سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 يوليو 1964.. عبدالناصر أمام المؤتمر الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية: «إسرائيل خطر على أفريقيا بمقدار ما هى خطر على العرب»

السبت، 20 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 يوليو 1964.. عبدالناصر أمام المؤتمر الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية: «إسرائيل خطر على أفريقيا بمقدار ما هى خطر على العرب»  جمال عبدالناصر
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استطاع الرئيس جمال عبدالناصر، أن يعبر بالمؤتمر الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية إلى بر الأمان، بكلمته فى الجلسة الصباحية يوم 19 يوليو 1964، كان المؤتمر يواصل جلساته فى القاهرة بحضور ملوك ورؤساء 24 دولة أفريقية منذ يوم 17 يوليو 1964.


واصل القادة مؤتمرهم يومى 20 يوليو - مثل هذا اليوم - 1964، و21 يوليو، ويذكر محمد حسنين هيكل، فى كتابه «سنوات الغليان» كيف أدت كلمة عبدالناصر إلى لم الشمل، حيث قال فيها: «الحقيقة أننى فى حاجة إلى أن أذكركم بأننا نريد أن نجعل من هذا المؤتمر إطلالة على مستقبل أفريقيا، وليس مجرد نواح على أحزان ماضيها، فأنا أول من يعرف ثقل الميراث الاستعمارى ومصائبه، ولكننى أعرف أيضا إذا تركنا مشاعرنا للغضب فسوف توجهنا إلى الانتقام، وهذا شىء سلبى لا يحقق لنا شيئا، وإنما يتركنا بكثير من المرارة فى حلوقنا، أنا أجد نفسى حائرا بين نغمتين تترددان، نغمة المطالبين بأكثر مما تحملته الظروف مثل حكومة واحدة لكل أفريقيا، وجيش واحد لكل أفريقيا، ونغمة المطالبين بقبول الأمر الواقع والرضا بأحكامه، وظروف أفريقيا فى الحقيقة تسمح لها بتحقيق أشياء عملية كثيرة، ونقطة البداية الصحيحة فى رأيى أن تتمكن أفريقيا أولا من حل المشاكل الأفريقية - الأفريقية، وفى مقدمتها مشاكل النزاع على الحدود».


يذكر «هيكل»، أن الزعيم الغانى نكروما قاطع عبدالناصر عند هذه النقطة، قائلا: «إن هذه الاستكشافات التى قام بها الرحالة الأوروبيون وأنهم وضعوها على خريطة العالم هى أيضا إهانة، فأنا لا أعرف كيف استكشفوا ما كان موجودا قبل أن يوجدوا هم، وعندما يجىء رجل مثل «ليفينجستون»، ويقول إنه اكتشف الكونغو، فإننى أشعر بنار تشتعل فى رأسى، فالكونغو كان موجودا قبل أن يولد «ليفينجستون»، وكان سكانه يعيشون على ضفافه منذ أقدم عصور التاريخ، كان الأجدر بـ«ليفينجستون» أن يقول إنه أوروبى وصل إلى الكونغو وطاف بأرجائه، ولكن أن يقول إنه اكتشفه فهذه وقاحة، وإلا فمن حقى وأنا غانى زار أمريكا أن أقول أننى اكتشفتها، وأن أطالب بوضع تمثال لى أمام مبنى «الكابيتول».


يضيف «هيكل» أنه فور أن ذكر نكروما ذلك، ضج الملوك والرؤساء الحاضرون بالضحك، واستأذن عبدالناصر من الرؤساء والملوك أن يكمل كلامه، واستطرد: «كنت أتحدث عن نزاعات الحدود، وأرى أنها تسبب كوارث بيننا، ومع تسليمى بأنها هى الأخرى ميراث استعمارى ورثناه، فإننى لا أجد سبيلا إلى حلها غير وسيلة التفاوض والتوفيق، وهذا أسلوب يجب أن نتفق عليه، والمشكلة الثانية التى أراها أمامنا هى مشكلة التخلف، فنحن من ناحية أمام موارد ومصادر للثروة منهوبة، ولا تزال كذلك، ويضاعف من هذه المشكلة أننا لا نملك الكوادر الفنية والإدراية اللازمة لاستغلال ما لدينا، حتى وإن قمنا باسترداد ما يسيطرون عليه الآن، وهذه مشكلة لا حل لها فى رأيى غير تعزيز إمكانيات التعاون بيننا، بحيث يستطيع الذين سبقوا منا أن يساعدوا اللاحقين، وهنا فإن الجمهورية العربية المتحدة «مصر» على استعداد لأن تضع ما لديها من إمكانيات وخبرة تحت تصرف قارتها، وفى كل الأحوال فنحن مقتنعون بأن الاستقلال هو مجرد «يافطة»، وأن الحقيقة الفعلية وراء هذه اليافطة هو «اقتصاد».


أما المشكلة الثالثة، فقال فيها: «حدثنى وزير الاقتصاد عندنا الدكتور عبدالمنعم القيسونى، عن مشكلة شروط التجارة الدولية، التى تلحق بنا غبنا شديدا من حيث أنها تضع مواردنا من المواد الخام تحت رحمة أسواق وبورصات الغرب، ولا نستطيع أن نواجهها إلا مجتمعين على سياسة واحدة، وطلبت من الدكتور القيسونى أن يعد تقريرا حول هذه القضية، وسنتقدم به إليكم قبل انتهاء المؤتمر»، واقترح «عبدالناصر» أن تكون إثيوبيا مقرا دائما لمقر منظمة الوحدة الأفريقية، يعلق «هيكل»: «كان هذا يصدر من اعتبار مصرى خالص، فاعتقاد عبدالناصر الدائم أن مصر يتحتم عليها رعاية مشاعر أديس ابابا فى إطار سياستها المائية».


انتقل «عبدالناصر» إلى مشكلة إسرائيل، قائلا: «هناك مسألة أعرف أنها حساسة، ومبعث الحساسية فيها أن هناك عددا من زملائنا وأصدقائنا يتصورون أننا نلح على خطر إسرائيل من تأثير صراعنا كعرب معها، وأننا نريد توريط أفريقيا فى مشاكلنا الإقليمية، ونحن نختلف مع أصحاب هذه النظرة، فحين نثير قضية إسرائيل أمام أفريقيا فنحن نفعل ذلك من يقيننا من أنها من نفس الطينة العنصرية التى وجدت منها جنوب أفريقيا، وأعددنا تقريرا مفصلا لكم فى مجالات التعاون بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، وهى مجالات تمتد إلى تجارة العبيد الآثمة، وحتى ميدان التعاون النووى المشبوه، ونحن لا ننوى أن نطرح عليكم اتخاذ أى قرارات فيما يتعلق بإسرائيل، ونؤثر أن تجىء أى اقتراحات بهذا الصدد من أفارقة غير عرب إذا هم اقتنعوا بمحض إرادتهم بأن إسرائيل خطر على أفريقيا بمقدار ما هى خطر على العرب».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة