قال اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، إن أهم المبادئ التى تضمنها إعلان بكين، هي الإلتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، مع حق الشعب الفلسطينى فى مقاومة الاحتلال، بالإضافة إلى تشكيل حكومة وفاق وطنى مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس تمارس صلاحياتها على الأراضى الفلسطينية تأكيداً لوحدة غزة والضفة الغربية والقدس مع ممارسة الحكومة لمهامها فى إعادة إعمار القطاع والتمهيد لإجراء الإنتخابات العامة.
وثمن الدويري الجهود التى بذلتها الصين حيث جمعت أربعة عشر فصيلاً فلسطينياً خلال الفترة من 21 -23 يوليو الجارى بمشاركة وزير الخارجية الصينى فى إجتماعات وحوارات أثمرت فى النهاية عما يسمى بإعلان بكين لإنهاء الإنقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووقع عليه ممثلوا وقيادات هذه الفصائل، معربا عن تقديره لكلا من روسيا والجزائر واللتين سبقا لهما أن إستضافا إجتماعات مماثلة خلال السنوات السابقة، بينما يبقى الجهد الكبير الذي بذلته مصر انعكاسا لحقيقة مفادها أن القضية الفلسطينية هى أحد أهم دوائر الأمن القومى المصرى.
وطرح الدويري عدة تساؤلات، التي اعتبارها انعكاسا لما أسماه ملاحظات أو حقائق المرتبطة بموضوع المصالحة الفلسطينية ككل، منها ما يلي
- هل هناك أية بنود جديدة فى إعلان بكين خلافاً لكافة المبادئ السابقة التى تضمنتها البيانات والجهود المبذولة على مدار سنوات طويلة مضت لتحقيق المصالحة إبتداءاً من وثيقة الوفاق الوطنى الموقعة فى القاهرة فى 4/5/2011 الذى وضع كافة الأسس اللازمة لتحقيق مصالحة عادلة تنهى الإنقسام اللعين وتحقق مصلحة الشعب الفلسطينى؟
- لماذا لم تقم الفصائل الفلسطينية طوال 17 عاماً بتحقيق المصالحة بالرغم من عشرات الإتفاقات التى تم التوصل إليها والتى عالجت كافة القضايا الخلافية ورغم الجهود المضنية التى بذلتها مصر على مدار أكثر من عقد ونصف ؟
- من هى الفصائل التى كانت تمثل عقبة أمام تحقيق المصالحة؟ وهل هناك هناك أى تغيير حقيقى أو إستراتيجى فى مواقف تلك الفصائل؟ أم أنها مجرد تغييرات تكتيكية فرضتها الظروف الراهنة؟
- هل حكومة الوحدة الوطنية التى طالب البيان بتشكيلها ستكون هى المفتاح السحرى للحل؟ وهل ستكون حكومة تكنوقراط؟ وهل ستكون قادرة على أن تمتلك الصلاحيات التى ستمكنها من أداء مهامها وخاصة فى قطاع غزة؟ ومن هى الجهة التى ستسمح لها بهذه الصلاحيات على أرض مدمرة؟ وماهو مصير الحكومة الحالية التى تم تشكيلها منذ فترة قصيرة ؟
- ماهى النتائج التى سوف تتمخض عنها حرب غزة والتى ستؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية ككل؟ وهل ستسمح إسرائيل بعودة السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها الجديدة والمؤقتة إلى القطاع ؟ وكيف سيكون وضع القطاع بصفة عامة سياسياً وعسكرياً وأمنياً فى اليوم التالى لإنتهاء الحرب؟
- ماهو موقف حركة حماس بعد إنتهاء الحرب؟ وماهى وضعية الحركة سياسياً وعسكرياً ؟وهل ستسمح الحركة بأن تكون خارج السلطة فى القطاع بعد أن إستمرت هى الحاكمة بمفردها لمدة 17 عاماً متواصلة؟ وهل لدى الحركة أية شروط مسبقة أم أنها سوف تنصاع لقرارات وسياسات السلطة الفلسطينية؟
- كيف يمكن بعض بعد الفصائل وتحديداً حركتى حماس والجهاد الإسلامى إلى منظمة التحرير الفلسطينية فى الوقت الذى لم يقبلا فيه حتى الآن الإعتراف بإلتزامات المنظمة – حتى تتمتع بعضويتها – التى تتضمن فى جوهرها الإعتراف بإسرائيل؟ وإلى أى مدى سيكون الإطار القيادى المؤقت قائماً وماهى حدود صلاحياته؟
- ماهى الآليات التى سيتم إنتهاجها من جانب الفصائل لوضع مبادئ المصالحة الفلسطينية موضع التنفيذ فى ظل العقبات الحالية سواء حرب غزة ومابعدها، أو فى ضوء مواقف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ؟
- كيف يمكن إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والمجلس الوطنى فى ظل الوضع الراهن الذى يعيق تحقيق هذه الإنتخابات بالسهولة التى يتوقعها البعض؟
- هل إعادة إعمار قطاع غزة أصبح أمراً ممكناً ؟ وكيف ستتحقق؟ وكيف يمكن جمع مليارات الدولارات اللازمة لهذه المهمة التى تبدو حتى الآن صعبة للغاية؟ وماهى شروط الدول المانحة للمشاركة فى إعادة الإعمار؟
- كيف يمكن تحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة فى وقت تم خلاله تدمير أحد جناحى الدولة وهو قطاع غزة، أما الجناح الآخر فهو الضفة الغربية فإن ماتقوم به إسرائيل حالياً من إجراءات تهويد وإستيطان وقتل وتدمير وإعتقال وإغتيال فى كل مدن الضفة لم تحدث منذ إحتلال إسرائيل لها عام 1967؟
- هل النوايا أصبحت بالفعل صافية وصادقة لدى الجميع، وأصبح إستشعار الخطر حقيقياً عقب حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ؟ أم أن ماحدث فى “بكين” ماهو إلا مجرد إجتماع “روتينى” مثل كافة الإجتماعات السابقة وحتى اللاحقة؟
- هل العلاقة بين كل من السلطة الفلسطينية وحركة فتح وبين حركتى حماس والجهاد الإسلامى وبعض الفصائل المقيمة فى سوريا سوف تشهد تطوراً إيجابياً خلال الفترة القريبة المقبلة؟ أم أنها سوف تظل فى مرحلة التوتر وعدم الثقة القائمة منذ فترة طويلة وحتى الآن؟
- هل إستعدت الفصائل الفلسطينية لما يمكن أن تسفر عنه إنتخابات الرئاسة الأمريكية وإحتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترمب ومايعنيه ذلك من عودة الزخم للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ومايمكن أن يترتب على ذلك من عودة صفقة القرن المجحفة بحق الشعب الفلسطينى
واعتبر الدويرى، بحسب ما نشر فى الموقع الرسمي للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن هذه الإستفسارات التى طرحها قد تؤدي إلى نوع من الإحباط أو تشير فى مجملها إلى عدم التفاؤل، ولكن كان من الضرورى الإشارة إليها بكل صراحة ووضوح حتى ندفع قيادات الفصائل الموقعة على إعلان بكين إلى التفكير فيها بكل جدية والإجابة عليها بكل مصداقية إذا كانت هناك إرادة حقيقية لتغيير الوضع الحالى شديد الصعوبة والتعقيد، أما إذا كانت مثل هذه الإجتماعات المتكررة مجرد “لقاءات صداقة” فقط فإن ماتبقى من أمل ضئيل لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الإنقسام سوف يذهب أدراج الرياح دون رجعة.