ردا على الحرب الإسرائيلية الوحشية فى قطاع غزة، كثفت جماعة الحوثي هجماتها على السفن البحرية فى البحر الأحمر، ما فرض تهديدات كبيرة على حركة التجارة العالمية وأضر بالاقتصاد العالمى. ومع الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة فى اليمن، يخشى المراقبون من اتساع رقعة الصراع فى المنطقة واستمرار التهديدات على حركة الملاحة.
وأفاد معهد واشنطن بوجود تهديد متصاعد للشحن التجاري في البحر الأحمر، خاصة منذ بداية حرب غزة وعملية "حارس الرخاء".
زيادة الحوادث والتأثير
في الأشهر الخمسة التي تلت بدء الضربات العسكرية في اليمن من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، تم توثيق أكثر من 100 حادثة جديدة. وتشمل هذه عمليات الاعتراض البحري لأسلحة الحوثيين والعديد من الهجمات المتطورة والمميتة بشكل متزايد. في 12 يونيو، تعرضت ناقلة بضائع لأضرار بالغة بسبب سفينة سطحية غير مأهولة (USV) وغرقت بعد ذلك، مما أدى إلى وفاة أحد البحارة. وفي اليوم التالي، تعرضت سفينة شحن لهجوم بالصواريخ، مما أدى إلى وقوع إصابات خطيرة وهجر الطاقم للسفينة.
ودفعت المخاطر المتزايدة العديد من شركات الشحن إلى تغيير مسارها، مما تسبب في انخفاض كبير في حركة المرور عبر مضيق باب المندب، وهو ممر شحن حيوي. وفي الفترة من 10 إلى 16 يونيو، انخفضت حركة المرور بنسبة تزيد عن 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد يؤدي استمرار الصراع في غزة، أو التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، إلى تفاقم هذه الاضطرابات.
التداعيات الاستراتيجية والاقتصادية
وفي حين أن التأثيرات المباشرة على التجارة البحرية واضحة، فإن التهديد الحوثي الأوسع والأكثر رسوخًا يستحق الاهتمام. ومن المرجح أن تؤدي قدرة الجماعة على تعطيل التجارة العالمية إلى تعزيز جرأتها، بغض النظر عن وقف إطلاق النار المحتمل في غزة. يشكل هذا التهديد المستمر تحديًا كبيرًا لشركاء الولايات المتحدة الإقليميين، وخاصة أولئك الذين يهدفون إلى أن يصبحوا مراكز لوجستية عالمية.
تطور استراتيجيات الحوثيين
وفي 16 مايو، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، أعلن زعيم الحوثيين عن مرحلة رابعة أكثر عدوانية من التصعيد. وتشمل هذه المرحلة استهداف جميع السفن المرتبطة بالشركات التي تتاجر مع إسرائيل، بغض النظر عن وجهاتها. ونتيجة لذلك، اعترضت القوات الغربية العديد من الهجمات، إلا أن وتيرة الهجمات لا تزال مرتفعة. منذ 23 مايو ، شن الحوثيون العديد من الضربات، خاصة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
التكيف والمخاطر المستقبلية
اتخذت شركات الشحن التي لا تزال تعمل في البحر الأحمر إجراءات غير عادية لتجنب الهجمات، مثل تغيير بيانات نظام التعرف الآلي (AIS) الخاص بها للإشارة إلى عدم الانتماء لإسرائيل. ومع ذلك، حتى هذه التكتيكات لم تحميهم بشكل كامل من الاستهداف.
لقد عطلت حملة الحوثيين الشحن العالمي بشكل كبير. وتشير التوقعات إلى أن الحملة الحالية قد تستمر طوال العام، مع تجنب السفن التجارية خليج عدن وجنوب البحر الأحمر حتى عام 2025 على الأقل. وحتى مع وقف إطلاق النار في غزة، قد لا يوقف الحوثيون هجماتهم بالكامل، مما يواصل الضغط على سلاسل التوريد العالمية وحركة الملاحة البحرية، وفقا لمعهد واشنطن الأمريكي.
وختم المركز تقريره بالقول إنه لمواجهة تهديد الحوثيين على المدى الطويل، يجب على واشنطن وحلفائها دمج هذه القضية في تخطيطهم العسكري.
ومن ناحية أخرى، ألقى موقع مركز الأبحاث "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأمريكي، ومقره واشنطن، الضوء على تداعيات اضطراب التجارة فى البحر الأحمر، وقال إن ما يقرب من 12% من إجمالي التجارة العالمية، أي ما يعادل حوالي تريليون دولار من البضائع سنويًا، يمر عبر البحر الأحمر. وبعد أسابيع من مضايقة الحوثيين للسفن التجارية، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في 18 ديسمبر عن عملية "حارس الرخاء". وتسعى المبادرة إلى ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب.
وقال البيت الأبيض في يناير إن هجمات الحوثيين على السفن أثرت على أكثر من 50 دولة. في أبريل ، أصدرت وكالة الاستخبارات الدفاعية تقريرا عن الآثار الاقتصادية لحملة هجوم الحوثيين، بما في ذلك انخفاض بنسبة 90 في المائة تقريبا في شحن الحاويات عبر البحر الأحمر، والضغوط المالية على شركات الشحن التي اضطرت إلى تحويل مسارها حول أفريقيا، و"تفاقم الضغوط المستمرة" على الشحن البحري العالمي بسبب الانقطاعات في قناة بنما بسبب الجفاف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة