استضافت مصر على مدار يومى السبت والأحد الماضيين مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبي، الأمر الذى عكس حجم التطور الكبير الذى تشهده العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى فى شتى مجالات التعاون، حيث اشتملت الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى على عدة محاور، أهمها الطاقة والبنية التحتية، الاستثمار، وشبكات المياه والصرف الصحى، والتجارة، والنقل المُستدام، والزراعة، والأمن الغذائى، والتحول الرقمى، والأمن المائى، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وتمكنت مصر على مدار يومى المؤتمر من حصد عدد كبير من المكاسب خاصة بعد توقيع عدد 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 49 مليار يورو مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبى، هذا بالإضافة إلى توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة 18.7 مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى سواء كانت أوروبية غير تابعة للاتحاد، أو مع شركات من جنسيات مختلفة.
يؤكد الثقة المتبادلة بين الاتحاد الأوروبى ومصر
وفى هذا السياق رصد عدد من خبراء الاقتصاد مكاسب مصر من استضافة مؤتمر الاستثمار المصري_الأوروبى، الذى يعد بمثابة شهادة ثقة دولية فى الاقتصاد المصرى، حيث أكد الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى جاء نتاجاً وتأسيساً على علاقات وشراكات متميزة تجمع بين مصر والاتحاد الأوروبى، على المستويات المختلفة سواء السياسى، الإستراتيجى، الاقتصادى، التجارى، والذى يعد نجاحاً للدبلوماسية الاقتصادية المصرية التى تمكنت من إبرام العديد من الاتفاقيات بين ثنائية وثلاثية ومتعددة الأطراف مع دول الاتحاد الأوروبى، كما أنه يؤكد الثقة المتبادلة بين الاتحاد الأوروبى ومصر، والتأكيد على أن كلا الجانبين يسعى للتطور وتدفق الاستثمارات وفرص العمل والتنمية.
فرصة ذهبية لتعزيز التعاون بين الجانبين
وأضاف "عادل "، فى تصريح لـ"اليوم السابع" أن انعقاد هذا المؤتمر فى هذا التوقيت يُعد فرصة ذهبية لتعزيز سبل التعاون والتكامل وتعميق الشراكة الاستراتيجية بينهم، خاصةً فى ظل مساعى الدولة المصرية لاستقطاب استثمارات جديدة مباشرة فى قطاعات إنتاجية وصناعية وزراعية تحقق من خلالها رؤية مصر ٢٠٣٠ بما فى ذلك مستهدفات الدولة الاقتصادية والتنموية.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن هذا المؤتمر للاتحاد الأوروبى فرصة حقيقية نحو تعميق العلاقات والارتقاء بمستوياتها مع الدولة المصرية التى تعد أحد أهم الشركاء للاتحاد الأوروبى وبوابته الرئيسية إلى إفريقيا، باعتبارها مركز لوجيستى وتجارى قريب لها.
ساهم فى تكوين رؤية قيمة عن المشهد الاستثمارى فى مصر
وأوضح "عادل"، أن الموتمر ساهم فى تكوين رؤى قيمة حول المشهد الاستثمارى فى مصر، خاصةً فى ظل حضور القطاع الخاص من الجانبين المصرى والأوروبى، وذلك من خلال ما سيتم عرضه من إنجازات استثمارية سابقة واستعدادات ومستهدفات استثمارية وتنموية حالية ومستقبلية، مما يجعل حالة من التكامل بين الصورة الذهنية للمستثمرين حول وضع ومستقبل الاستثمارات فى الدولة المصرية، بالإضافة إلى أنه من خلال المحاور والموضوعات التى تتضمنها أجندة المؤتمر يمكن وضع تصور لما ستسفر عنه الجلسات والنقاشات من مجموعة من الاتفاقات التى تسهم فى تعزيز التعاون الاقتصادى بين مصر والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك التجارة والاستثمار.
الاتفاق على حزمة من المشروعات المرتبطة بالبنية التحتية
ولفت إلى أنه تم الاتفاق على مجموعة من المشروعات المرتبطة بتطوير البنية التحتية والمشروعات الكبرى خاصةً وأنه سيتم استعراض فرص تطوير البنية التحتية وتنفيذ مشروعات كبيرة فى مصر، مثل مشروعات النقل والطاقة والتكنولوجيا، وتعزيز الابتكار والريادة الاقتصادية خاصةً وأنه سيتم التركيز على دور الابتكار والريادة فى تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل، مؤكدا أن الدولة المصرية والاتحاد الأوروبى يهدفان من خلال هذا المؤتمر إلى تحقيق التنمية المستدامة والبيئة حيث ستتم التركيز على كيفية تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة فى ضوء التحديات البيئية العالمية.
تعزيز التعاون فى المجالات الصناعية
وتابع : كما ساهم المؤتمر فى تعزيز فرص التعاون فى مجالات صناعية وتشمل الأدوية والمواد الفعالة، والأدوية البيولوجية، والأجهزة الطبية، والزراعات الحديثة وأساليب الرى الحديث، وإدارة المياه، إضافة إلى التصنيع الغذائى، وجميعها قطاعات تستهدف الدولة المصرية تحقيق الاكتفاء الذاتى والأمن القومى بها، لا سيما وأن التعاون مع الاتحاد الأوربى يسهم فى تحقيق أحد أهم مستهدفات الدولة المصرية اقتصادياً وهى الوصول إلى 145 مليار دولار صادرات، مما يساهم فى تحسن وضع الميزان التجارى وزيادة معدلات التشغيل والإنتاج والتصدير وتوفير موارد دولارية جديدة ومستدامة، وكذلك يحقق للاتحاد الأوروبى وسيلة لتحقيق تعدد فى مراكز الإنتاج والتصنيع والتوريد بما يحقق له الاستدامة بعد أزمات عالمية متتالية أثبتت ضرورة العمل على ذلك، وهو ما يؤكد على أن هناك ضرورة ملحة إلى سرعة تفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين فى مختلف القطاعات والوصول بها إلى حيزات التعاقدات الملزمة بحيث ألا تكون مجرد مذكرات تفاهم غير ملزمة لأى من الجانبين.
رفع القيود عن حركة التجارة بين مصر والاتحاد الأوروبي
وشدد الخبير كريم عادل، على أن خروج الاتفاقيات إلى حيز التنفيذ سيجعل الدولة المصرية والاتحاد الأوروبى بمثابة تكتل اقتصادى جديد مما يسهم فى رفع القيود عن حركة التجارة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وأن تتحول إلى تدفق مستمر ومستدام، مشيرا إلى أن فكرة مبادلة الديون بالاستثمار من الحلول المالية المبتكرة وتطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والاتحاد الأوروبى، فهى خطوة يمكن من خلالها لمصر أن تستفيد من تحويل الديون إلى فرص للاستثمار عن طريق مبادلتها.
الاستفادة من خبرات الاتحاد الأوروبى فى التكنولوجيا والتدريب
وشدد على أن الدولة المصرية تستطيع من خلال هذه الاتفاقيات الاستفادة من مزايا الاتحاد الأوروبى فى قدرته على إصقال المهارات وتنمية القدرات، نتاج تميز الجامعات والمراكز البحثية، وهو أمر يجب الاستفادة منه على مستوى التكنولوجيا والتدريب والاهتمام برأس المال البشرى، الذى تستهدف الدولة المصرية الاستثمار فيه وتعظيم الاستفادة منه، فى ظل وجود رغبة جادة من الجانبين لأن يكون هناك مردود إيجابى لكل الاستثمارات والمشروعات على الشعوب بتخفيف المشكلات والتحديات الراهنة التى تواجههم وإتاحة فرص عمل وتخفيض تكلفة المعيشة.
واختتم الدكتور كريم عادل قائلا: "إن المؤتمر يعكس إدراك متبادل لأهمية العلاقات المصرية الأوروبية، والتأسيس والبناء بشكل جيد عليها وبقدر عالٍ من التعاون المشترك."
يساهم فى زيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر
وبدوره قال الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن انعقاد مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى يحقق العديد من المكاسب الاقتصادية للدولة المصرية، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر فرصة مهمة لعرض وترويج الفرص الاستثمارية للاقتصاد المصرى فى القطاعات التى تريد الدولة المصرية تطويرها وتنميتها وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الاجمالى كقطاعات البنية التحتية والنقل والطاقة الجديدة والمتجددة التى تخلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة تساهم فى تراجع معدل البطالة.
وأضاف " أبو زيد " فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن المؤتمر يساهم فى زيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر بما يدعم من حجم الاحتياط النقدى لدى البنك المركزى وتخفيف الضغط عبر زيادة السيولة الدولارية، وبالتالى انعكاس ذلك على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بما يساهم فى استقرار الأسواق وبالتالى المساهمة فى تراجع معدل التضخم.
رسالة للعالم أن الاقتصاد المصرى واعد ومتنوع الفرص
وأكد الخبير الاقتصادى، أن انعقاد المؤتمر بين مصر والاتحاد الأوروبى يعد بمثابة رسالة وشهادة فى ذات الوقت حيث انها رسالة للمستثمرين فى العالم أن الاقتصاد المصرى اقتصاد واعد ومتنوع الفرص والقطاعات به من المقومات ما تجعله جانبا للاستثمار وشهادة ثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة الصدمات والأزمات والتعافى منها بسبب تنوع المصادر والقطاعات الانتاجية.
على جانب آخر، اعتبر الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، منصة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث أتاح عرض الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر وتسليط الضوء على البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة للاستثمار، ومدى ما تقدمه الدولة المصرية فى عملية تذليل أى معوقات أو تحديات تواجه المستثمرين الأوروبيين فى مصر.
زيادة حجم التبادل التجارى والتنوع السلعي
وقال "خضر" لـ"اليوم السابع"، أن هذا المؤتمر خطوة مهمة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين، ومن ثم تعزيز التكامل الاقتصادى والتجارى من خلال زيادة حجم التبادل التجارى وتنويع السلع والخدمات المتبادلة، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة فى القطاعات الواعدة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والبنية التحتية، بالإضافة إلى التعاون فى مجالات التدريب والتطوير وبناء القدرات، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لاسيما فى القطاعات ذات الأولوية كالبنية التحتية والطاقة المتجددة.
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن المؤتمر يتيح فرصا لتوسيع نطاق الاستثمارات الأوروبية فى مصر، مما يساهم فى زيادة حجم التبادل التجارى وتدفق السلع والخدمات بين الجانبين، فضلا عن زيادة حجم الصادرات المصرية لدول الاتحاد الأوروبى، مما ينعكس إيجابا على استقرار سعر الصرف.
جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية فى قطاعات استراتيجية
وشدد الدكتور السيد خضر، على أن المؤتمر يساهم يساهم فى تعزيز صورة مصر كوجهة استثمارية جاذبة، جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية فى قطاعات استراتيجية يُركز على الفرص الاستثمارية فى القطاعات ذات الأولوية كالطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية، فضلا عن مجالات الابتكار والبحث والتطوير والتدريب وهو ما سيكون له انعكاسات إيجابية على القطاع الصناعى.