منذ اللحظات الأولى التي بدأت فيها المفاوضات من أجل وقف حرب "الإبادة الجماعية" التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، يصّر رئيس وزراء الاحتلال بنامين نتنياهو، على الاستمرار في الحرب ونسف كل الجهود التي يقوم بها الوسطاء من أجل استعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة منذ اليوم السابع من شهر أكتوبر الماضي، وحقن دماء الفلسطينين في القطاع، وإتمام صفقة تبادل بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية.
فبالرغم من المطالبات الإسرائيلية والمظاهرات المنتشرة في تل أبيب، والتي تطالب "نتنياهو" بإتمام صفقة تبادل وإنهاء الحرب من أجل إعادة المحتجزين من قطاع غزة، لكن رئيس وزراء الاحتلال يصر على تحقيق أهدافه السياسية رغم فشله على مدار نحو 9 أشهر، في الوقت التي تمده الولايات المتحدة الأمريكية بالذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية، وتقدم له المساعدات المالية والسياسية في المحافل الدولية.
نتنياهو
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية الجمعة، عن مسئولين كبار فى وزارة الدفاع أن بنيامين نتنياهو أضاف مبادئ تتجاوز الاتفاقات مع الوسطاء، مشيرة إلى أن ذلك قد يعطل القدرة على التوصل لاتفاق تبادل ووقف إطلاق النار فى غزة، فى الوقت التي تحتج فيه عائلات الرهائن وسط تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة، وأعلن مكتبه أن بنيامين نتنياهو يصر على بقاء إسرائيل فى محور فيلادلفيا.
وفي تصريحات سابقة، وخلال كلمة له في حفل تخريج الضباط العسكريين، أكد نتنياهو إصراره على استكمال الحرب، وأنها لن تتوقف حتى تحقيق النصر وتصفية حكم حركة حماس في القطاع وإعادة جميع المحتجزين لبيوتهم، حتى لو استغرق ذلك وقتاً، واعتبر نتنياهو أن إعادة المحتجزين الأحياء والأموات مهمة مقدسة، وأن السبيل الوحيد لإعادتهم استمرار الضغط العسكري.
وتعبيرا عن غضبهم من سياسة نتنياهو، نظم أهالى الرهائن الإسرائيليين فى غزة، الجمعة، مسيرة جماعية باتجاه مدينة القدس، للمطالبة بالإفراج عن ذويهم، وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، أن تلك المسيرة بدأت من مدينة تل أبيب وفي طريقها نحو مدينة القدس احتجاجا على سياسات حكومة بنيامين نتنياهو.
وقد كشف استطلاع للرأي أجرته القناة 13 العبرية، أن 53% من الإسرائيليين يرون أن البقاء السياسي هو الدافع وراء إطالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحرب على غزة.
وبحسب خبراء سياسيين، فإن المسؤولين الإسرائيليين الحاليين يحاولون إطالة أمد هذه الحرب بشكل كبير لاستمرارهم فى السلطة، لأن نهاية هذه الحرب هي نهاية مستقبل نتنياهو السياسى والوزراء المتطرفين والقادة الأمنيين.
وتعليقا على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، قال القيادى فى حماس عزت الرشق، إن محاولات نتنياهو لإضافة مطالب جديدة لم ترد فى كل المقترحات السابقة مع الوسطاء، وتؤكد أنه ما زال يتلكأ ويماطل ويسعى لتعطيل الاتفاق.
ولا شك أن الخلافات في الأوساط السياسية الإسرائيلية، بين المؤيدة لوقف الحرب والرافضة لذلك، تؤكد التباين في الأفكار الصهيونية التي يقودها نتنياهو من أجل البقاء في السلطة وتحقيق المكاسب السياسية فقط، دون النظر إلى تحقيق مطالب أهالى المحتجزين الإسرائيليين.
ودائما ما ينشب السجال الكلامي العلني، بين وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، ورئيس الوزراء، حول إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وانتقد الأول مرارا وتكرارا، التأخر في الاتفاق على مستقبل غزة، إذ رأى بأن استمرار التردد قد يؤدي مستقبلاً إلى احتلال عسكري للقطاع، الأمر الذي رفضه بشكل قاطع بسبب الخطر الذي سيشكله ذلك على أمن إسرائيل حسب وصفه، علاوة على الكلفة المالية والعسكرية والسياسية الباهظة لا طاقة لإسرائيل على تحملها، ويحاول رئيس الوزراء إقالة جالانت من الحكومة، قبل أن يرضخ لاحتجاجات عارمة أرغمته على العدول عن قرار استبعاد خصمه.
وفي تقارير صحفية سابقة، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إنها تدرك أن الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أكبر من أي خلاف سابق بينهما.
وقد أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "أخفق" في الدفاع عن كيبوتس بئيري خلال الهجوم التي شنته الفصائل الفلسطينية على جنوب الأراضي المحتلة في السابع من أكتوبر 2023، وجاء ذلك في تقرير نشر الخميس (11 يوليو 2024) بعدما عُرِض على سكان هذا "التجمع التعاوني" الذين طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق تابعة للدولة.
وفي هذه الوثيقة -التي تعرض بالتفاصيل تحركات الجنود خلال الهجوم- تؤكد لجنة التحقيق التي يرأسها جنرال متقاعد أن الجيش "أخفق في مهمته في حماية سكان كيبوتس بئيري".
آليات إسرائيلية
وتتصاعد الخلافات يوما بعد يوم في الأوساط السياسية الإسرائيلية، وكذلك بين أعضاء حكومة الاحتلال، وتباينت المواقف مع الإدارة الأمريكية، وقدم العديد من أعضاء مجلس الحرب استقالتهم على رأسهم الوزير بيني جانتس.
وصرح رئيس حزب "يسرائيل بيتنو" الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان، الجمعة، بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يقود إسرائيل إلى الدمار ولا يعرف إدارة أى شئ، بحسب قوله في حوار مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، وأكد قائلا: قدرات نتنياهو الإدارية صفر، فهو يقود بلاده إلى الدمار ولا يعرف إدارة أى شئ".
وأوضح ليبرمان أن "إسرائيل تمر بخطر وجودي وتهديدات وجودية متعددة، كما أنها تمر بأخطر أزمة منذ إنشائها فى العام 1948"، معلقا على الوضع الإسرائيلي، بالقول: "أزمة متعددة الأبعاد، سياسية وأمنية واقتصادية".
وأشار رئيس حزب "يسرائيل بيتنو" إلى أنه قدم لنتنياهو، في العام 2016، تقريرا مكونا من 11 صفحة يحتوي على وصف لما قد يحدث في إسرائيل من عمليات مشابهة لـ"طوفان الأقصى"، وهو ما وقع في السابع من أكتوبر.