تسوء الأحول في إسرائيل كل ساعة، وتتطور الأوضاع السياسية في تل أبيب يوما وراء يوم، فمنذ السابع من أكتوبر الماضي، ظهرت الخلافات في الأوساط السياسية والتباين في أفكار الأحزاب الإسرائيلية، مع ضغوط شعبية تطالب بوقف الحرب على قطاع غزة، وتنفيذ هدنة وإتمام صفقة تبادل لاستعادة المحتجزين من القطاع والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
الأمور في إسرائيل تزداد سوء، مع دخول موضع تجنيد اليهود المتشددين "الحريديم"، إلى النقاشات السياسية وبحث قانون تجنيدهم في الكنيست، وسط خلافات بين مؤيد للقانون ومعارض له، مع احتياج جيش الاحتلال الإسرائيلي الآلاف من المقاتلين لمواصلة الحرب البرية والبحرية والجوية على قطاع غزة المحاصر.
والإسرائيليون مُلزمون قانونا من سن 18 عاما بالخدمة في الجيش لمدة تتراوح بين 24 و32 شهرا، وكان الحريديم والأقلية التي تشكل 21 % من سكان إسرائيل معفاة إلى حد بعيد من الخدمة في الجيش لعقود.
وقضت المحكمة العليا الإسرائيلية في شهر يونيو الماضي، بأنه يتعين على وزارة الدفاع إنهاء هذا الإعفاء لطلاب المعاهد الدينية المتزمتين دينيا، مما خلق مزيدا من الضغوط السياسية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقد تلقت الأحزاب الحريدية مطالب تعديل القانون بغضب شديد، وتوعّدت بإسقاط ائتلاف نتنياهو.
ووقعت مشادات خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن الإسرائيلية التابعة للكنيست، وذلك في اجتماع كان مخصصا لبحث خطة تجنيد الحريديم، وفق ما نشرت وسائل إعلام عبرية، الأربعاء.
חברת הכנסת נעמה לזימי ניגשה לראש הממשלה נתניהו עם תמונת התצפיתניות בסיום נאומה. חברת הכנסת גלית דיסטל תקפה: "את בזויה! אסון! פופוליסטית! משתמשת בכאב של אחרים!"@diklaaharon https://t.co/u1wli8Gjfg pic.twitter.com/AZBK6EGJrT
— כאן חדשות (@kann_news) July 17, 2024
كما اندلعت اشتباكات بين الشرطة والعشرات من اليهود المتشددين الذين عمدوا لقطع الطريق السريع الرئيسية وسط إسرائيل احتجاجا على قرار تجيد الحريديم.
وحاصر العشرات من هؤلاء سيارات كبار القادة العسكريين الذين كانوا يجتمعون مع حاخامات محليين في بلدة بني براك لمناقشة إنشاء وحدة من الأرثوذكس المتشددين في الجيش، وقد هددوا الضباطَ، ووصفوهم بـ"القتلة" وألقوا عليهم الزجاجات، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام الإسرائيلية.
أما على الجانب الأخر، خرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع منتصف الشهر الماضي للدعوة إلى تجنيد الرجال اليهود المتزمتين في الجيش.
ويضم ائتلاف نتنياهو حزبين متشددين يعتبران الإعفاءات عنصرا مهما للاحتفاظ بدعم ناخبيهما في المعاهد الدينية ولمنع انصهار هؤلاء المؤيدين في الجيش، وهو أمر قد يصطدم مع عاداتهم المحافظة.
وأثارت هذه القضية احتجاجات من جانب اليهود المتزمتين دينيا والذين يشكلون 13 % من سكان إسرائيل ويبلغ عددهم عشرة ملايين نسمة، ومن المتوقع أن تصل نسبتهم إلى 19 % بحلول 2035، ويشكل رفضهم أداء الخدمة في الحروب التي يدعمونها مسألة مثيرة للخلاف آخذة في التزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويدعم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت قانون تجنيد الحريديم، وأكد في تصريحات سابقة، أنه لتحقيق أهداف الحرب، وللتعامل مع التهديدات القادمة من غزة ولبنان والضفة الغربية، تحتاج إسرائيل إلى الوحدة والشراكة في القرارات المتعلقة بالمستقبل.
بدوره هدد بيني جانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بالاستقالة من الحكومة، إذا أقر برلمان البلاد تشريعا يبقي على إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية الإجبارية.
أما الوزيران بيني جانتس وغادي آيزنكوت، فربطا بين دعمهما قرار تمديد فترة الخدمة العسكرية، وقبول خطتهما لتوسيع التجنيد، بهدف زيادة عدد المجنّدين تدريجياً على مدار فترة العقد المقبل.
من جانبه أكد أفيجادور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أن جيش الدفاع الإسرائيلي فشل، وقال إن قرار تجنيد اليهود المتشددين الذين تبلغ أعمارهم 21 عامًا فما فوق على وجه التحديد، والذين يتلقون راتبًا ويدعمون أسرهم، وعدم إرسال أوامر إلى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا، بمثابة ظلام في إسرائيل.
وتسأل على موقع إكس، "ليس من الواضح بالنسبة لي لماذا يختار الجيش مضايقة أولئك الذين يعملون ويدفعون الضرائب؟"، تتعارض هذه الخطوة مع كل الاستثمار والتشجيع للقطاع الحريدي للاندماج في سوق العمل، وستؤدي ببساطة إلى ترك هؤلاء اليهود لوظائفهم، وستؤدي إلى تدهور توظيفهم في الاقتصاد، ولن تزيد من أهداف التوظيف لأحد الأرثوذكس المتطرفين".
ودعا ليبرمان رئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس الأركان إلى التصرف وفق القانون، وبحسب قرار المحكمة العليا، والكف عن الهروب من المسؤولية.
وقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه سيبدأ بإرسال إشعارات التجنيد للرجال اليهود المتدينين المتشددين (الحريديم) الأسبوع المقبل، وهي خطوة من المتوقع أن تزعزع استقرار الحكومة الاسرائيلية وتؤدي إلى المزيد من الاحتجاجات.
وقد جاء هذا الإعلان بعد صدور قرار تاريخي من المحكمة العليا ببدء تجنيد الشباب المتدينين للخدمة العسكرية، بعد أن كان اليهود الحريديم معفيين من التجنيد الإجباري بموجب ترتيبات سياسية طويلة الأمد.
في المقابل، يرى قادة الحريديم أن الدراسة الدينية لا تقل أهمية بالنسبة لمستقبل البلاد وأن أسلوب حياتهم الذي استمر لأجيال عدة سيكون مهددًا إذا خدم أتباعهم في الجيش.
وتعتمد حكومة نتنياهو على دعم الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة التي تعارض إجراء تغييرات في النظام. ولم يفصح الزعماء الدينيون عن الخطوات التي سيتخذونها. وإذا ما انسحبوا من الائتلاف الحاكم، فمن المرجح أن تسقط الحكومة وتغرق البلاد في انتخابات قبل عامين من موعدها.