أيام قليلة تفصلنا عن موعد من نوع آخر ومذاق مختلف، عشاق القيصر فقط هم من يعلمون أهميته، وهو حفل الفنان كاظم الساهر فى مهرجان العلمين، هذا القيصر الذى سطر بأشعاره الساحرة وألحانه البديعة، التى سبقت عصرها ومازالت دندنتها دون سماع الكلمات قادر على طربك وإمتاعك لما تحمله أغانيه من جمل موسيقية بديعة فى عالم الغناء، جميع ما ذكرناه سطر مشوارا فنيا لا يوجد له مثيل فى عالم الغناء والتلحين.
ويأتى حفل كاظم الساهر برعاية موسم الرياض وهيئة الترفيه السعودية ضمن تعاون الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مع الموسم، والذى يشمل رعاية حفل كاظم الساهر وعمرو دياب والمسرحيات المعروضة ضمن فعاليات مهرجان العلمين.
موسم الرياض
القيصر هكذا لُقب كاظم الساهر، الذى قدم روائع فنية طيلة مشواره الفني، تعددت بين ألوان موسيقية مختلفة بين العشق والحب ودرجاته المختلفة للهجر والغدر والفراق، فلم يسر القيصر فى مشواره الطويل على نهج واحد، وهذا ما منح مسيرته ميزة التجدد والتطور لتظل أغانيه باقية فى أذهاننا حتى الآن وترتبط معانا بذكريات من زمن مضى، لكنه حاضر فى قلوبنا بكل تفاصيله الجميلة.
قدم القيصر فى مشواره الفني، روائع موسيقية تُدرس فى عالم الموسيقى، ومنها رائعته "ليلى"، التى تحدث فيها كاظم عن قصة عشقه لحبيبته التى اختارت الثراء وآثرت المال عن قلبه، صور كاظم فى هذه الأغنية جرح الحبيب وشعوره بالغدر والخيانة بكلمات ومعانى بالغة الجمال والرقة والوضوح، فمن يصدق أن جملة شعرية مثل "لو تعصرين سنين العمر أكملها.. لسال منها نزيف من جراحاتي"، وأيضا الجملة الشعرية "معذورة أنتى أن أجهضت لى أملي..لا الذنب ذنبك بل كانت حماقاتي"، جمل شعرية يصعب على الكثيرين تلحينها لتخرج بهذا الجمال والابداع، لكن عظمة القيصر فى الغناء والتلحين قادته ليحصد هذا اللقب ويتربع فى قلوب جمهوره بلا منافس.
فى التسعينيات من القرن الماضي، كنا نلتف حول التليفزيون لنستمتع بروائع القيصر المذاعة على حفلات ليالى التليفزيون، التى تركت بصمة فى جيل بأكمله، كانت هذه الليالى مصدر المتعة الوحيد، وكانت حفلات كاظم الساهر حينها كاملة العدد، وكان الجمهور يعبر عن حبه للقيصر بإلقاء الورود والدباديب.
كانت أغنية " ليلى"، من أهم الروائع التى ينتظرها جمهور القيصر كل عام، ومازالت تحصد جماهيرية كبيرة، لكن هذا لايعنى أن مسيرته الفنية تقف عند " ليلى"، لكنها كانت مسيرة مليئة بالإبداع، فعلى سبيل الذكر أجد فى أغنية " يامستبدة" جمل شعرية لم ينجح مطرب غنائى فى تقديم هذا اللون وهذه الكلمات من قبل، هذا التناقض فى المشاعر بين الألم والشعور بالغدر وبين التحدى والغرور الذى يشعر به فى ذات اللحظة، سابقة فنية لم تتكرر.
وسنجد فى هذه الأغنية تجسيداً قوياً للمشاعر الإنسانية المتناقضة، خاصة فى مقطع "ﺇنى أعانى ﺇنى أموت ﺇنى حطام..حاشاك عمرى أن أفكر بإنتقام..ﺇنى لك قلب و حب و إحترام"، لتأتى الجملة الانتقامية برغم أنه تعهد بعدم الانتقام "صبرا يا عمرى لم ترى دمعا يسيل..سترين معنى الصبر فى جسدى النحيل..فتفرجى هذا المساء رقصى الجميل".
تجسيد المشاعر الانسانية بهذه البلاغة والعمق، هو الذى ميز القيصر وجعل هذه الروائع باقية، حتى عندما تغنى كاظم الأغانى الخفيفة ذات اللحن المقسوم ابدع وحقق نجاح كبير، وهذا واضحًا فى أغنية " لا تتنهد" و" كل ماتكبر تحلى"، " كل عام وأنتى حبيبتى ".
ولم ننسى ألبوم مدرسة الحب، خاصة أن هذه الأغنية ذو مكانة خاصة فى قلب عشاق القيصر، فقد حملت معانى ومفهوم جديد عن الحب ومستوى آخر وجديد عن العشق فلم أجد شاعر غنى لحبيبته وهذا نجده فى هذا المقطع " علمنى حبكِ أن أتصرف كالصبيان..أن أرسم وجهك بالطبشور على الحيطان"، هذه الرائعة تأخذنى لرائعة أخرى وهى " هل عندك شك" ومنها أذهب إلى رائعة " المحكمة".
قدم القيصر تحفة فنية وهى " بغداد"، فقد حملت هذه الأغنية جمل شعرية جسدت العشق بين القيصر وموطنه، وكانت مقدمتها غامضة تأخذ انتباهك وتثير شغفك عن هذه الحبيبة التى سرعان ما تدرك أنها بغداد، وتبدأ بجملة "كثُرَ الحديث من التى أهواها؟..ما عمرها؟..ما اسمها؟ ما سرُها؟.. ويصف حبه قائلا: "هى أجمل من كل جميلة.. أحلى منكِ وأحلى مني.. هى أرشق من كل رشيقة..هى أقرب من قلبى عني"، وصف مميز غير مألوف علينا هذا التعبير عن مشاعر الحب للوطن بهذه الكلمات، وهذا ما يميز القيصر وخلق له مكانة خاصة.
وعلى الرغم أن لغة الحب تبدلت بين الجمهور للقيصر، فمن حفلات ليالى التليفزيون إلى مهرجان العلمين يظل القيصر يتربع على عرش الأغنية العربية، وما زال هو القيصر فى قلوب جمهوره وعشاقه الذين ينتظرونه على مسرح العلمين الخميس القادم فى حفلة استثنائية، يقدم خلالها الفنان كاظم الساهر مجموعة من الأغانى المميزة، فى ليلة لإمتاع جمهوره.