تحل اليوم ذكرى رحيل السيدة عائشة بنت أبى بكر الصديق، زوجة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إذ رحلت عن دنيانا فى مثل هذا اليوم فى 13 يوليو عام 678 ميلادية، فى آخر عهد الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان.
ولدت عائشة لأبي بكر الصديق من زوجته "أم رومان"، واسمها زينب أو دعد، مختلف فيه، كما اختلفوا في نسبها، واتفقوا على أنها من كنانة، وكانت قبل بناء الصديق بها زوجًا لصاحبه في الجاهلية عبد الله بن الحارث بن سخبرة، وولدت له ابنه الطفيل، ثم مات، فخلفه عليها أبو بكر ليحفظ بيت صاحبه وحليفه.
ومن المتفق عليه أنها كانت امرأة ذكية، أسلمت وهاجرت، ولقيت عنتًا شديدًا في سبيل دينها وزوجها، ويروى عن النبي عليه السلام أنه قال: "من سرَّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان"، كما ذكر المفكر الكبير عباس محمود العقاد فى كتابه الصديقة بنت الصديق والذى نشر عام 1943 وأعيد نشره على منصة هنداوى 2014م.
وقد اختلفوا في سنة وفاتها، من قائل إنها توفيت في حياة النبي عليه السلام، إلى قائل إنها عاشت إلى أيام عثمان رضي الله عنه، والأرجح في رواية البخاري أنها عاشت إلى أيام عثمان.
ولا يعرف على التحقيق في أي سنة ولدت السيدة عائشة رضي الله عنها، ولكن أقرب الأقوال إلى الصدق وأحراها بالقبول أنها ولدت في السنة الحادية عشرة أو الثانية عشرة قبل الهجرة، فتكون قد بلغت الرابعة عشرة من عمرها أو قاربتها يوم بنى بها الرسول عليه السلام.
وجملة ما يفهم من وصفها على التحقيق أنها كانت بيضاء، فكان عليه السلام يلقبها بالحميراء، وكانت أقرب إلى الطول؛ لأنها كانت تعيب القصر كما مر في كلامها عن السيدة صفية، وكانت في صباها نحيلة أو أقرب إلى النحول، حتى كان الذين يحملون هودجها خاليًا يحسبونها فيه. قالت في حديث لها مشهور: «… وأقبل إليَّ رهط الذين كانوا يرحلون لي — أي يحملون الرحل على البعير — فحملوا هودجي وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافًا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم. إنما يأكلن العلقة من الطعام … فلم يستكثر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه؛ إذ كنت مع ذاك جارية حديثة السن.»
ثم مالت بعد سنوات إلى شيء من السمنة كما جاء في كلامها في حديث آخر: «… خرجت مع النبي ﷺ في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم. فقال ﷺ للناس: تقدموا! فتقدموا. ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسكت. حتى إذا حملت اللحم وكنا في سفرة أخرى، قال ﷺ للناس: تقدموا! فتقدموا. ثم قال: تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني؛ فجعل ﷺ يضحك ويقول: هذه بتلك.»
وعلمنا من بعض أحاديثها أنها وعكت مرة فتمزق شعرها، فمن ثم وصيتها على ما يظهر بالشعر حيث تقول: «إذا كان لأحدكم شعر فليكرمه.»
وعلمنا من رواة وقعة الجمل أنها كانت جهورية الصوت، تخطب العسكر من هودجها في ساحة الحرب فيسمع خطابها.
وعلمنا من جملة أوصافها وأخبارها أنها كانت حية الطبع موفورة النشاط كدأب العصبيين من النساء والرجال، وكان أبوها — رضي الله عنه — من أصحاب هذا المزاج ولا مراء.
والظاهر أنها ورثت عنه كثيرًا من خَلقه وخُلقه على السواء؛ فقد كان الصديق جميلًا حتى جاء في بعض الروايات أنه لقب بالعتيق لجماله، وكان نحيلًا دقيق التكوين كما هو مشهور، وكانت فيه حدة طبع مع حدة ذكاء، وكان كريمًا سريعًا إلى نجدة المعوزين والضعفاء، وكان صادق المقال لم يؤخذ عليه كذب في الجاهلية ولا في الإسلام، وكان ماضي اللسان قديرًا على إفحام من يجترئ عليه، وتشبهه السيدة عائشة في هذه الخلائق شبهًا كان يوحي إلى النبي — عليه السلام — كلما سمعها تجيب من يساجلها أن يقول: إنها ابنة أبي بكرٍ! إنها ابنة أبي بكرٍ!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة