يمكن أن يكون بنك التنمية الجديد مصدرًا قيمًا لتمويل مشاريع البنية التحتية في مصر، وخاصة تلك التي تركز على الطاقة النظيفة وإدارة المياه والنقل، مضيفة أن مجموعة البريكس يمكنها توسيع نطاق التعاون الإنمائي والاستثمارات الإنمائية الدولية، إلا أن العالم يحتاج إلى أدوات تمويل أكثر تنوعًا، مشيرة إلى الحاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز جميع أشكال التعاون الإنمائي الدولي، فضلًا إلى الحاجه لمزيد من الجهود المركزة لتوسيع نطاق الاستثمار في جميع أجندات التنمية مثل أهداف التنمية المستدامة والعمل المناخي.
وأوضحت "السعيد"، أن الأسواق الناشئة والدول النامية، مثل مصر، تواجه العديد من الصعوبات في تمويل أهدافها التنموية الاستراتيجية بسبب عدد من الجوانب، وأهمها الافتقار إلى التعاون المالي وتصاعد التوترات الجيوسياسية، مضيفه أن مجموعة البريكس لديها ديناميكية مالية تنموية جديدة، تتميز بمؤسستها المالية، والمتمثلة في بنك التنمية الجديد.
وحول سؤال عن مساهمة القطاع المالي في تنفيذ الأهداف التنموية الاستراتيجية لمصر كما هو متصور في رؤية مصر 2030، أوضحت السعيد أن التمويل هو دائمًا عامل تمكين قوي لخارطة طريق مصر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، مشيرة إلى قيام الحكومة المصرية بتطوير صيغة تمويلية لتخصيص الموارد المالية للمحافظات المختلفة بطريقة عادلة وموضوعية وفقًا لمجموعة من المعايير، لتحسين كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، وتعزيز اللامركزية، مع مراعاة خصائص وظروف كل محافظة.
وأشارت السعيد إلى جهود مصر في تعزيز تمويل المناخ والتنمية، لافته إلى حرص الحكومة المصرية على تعزيز تمويل التنمية والمناخ من خلال تطوير الأطر والإجراءات، بالإضافة إلى إنشاء أدوات مالية مختلفة، مشيرة إلى أبرز جهود الحكومة والتي تضمنت تعزيز الاستثمارات العامة الصديقة للبيئة، بإطلاق مصر لـ "دليل معايير الاستدامة البيئية" في عام 2019، بهدف زيادة حصة المشروعات الخضراء في خطة الاستثمار الوطنية، لترتفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 15% في 2020/21، إلى 30% و40% في 2021/22 و2023/24 على التوالي، مع استهداف الوصول إلى 50% بحلول 2024/25.
كما تطرقت "السعيد" إلى إطلاق منصة مصر القطرية لبرنامج الترابط بين المياه والغذاء والطاقة، لتسريع أجندة المناخ الوطنية وتوفير الفرص لتعبئة التمويل المناخي والاستثمارات الخاصة لدعم التحول الأخضر في مصر، بما يعكس الترابط والتكامل بين العمل المناخي وجهود التنمية، فضلًا عن قيام مصر بتوفير الإطار التنظيمي اللازم للإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ؛ تحفيز الشركات على تبني ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة.
كما لفتت السعيد إلى صدور قرارات بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال بما في ذلك استحداث أنواع جديدة من السندات، مثل السندات التنموية المستدامة، والسندات الاجتماعية، وسندات تمكين المرأة، والسندات المناخية، والسندات الانتقالية.
وتابعت السعيد أنه باعتبار مصر رائدة إقليمية في إصدار سندات المناخ والتنمية، حيث أصبحت مصر في عام 2023 أول دولة أفريقية تصدر سندات باندا المستدامة في الأسواق المالية الصينية، حيث سيتم استخدام عائدات السندات لتحقيق النمو الشامل والأهداف الخضراء في إطار التمويل المستدام السيادي المصري، فضلًا عن كون مصر كانت أيضًا أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصدر سندات خضراء سيادية عام 2020، بقيمة 750 مليون دولار على مدى خمس سنوات، مما يؤكد التزامها بالتمويل المستدام.
كما أشارت السعيد إلى نجاح مصر في إطلاق أول سوق طوعي للكربون في إفريقيا على هامش مؤتمر المناخ cop27 لتسهيل وصول الشركات إلى تمويل المناخ، فضلًا عن إطلاق مبادرة أصدقاء تخضير خطط الاستثمار الوطنية في أفريقيا والدول النامية.
وفيما يتعلق بالتحديات والفرص الرئيسية الحالية للصناعة المالية محليًا وعالميًا، أوضحت د.هالة السعيد أنه على الساحة العالمية، يواجه القطاع المالي العديد من التحديات، ولا سيما أن هذه التحديات تندرج تحت مظلة "عدم اليقين الجيوسياسي"، حيث توجد تغييرات مالية واقتصادية هائلة في جميع الدول، مضيفه أنه من المتوقع أن تستمر ضغوط الأسعار والمخاطر الجيوسياسية المستمرة، مما يجعل البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسية تواجه تحديًا لإعادة التضخم إلى أهدافه، مضيفه أن كل تلك التحديات تبرز الحاجة إلى أدوات مالية مختلفة ليتم تنفيذها، بالإضافة إلى الحاجة الماسة إلى مزيد من التعزيز نحو التعاون المتعدد الأطراف.
وحول الفرص العالمية الحالية في القطاع المالي، أكدت السعيد مساهمة الأنظمة المالية وأسواق رأس المال المرنة في الاستقرار المالي ونمو الوظائف وتخفيف حدة الفقر، موضحة ضرورة أن تعمل الدول على تعزيز وتشجيع القطاعات الاستراتيجية الشاملة القائمة على السلع والخدمات، مع العمل بدقة على تكييف القدرات التمويلية المتاحة والمناسبة من أجل الحفاظ على تحقيق أهداف التنمية الاستراتيجية الوطنية.
وتابعت السعيد أنه وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فيمكن اعتبار السندات بمثابة تمويل ديون مستقر وطويل الأجل، وبسبب حجم سوق السندات، يمكن لأدوات السندات تمويل عدد كبير وحجم كبير من المشروعات، مشددة على ضرورة تعزيز الدول لتنفيذ عمليات تبادل الديون المتبادلة مع شركائها في التنمية.
واختتمت السعيد مؤكدة أن مصر تحث على تطبيق سياسات الحماية بشكل معتدل في حالة الضرورة، مصحوبة بتعزيز الشراكات الفعالة على مستوى العالم (الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة) على أساس قوي من الثقة، مما سيؤدي إلى تجارة أكثر شمولاً وفعالية تؤدي إلى نمو مستدام للتجارة في جميع أنحاء العالم، موضحة أهمية الاستفادة من التمويل المستدام للاستثمار في المشاريع الخضراء، سواء على المستوى العالمي أو في العالم النامي بشكل خاص، مثل إصدار السندات الخضراء.