الأقصر مدينة المائة باب مملكة ساحرة يزورها الملايين من السائحين طوال العام ويستمتعون بكل ما هو تراثى وقديم وبديع، وأحد أبرز تلك الأماكن السياحية والأثرية المبهرة لضيوف العالم ودخلت قائمة الزيارات للأفواج خلال تواجدهم فى غرب الأقصر، هو "بيت كارتر" كما يطلق عليها السياح وهو المنزل الذى أسسه العالم البريطانى هوارد كارتر مكتشف مقبرة الملك توت عنخ آمون منذ أكثر من 113 سنة مضت، والذى تابع داخله العالم البريطانى منذ عام 1911 وقت إنشاؤه كافة خطوات وتفاصيل العمل لاكتشاف أهم وأشهر مقبرة فى التاريخ والعالم أجمع.
وعن ذلك المنزل التاريخى يقول محمد عثمان الخبير السياحى ابن غرب الأقصر، إنه تم تشييد بيت العالم البريطانى هوارد كارتر فى عام 1911، وتمت توسعته لاحقًا بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ليكون بمثابة مكان لتسجيل ودراسة الآثار المكتشفة بالمقبرة، حيث إنه فى الرابع من نوفمبر من عام 1922 وبعد بحث مضنٍ استغرق ما يقرب من عقد من الزمان عثر فريق كارتر على أول اثنتى عشرة درجة من الدرجات التى أدت إلى مدخل مغلق بأختام تحمل اسم توت عنخ آمون، وكان ذلك اليوم المشهود بداية مشروع امتد لعشر سنوات وشمل اكتشاف وحفظ 5000 قطعة أثرية داخل المقبرة ونقلها إلى القاهرة.
ويضيف محمد عثمان، لـ"اليوم السابع"، إنه خلال تلك الفترة وحتى وفاته فى عام 1939 عاش كارتر بالقرب من المدخل المؤدى إلى وادى الملوك فى بيت من الطوب اللبن كان قد شيّده فى عام 1911، ويتألف البيت من قاعة مركزية واحدة تعلوها قبة وغرفة دراسة ومعمل تصوير وهى عناصر أصلية بقيت على مدار المئة عام الماضية، انتقلت ملكية البيت فى عام 1939 إلى مصلحة الآثار المصرية، واستخدم لاحقًا استراحة لمفتشى الآثار، وفى عام 2019 تم ترميم بيت كارتر لأول مرة وافتتح للجمهور باعتباره مصدر جذب سياحى وثقافى .
أما فى عام 2022 فقد تم العمل على خطة تطوير شاملة ومميزة حصل عليها بيت كارتر غرب الأقصر، حيث تم تنفيذ مشروع ترميم "بيت كارتر" فى الفترة من فبراير إلى نوفمبر 2022، بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومؤسسة عائلة أدينا لى سيفين وبالشراكة مع وزارة السياحة والآثار، وتم تنظيم حفل لافتتاح التطوير فى 4 نوفمبر 2022 للإحتفال بفتحه للضيوف المصريين والسياح من جديد بعد ترميمه وتطويره، حيث شمل مشروع ترميم بيت كارتر إجراء بعض الأعمال الإنشائية وإعادة تنسيق المساحات الخضراء، وقد اقترنت هذه الأعمال تقديم لوحات إرشادية جديدة للزائرين وعرض حديث ودقيق تاريخيًا للتصميم الداخلى للبيت وأثاثه، وبناءً على ذلك أجريت بعض الإصلاحات لمواجهة المشكلات الناجمة عن المياه التى أضرت بهيكل البيت المُشيّد بالطوب اللبن وأُدخلت بعض التعديلات على المساحات الخضراء لمنع حدوث أى أضرار مماثلة فى المستقبل، واستبدلت مواسير المياه القديمة والمكسورة فى البيت، وأزيلت الأسوار النباتية والأشجار التى كانت مزروعة بالقرب من جدران البيت، وأنشئت منطقة عازلة خالية من المياه حول البيت.
وخلال خطة تطوير بيت كارتر بذل مركز البحوث الأمريكى جهدًا كبيرًا لخلق تجربة تفاعلية ونموذجية للزائرين بالبيت، وبعد 4 نوفمبر 2022 دخل الزوار فى حالة من المتعة خلال زيارتهم لبيت كارتر بقراءة لوحات ارشادية شاملة باللغتين العربية والإنجليزية، وبمشاهدة صور أرشيفية تستعرض سياق الظروف الاجتماعية والسياسية التى أحاطت باكتشاف المقبرة والشخصيات الرئيسية العديدة المصرية والأجنبية التى شاركت فى ذلك الكشف الهائل، كما قدم التطوير الشامل معلومات إضافية عن شكل الحياة فى البر الغربى فى أوائل القرن العشرين وتفاصيل مثيرة للاهتمام عن وظائف البيت وغرفه المتخصصة المختلفة، مثل غرفة التصوير المظلمة وستُستكمل المعلومات الجديدة بالموقع بجولة افتراضية فى البيت.
وعن تاريخ العالم البريطانى هوارد كارتر يقول الدكتور فتحى ياسين، مدير آثار مصر العليا، إن العالم البريطانى "هوارد كارتر" كان ويظل شاهدًا على تاريخ مقبرة الملك توت عنخ آمون وأعمال اكتشاف الكنوز الفرعونية بجبال البر الغربى، حيث يعتبر منزل هوارد كارتر هو استراحة كانت معدة له فى البر الغربى لمتابعة العمل فى اكتشاف التاريخ الفرعونى، وأصبحت حاليًا مزار سياحى يزورها مختلف السياح الأجانب والمصريين خلال تواجدهم بالبر الغربى، ويوجد فى مدخل المنزل ما يشبه انتريه حديث فى مصطبة بمواجهة باب المنزل وبداخلها صورة لـ"اللورد كرنارفون" ممول حملة اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، وكذلك عشرات الصور للعالم البريطانى ومجموعة من الأهالى وعمال الحفائر فى البر الغربى خلال العمل فى اكتشاف المقبرة التاريخية للملك الصغير.
ويضيف الدكتور فتحى ياسين لـ"اليوم السابع"، أنه يضم المنزل ممرًا يؤدى للغرف الداخلية فتوجد غرفة بها نافذة تطل على حديقة المبنى الخلفية وبداخلها دولاب للملابس وسرير بالطراز القديم ذات الناموسية وكرسى وراديو وغيرها من المقتنيات التاريخية بمنزل كارتر، وكذلك يوجد داخل المنزل غرفة المكتب الخاصة بالعالم البريطانى التى كان يجهز العمل داخلها ويتشاور مع قيادات العمل للبدء فى الحفر وكيفية نقل المقتنيات من داخل لخارج المقبرة، ويوجد بالغرفة آلة كاتبة قديمة كان يستخدمها العالم البريطانى فى كتابة الرسائل والخطابات المختلفة، وجهاز جرامافون وعدد من الأسطوانات للموسيقى التى كان يستمع إليها العالم البريطانى ومقاعد بمحيط المكتب وشماعة للملابس وقبعات وعصا كارتر الشهيرة، وبجانب مكتبة توجد غرفة لإلقاء المحاضرات والتى كان يتناقش فيها مع مختلف العلماء المرافقين له بالحملات لمتابعة كل جديد فى خطط العمل والحفائر المختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة