وصول أسطول الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت.. تفاصيل الحدث

الإثنين، 01 يوليو 2024 09:00 م
وصول أسطول الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت.. تفاصيل الحدث حملة نابليون بونابرت على مصر
كتب محمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى وصول أسطول الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت إلى سواحل الإسكندرية، وذلك في مثل هذا اليوم 1 يوليو 1798، والتي خرجت من بلادها في منتصف مايو من نفس العام لتصل إلى الإسكندرية في أول يوليو، وهناك الكثير من الكتب والأعمال التي وثقت الحدث.

وحسب ما جاء في كتاب "تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قُبيل الوقت الحاضر" لـ عمر الإسكندري وسليم حسن، أن أهم الأسباب التي حَدَتْ بنابليون إلى الإقدام على هذه الحملة واقتنعت بها الحكومة الفرنسية فهي؛ أولًا: رغبته في زيادة نفوذ فرنسا في البحر الأبيض المتوسط، وضم وادي النيل إليها لِمَا فيه من الخيرات الكثيرة التي تُغني فرنسا عن كثير من المستعمرات البعيدة، ولِمَا له من المكانة التجارية العظمى. وثانيًا: تمهيد الطريق لقهر الإنجليز بطردهم من الهند واستيلاء الفرنسيين عليها؛ لأن مصر هي مفتاح الطريق إلى تلك البلاد. وفي الحقيقة كانت لنابليون أطماع كبيرة في الشرق بأَسره، وكانت نفسه تتوق إلى أن يأتيَ فيه بمثل ما أتاه الإسكندر من قبله.

كل هذه الاعتبارات — إلى ما عسى أن يكون قد نال الفرنسيين المقيمين بمصر من عسف المماليك وظلمهم — جعلت فرنسا تُقْدِم على تجريد تلك الحملة، مع ما فيها من المبادأة بالعدوان لسلطان آل عثمان الذي كان صديقها في ذلك الحين.

وفي (اليوم الثاني من ذي الحجة سنة 1212ﻫ/ 19 مايو سنة 1798م) أقلع نابليون بهذه القوة من ميناء طولون، وانضمت إليها بعض المراكب من الجهات الأخرى، وقصد جزيرة مالطة فاستولى عليها بلا عناء، وكانت إذ ذاك في يد «فرسان القديس يوحنا»، وترك أحد قواده حاكمًا عليها، ثم غادرها.
وكان إعداد هذه الحملة قد تمَّ وعلمه بعض الدول، غير أنه لم يعلم بمقصدها أحد.

ويضيف الكتاب: العمارة الفرنسية وصلت أمام الإسكندرية في (اليوم الثامن عشر من المحرم/أول يوليو) وعند ذلك أرسلت زورقًا إلى الميناء يطلب القنصل الفرنسي، فتردد «السيد محمد كريم» أولًا في تسليمه ثم أذن له بالذهاب، فعلم منه نابليون ما كان من أمر العمارة الإنجليزية وما يعدُّه المماليك للدفاع عنه البلاد، فأقر على إنزال جيشه إلى البر في الحال، واختار لذلك نقطةً غربي الإسكندرية بنحو ثلاثة أميال — العجمي الآن — فسار بأسطوله إليها وشرع في إنزال رجاله وعدده ليلًا بكل سرعة، فتم له ذلك من غير أن يعترضه أحد. وبعد أن استراح برهة على الرمال جرد قسمًا من جيشه وسار على الأقدام قاصدًا الإسكندرية، فقابلتهم قُبيل الفجر بعض فصائل من عرب «أولاد علي»، تبادلوا معهم بعض الطلقات، ثم فروا مذعورين، فاستمر الجيش في المسير نحو الإسكندرية، حتى صار على مقربة من أسوارها.

فقابلتهم حامية المدينة بما لديها من وسائل الدفاع، فقسم نابليون رجاله إلى ثلاثة أقسام وهاجم بهم الأسوار هجومًا عامًا من اليمين واليسار والقلب، فدخلوا المدينة عَنوة، وانسحب الحاكم ورجاله إلى قلعة «فاروس» في طرف الميناء الشرقية — قايتباي الآن — ولما دخل الفرنسيون المدينة مخترقين شوارعها الضيقة، أمطرهم الأهلون من نوافذ المنازل وابلًا من المقذوفات، فقابلهم الفاتحون بأشد منها، وكادوا يفتكون بالعباد فتكًا ذريعًا لولا أن أرسل نابليون رسولًا إلى الإسكندريين يؤمِّنهم على أموالهم وأرواحهم ودينهم وتقاليدهم، وأخبرهم بأن فرنسا لا تقصد سوءًا إلا بالمماليك، وأنها تحرص على مودَّة الأهلين ووُدِّ سلطانهم الأعظم؛ فهدأ الناس حقنًا للدماء، واستسلم إليه السيد محمد كريم، لقلة ما بقي معه من الذخيرة، فأكرم نابليون مثواه، وقال له: «قد أخضعتُك بالقوة، ولي أن أعاملك معاملة الأسير، ولكن نظرًا لما أبديتَه من الشجاعة، ولأن الشجاعة حليفة الشَّرف، أردُّ إليك سيفك، أملًا أن تُخْلص للجمهورية الفرنسية بقدر ما أخلصتَ لتلك الحكومة العاتية.» فأعرب السيد محمد كريم عن رغبته في خدمة الجمهورية، وأبقاه نابليون في منصبه تحت إشراف «الجنرال كليبر» — وكان هذا قد اضطُرَّ إلى البقاء بالإسكندرية لجُرح أصابه وقت مهاجمة الأسوار.

ولم تكد الجنود الفرنسية تنزل إلى المدينة وتتجوَّل في أنحائها، حتى لحقهم الملل واستولت عليهم الكآبة؛ فإنهم — فضلًا عن تألُّمهم من الحرِّ الشديد الذي لم يعتادوه في بلادهم، والذي كان بالطبع على أقصى درجاته في هذا الفصل من السنة — لم تَرُقْ المدينة في أعينهم، ولم يجدوا فيها شيئًا من العظمة والبهاء مما سمعوا به قبل مجيئهم، وكان من مميزات الإسكندرية في القرون الأولى، ثم ذهب باضمحلال شأن المدينة على مدى الأيام، وكل ما وقع عليه نظرهم من شوارع ملتوية، وأزقَّة ضيقة قذرة، وآثار مهملة، وملابس وأزياء لا تنطبق على ذوقهم الفرنسي؛ لم يزدهم إلا قنوطًا واعتقادًا بأنهم مسخَّرون في غزوة لا فائدة فيها.

على أن نابليون ذاته لم يظهر عليه شيء من ذلك، بل بقي ثابت الجأش، كلُّه حركة ونشاط، ولم يكد يتمُّ له الاستيلاء على الإسكندرية حتى أمر بإنزال كل المعدات الحربية إلى البر، كي لا يفاجئه «نلسن» على غير أهبة. ثم التفت إلى تنظيم حكومة الإسكندرية، فعهد بإدارة شئونها إلى ديوان، فشُكِّل من سبعة أشخاص مختارين، وأمر بإنزال جماعة العلماء الذين معه، وكلَّفهم مباشرة البحث والتنقيب بالإسكندرية ريثما يتم له فتح العاصمة فيستدعيهم إليها، فشرعوا في عملهم بكل همة ونشاط. ومن أنفع ما بدءوا به أنهم رسموا مصورًا وافيًا للإسكندرية وضواحيها.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة