عندما أعلن جو بايدن عن قراره الهام المتعلق بالهجرة هذا الأسبوع، لم يكن هذا مجرد عن إعلان سياسى معتاد من قبل الرئيس الأمريكى، بل أن بايدن كان يتحدث بينما يضع نصب عينيه ذلك اليوم سيخرج فيه الناخبون الأمريكيون فى نوفمبر المقبل ليختاروا قائدهم للسنوات الأربع القادمة.
فقد أجمع المحللون على أن هذا القرار، الذى يقضى باستخدام السلطة التنفيذية لمنع وصول المهاجرين إلى نظام اللجوء الأمريكى عندما يتجاوز عدد العابرين للحدود بشكل غير قانونى 2500 شخص يوميا، إنما أراد به بايدن التودد إلى ليس فقط إلى مؤيدى دونالد ترامب، الرئيس السابق وخصمه فى سباق الرئاسة الأمريكية 2024، فى الوقت الذى تعد فيه الهجرة واحدة من أكبر نقاط ضعف الرئيس الحالى وميزة يتمتع بها منافسه الجمهورى. وإنما يخاطب به أيضا قاعدته الشعبية التى تصاعدت انتقاداتها له بسبب سوء إدارته لهذه القضية الهامة. لكن السؤال الآن يتعلق بما إذا كان إعلان بايدن الأخير سينجح فى إحداث الأثر المطلوب؟.
تقول وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إنه رغم محاولة الرئيس التعامل مع نقطة ضعف كبرى تعانى منها حملة إعادة انتخابه، إلا أنه لم يتضح ما إذا كانت تلك المحاولة كافية لتغيير موقف الناخبين، الذين أعربوا مرارا عن قلقهم من تدفق المهاجرين بأعداد قياسية على مرأى ومسمع إدارته. ووجدت استطلاعات الرأى أن الهجرة وأمن الحدود ستكون قضية رئيسية فى انتخابات 2024، وواحدة استغلها المرشح الجمهورى المفترض ترامب وحملته.
وذكّرت الوكالة بأن بايدن قد تحول صوب اليمين فى قضية الهجرة منذ أن فاز قبل أربع سنوات، بعد أن كان قد انتقد أولويات ترامب فى الهجرة، ووعد بأن يعيد حمايات اللجوء. اعترف الكثير من الديمقراطيين بأن بايدن يواجه واقعا سياسيا مختلفا تماما، حتى فى الوقت الذى تدفعه فيه قطاعات رئيسية من قاعدته الشعبية لوضع قيود على عبور الحدود ومقارنة الخطوة التى قام بها بسياسات ترامب كرئيس.
ونقلت الوكالة عن إحدى نشطاء الهجرة، وتدعى سو أن ديفيتو، قولها أن الجمهوريين كانوا ناجحين فى نشر رسائل معادية للمهاجرين فى عدة مجتمعات، بما فى ذلك مجتمعها فى إحدى ضواحى مدينة فيلادليفيا بولاية بنسلفانيا، بما جعل بعض أصدقائها الديمقراطيين يشعرون بقلق من الأعداد الكبيرة التى تصل إلى الحدود الأمريكية. وقالت: أعتقد أن هذا هو السبب الذى يجعلنا نرى أشخاص كانوا يدعمون المهاجرين عادة يلتزمون الصمت الآن.
وتعد الهجرة قضية رئيسية للناخبين فى الحملة اانتخابية حتى الآن. ووفقا للبيانات الشهرية لمؤسسة جالوب، فإن المهاجرين اختاروا الهجرة كأول قضية تواجه البلاد فى شهور فبراير ومارس وإبريل، وتجاوز عددهم من يعتبرون الاقتصاد هو القضية الأولى، على الرغم من ارتفاع الأسعار المستمر.
تراجعت قضية الهجرة قليلا فى استطلاع مايو، فى ظل المحاكمة الجنائية لترامب وتراجع عدد عمليات العبور غير القانونية. لكن تظل القضية مرتبطة بالحكم والاقتصاد باعتبارها القضية الأكثر أهمية فى البلاد، كما يراها الناخبون.
وقالت أغلبية من الأمريكيين 56%، إن رئاسة بايدن قد أضرت بالبلاد فى قضية الهجرة وأمن الحدود، وفقا لاستطاع أسوشيتدبرس الذى أجرى فى إبريل الماضى، وهى نسبة أعلى بكثير من 37%، الذين قالوا الأمر نفسه عن ترامب خلال الوقت الذى قضاه فى الحكم.
وحتى بين الديمقراطيين، يقول 3 فقط من بين كل 10 أن رئاسة بايدن قد ساعدت البلاد فى الهجرة وأمن الحدود، بينما قالت نسبة مماثلة إنها قد أضر بها. فى حين قال نحو 90% من الجمهوريين أن رئاسة ترامب قد ساعدت فى هذه القضية.
وتقول الخبيرة الديمقراطية ماريا كاردونا، إن بايدن لا يملك خيارا، فقد رأى ما يحدث على الحدود، وأعداد أعلى من أى وقت مضى لمن يحاولون اللجوء إلى الولايات المتحدة، وقد عرف أنه يتعين عليه التحرك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة