تمر، اليوم، الذكرى الـ225 على اكتشاف حجر رشيد على يد الضابط الفرنسى بيير فرانسوا بوشار، أحد جنود الحملة الفرنسية على مصر، ويحمل نقوشا لنصوص هيروغليفية وديموطيقية ويونانية، وتعود قصة اكتشاف حجر رشيد عندما جاءت الحملة الفرنسية عام 1798م بقيادة نابليون بونابرت، واستمرت بالتقدم عبر مدينة رشيد، وعثر الضباط بيير فرانسوا بوشار على الحجر المصنوع من البازلت عام 1799م.
وبعد اكتشاف حجر رشيد تم الإعلان عن هذا الاكتشاف فى الصحيفة التى كانت تصدرها الحملة لمقاتليها، وسمى بحجر رشيد لأنه اكتشف بمدينة رشيد الواقعة على مصب فرع نهر النيل فى البحر المتوسط.
أكثر من 20 عاما فصلت بين لحظة اكتشاف حجر رشيد، إبان الحملة الفرنسية على مصر وفك لغزه على يد شامبليون، الذي استطاع فك رموز الحجر وقراءة العلامات المصرية القديمة قراءة صحيحة المدونة عليه في مثل هذا اليوم عام 1822 لينشأ بعدها واحدا من أهم العلوم الإنسانية وهو علم المصريات ويزيح الستار عن عراقة الحضارة المصرية القديمة.
وكانت هذه الخطوة السر في كشف سحر وغموض الحضارة المصرية وانطلاق علم المصريات بين العلوم الإنسانية الأخرى.
يندر أن يشتق اسم علم من اسم بلد في العالم، كما هو حال مصطلح "إيجيبتولوجي" الذي أطلقه علماء الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، وأصبح متداولاً على نطاق واسع بعد فك رموز حجر رشيد، وبالتالي معرفة قراءة النصوص المصرية القديمة.
خلف شامبليون جيل جديد في علم المصريات في القرن التاسع عشر أهمهم الفرنسيان ايمانويل دي روج(1811-1872) و أوجست ماريت (1821-1881) والألمانيان ريتشارد لبسيوس (1810-1884) و هينريش بروجش (1827-1894).
واستطاع لبسيوس أن يؤسس أول معهد ألماني لدراسة علم المصريات في جامعة برلين في عام 1842 ليقوم برئاسة هذا المعهد، واستطاع في العام ذاته أن يقنع الملك فريدريش ويليام الرابع بتمويل أول حملة ألمانية اكتشافية علمية لمصر. كما نجح لبسيوس بعد عودته إلى ألمانيا في عام 1845 في القيام بنشر سلسلة كتابه الشهير " آثار مصر وإثيوبيا" والمكون من أجزاء عديدة تصف معظم آثار مصر من شمالها لجنوبها. أما بروجش فقد اقتفى أثر شامبليون في دراسة اللغة المصرية القديمة ليقوم بتسجيل العديد من النصوص من معابد مصر الفرعونية في العصور المتأخرة، كما ساهم بشكل بارز لوضع أسس دراسة وفهم الخط الديموطيقي.
وبحسب تصريحات الباحثين تأتي أهمية دراسة علم المصريات لأن الحضارة الفرعونية تعد بمثابة الأساس لكل حضارات العالم، وذلك لإنها أول دولة بمؤسسات مركزية في الوجودـ بالإضافة للثروة الأثرية الهائلة التي احتفظت بها مصر عشرات ومئات الأجيال، منحوتة على الصخور أو محفوظة في مقابر مُغلقة، وذلك لم يتوفر لمعظم الحضارات التالية إذ حُرقت آثار روما أكثر من مرة وغرقت آثار فينيقيا ولم يبق منها إلا القليل، وكذلك الآشورية والبابلية التي انتهبها الغزاة والمغيرين، فأصبح طريق الباحث في أي من تلك الحضارات ضيق ويقوم في أكثره على التخمين رغم أنها حضارات تالية للحضارة المصرية، في حين تميزت الحضارة المصرية بإمكانية متابعة الأحداث التاريخية أثريًا من زمن ما قبل الأسرات وحتى الآن".