رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، فى عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن فرنسا لديها فرصة ضئيلة لاستعادة سياساتها الممزقة فى ظل وجود هيئة تشريعية منقسمة، نتجت عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التى فاز فيها تحالف اليسار المُسمى بـ"الجبهة الشعبية الجديدة" فى المركز الأول من دون الحصول على أغلبية مطلقة فى الأصوات، ورئيس بلا صلاحيات حتى أصبحت الأمة برمتها تقف فى منطقة مجهولة.
واستهلت الصحيفة مقالا كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف ونُشر فى عدد اليوم، بقول أن التحالف اليسارى الجديد الذى شُكل على عجل، فاز بفرصة لقيادة الحكومة، بعد أن حصل على أكبر حصة من المقاعد وهى 182 فى الجمعية الوطنية "البرلمان" الذى بات منقسمًا إلى ثلاث كتل مع اليسار والوسط بنحو 168 مقعدًا واليمين المتطرف بـ143. ولكى نكون منصفين، فإن قادة التحالف أنفسهم لم يتوقعوا هذه الفرصة، وأصبحوا الآن يواجهون لحظة الحقيقة.. فهل سيتمكنون من التغلب على انقساماتهم القديمة من أجل بناء ائتلاف ليسار الوسط يعمل على إعادة الاستقرار إلى البلاد؟!
وأكدت الصحيفة، أن هذه المسئولية تقع - الآن - على عاتق هذا التحالف الجديد، الذى تم تشكيله فى غضون 48 ساعة من القرار الصادم الذى اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة فى التاسع من يونيو الماضى واستطاع لعب دورًا حاسمًا فى عرقلة حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف بقيادة مارى لوبان.. مع ذلك، ذكرت الصحيفة أن هناك مشكلة، فرغم وصول التحالف إلى القمة، إلا أنه لا يتمتع بأغلبية مطلقة فى الجمعية الوطنية.
وإذا تمكن زعماء الأحزاب الأربعة، وهى حزب فرنسا الأبية اليسارى المتطرف والحزب الاشتراكى وحزب الخضر والحزب الشيوعى، من الاتفاق على مرشح من صفوفهم لمنصب رئيس الوزراء، فلا يزال يتعين عليهم التأكد من أنه يمكنه التغلب على التصويت بحجب الثقة. وهذا يعنى تعلم فن التسوية غير المألوف.
وأضافت "فاينانشيال تايمز" أن زعماء الأحزاب الأكثر اعتدالًا تُركوا أمام مهمة صعبة متمثلة فى الظهور بمظهر منفتح على الحوار من دون التنصل منه علنًا رغم أن مارين تونديلييه، زعيمة حزب الخضر، ألمحت إلى ضرورة استبعاد الزعيم اليسارى جان لوك ميلينشون من منصب رئيس الوزراء، كما أن الرئيس السابق فرانسوا أولاند، الذى استعاد مقعده كعضو اشتراكى فى البرلمان، ولكنه ينكر أى اهتمام بالسعى للحصول على منصب رئيس الوزراء، ليس من المُعجبين به أيضًا. مع الاشارة إلى أنه بموجب دستور الجمهورية الخامسة، يحق لماكرون تعيين رئيس الوزراء، ولكن بمجرد القيام بذلك، فإن قدرًا كبيرًا من السلطات سيقع من الناحية العملية فى أيدى رئيس الوزراء والأحزاب فى هذا البرلمان المُجزأ.