بين مطرقة القتل وسندان الجوع، يواجه الشعب السودانى مصيرا مجهولا، وسط معارك محتدمة فى العديد من الولايات والمدن والقرى بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023، وخلفت مأساة هى الأسوأ فى العالم على الاطلاق إذ راح ضحيتها أكثر من 30 ألف قتيل وفقا لأخر احصائية للأمم المتحدة.
كما أدى لوضع صحى متردى، وسط انتشار للأمراض والأوبئة بين النازحين وحتى السودانيين حيث يتعذر على السلطات القيام بمهامها وسط الحرب، وسبق ووصف الرئيس الدولى لمنظمة أطباء بلا حدود، كريستوس كريستو، الوضع الصحى فى السودان، بأنه الأسوأ على الإطلاق.
وفى السياق نفسه، قالت الصحة العالمية أن السودان يشهد كارثة إنسانية حوالى ثلاثة أرباع المستشفيات لا تعمل، فيما قال القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية بالسودان بيتر جراف أن الوضع فى السودان يعد بمثابة عاصفة كاملة، حيث أنه يعانى من تردى النظام الصحى، بجانب انهيار برنامج تحصين الأطفال وانتشار الأمراض المعدية.
وتم الإبلاغ عن حالات الكوليرا والحصبة والسعال الديكى والملاريا وحمى الضنك والتهاب السحايا فى العديد من ولايات السودان، حيث يعانى 10.5 مليون نازح داخلياً من محدودية الوصول إلى المياه الآمنة والصرف الصحى والنظافة الصحية ومكافحة النواقل وخدمات التحصين والأدوية.
وأصبح سكان ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة محرومين تماماً من المساعدات، والوضع فى ولايات دارفور مثير للقلق بشكل خاص، بما فى ذلك فى أماكن مثل الفاشر، حيث لا يزال أكثر من 800 ألف شخص غير قادرين على الحصول على الغذاء والرعاية الصحية.
وكان كَشفَ وزير الصحة السودانى هيثم محمد إبراهيم، عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، رغم تنفيذ حملات التطعيم فى بعض الولايات، وأضاف فى مقابلة مع صحيفة سودان تربيون، أن “السودان سجّل 10 آلاف و800 إصابة بالكوليرا، وفقَاً لآخر تقرير عن الوضع الوبائى فى 12 ولاية، وبلغت إصابات حمى الضنك 7.500 حالة فى 11 من أصل 18 ولاية.
وبشأن الوضع الاقتصادى، يشهد الاقتصاد السودانى انهيار تام وفقا لدراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، بلغت تكلفة الحرب أكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادى فى السودان. وتُقدر تكلفة المعارك فى السودان بنحو نصف مليار دولار يوميًا.
كما انخفض معدل النمو الاقتصادى إلى -18.3%، وأدت الحرب لانهيار العملة المحلية امام الدولار الجنيه السودانى خسر أكثر من 50% من قيمته، وارتفع معدل البطالة لـ 117.4% عام 2024، وتراجع إنتاج الذهب من 18 طنًا إلى طنين فقط، كما فقدت الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التى تقدر بمليارى دولار. وتعرض 100 بنك للنهب.
وحول أعداد النازحين أعلنت الحكومة السودانية أن عدد النازحين فى 9 ولايات بلغ اكثر من ١١مليون نازحا يتواجدون فى 67 محلية، كما فر نحو 8.1 ملايين شخص من منازلهم فى السودان، ويشمل ذلك حوالى 6.3 ملايين داخل السودان و1.8 مليون فروا إلى خارج البلاد، حسب بيان المكتب الأممى.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن طفلا واحدا يموت كل ساعتين فى مخيم زمزم للنازحين بدارفور حيث يتواجد نحو 300 ألف ناز، كما قالت أن طفلا واحدا أيضا على الأقل يموت كل ساعتين فى مخيم زمزم بالسودان وهو أحد أكبر وأقدم مخيمات النازحين فى البلاد.
وقال برنامج الأغذية أن كثيرا من العائلات اضطرت إلى شرب مياه المستنقعات، ونحو 18 مليون شخص فى أنحاء السودان يواجهون حاليا الجوع الحاد.
وتقول الأمم المتحدة سيحتاج 24.8 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة فى عام 2024، بسبب انعدام الأمن الغذائى الحاد.