تعبر مصر من جمهورية يوليو 1952 إلى الجمهورية الجديدة بنفس المبادئ والثوابت المرجعية، حتى وإن تبدلت الظروف وتغيرت الأحوال المحلية والإقليمية والدولية، لكن تبقى فى النهاية حقيقة أن يوليو هى الثورة الأم التى أرست الأساس وأن ما جاء بعدها حتى وإن اختلف معها فى بعض التفاصيل لكنه فى النهاية هو امتداد لها وأحد التعبيرات عن تجلياتها وجزء من مشروعها الذى تطور بتطور الأيام والأحداث.
من ناحيته، يقول الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، أعتقد أن أى قواسم مشتركة تربط ما بين 23 يوليو وبين الواقع الراهن تستند بالأساس إلى المشروع القومى الذى وضع لبناته الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ويضيف: «عبدالناصر واجه تحديات كثيرة ومتعددة من قوى الخارج والمتآمرين بالداخل واستطاع بالفعل من خلال الشعب المصرى بكل فئاته الاجتماعية وخاصة تحالف قوى الشعب العامل أن يعبر بالأزمة وأن يواجه هذه التحديات وينتصر عليها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا، وبات المشروع الناصرى مشروعا ملهما لكل حركات التحرر ولكل قيادة وطنية تتولى إدارة الأمور فى بلادها».
وأضاف: «من هنا يمكن فهم الثوابت التى أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة والتى تنطلق من مرجعية ثوابت الدولة الناصرية فى كل المجالات»، ويتابع: «صحيح أن الواقع مختلف وصحيح أن البيئة مختلفة وصحيح أن القوى الخارجية والعالم بات فى يد قوة واحدة ولم يعد عالما متعدد الأقطاب، وصحيح أن المشروع الاستعمارى ومشروع التجزئة عاد يطل بوجهه مرة أخرى، ولكن يبقى المشروع الناصرى دوما فى الحرية والاشتراكية والوحدة ومواجهة الاستعمار ما زال قادرا على بناء الدولة الحديثة، ويبقى أيضا الشعار الذى طرحه عبدالناصر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة يثبت مصداقيته على أرض الواقع أمام التحديات التى تواجهنا هذه الفترة والجرائم التى يرتكبها العدو الصهيونى على أرض الواقع.
ويضيف بكرى: «من المؤكد أن الجمهورية الجديدة بثوابتها التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى وبالمشروع الذى كلف به رئيس الوزراء والمكون من 8 نقاط والتى تبدأ بمواجهة تحديات الأمن القومى وبناء الإنسان وحل الأزمات الداخلية بالفعل ستكون منطلقا لفترة قادمة نتمنى فيها استكمال المشروع الوطنى بكل تجلياته حتى تنطلق مصر إلى آفاق أوسع وتستطيع بالفعل مواجهة كل التحديات التى تحيط بها من كل الاتجاهات».
وأكدت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى، أن أهم ما فعلته ثورة يوليو أنها حررت مصر من الاحتلال وهذا هو بداية تاريخ أن مصر لا يمكن أن تكون تابعة بل على العكس هى قوة نموذجية لمحيطها بالكامل، كما أشارت إلى أن مصر بعد ثورة يوليو كانت عونا لجميع الدول والأشقاء العرب الذين عانوا من الاحتلال، وأوضحت أن أهم ما كان ينادى به جمال عبدالناصر هو تحقيق العدالة الاجتماعية وهذا ترسخ فى الوعى المصرى، لدرجة أنه عندما شعر المواطن بما يهدد العدالة الاجتماعية قام المصريون بثورة يوليو والتى كانت أولى الخطوات على طريق بناء الجمهورية الجديدة.
وأضافت: «أهم ما تركته ثورة يوليو فى نفوس المصريين أن المواطن المصرى لم يعد يقبل بالظلم والمبادئ التى نعيش عليها حتى اليوم ونؤسس عليها الجمهورية الجديدة هى نفس مبادئ ثورة يوليو، ومثلما قال الرئيس السيسى إن الإرادة المصرية لن تعلو عليها إرادة أخرى».
ويؤكد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث، أنه بداية لا بد من الإشارة إلى أن ثورة 23 يوليو التى قادها مجموعة من الضباط الوطنيين بزعامة جمال عبدالناصر هى أعظم ثورة شهدها المجتمع المصرى فى التاريخ الحديث والمعاصر، ويعود ذلك إلى أن هذه الثورة لم تستهدف إسقاط نظام فقط وإنما استهدفت طرد المستعمر البريطانى من مصر الذى كان يمتلك 80 ألف ضابط وجندى فى قاعدة قناة السويس.
ويضيف: «إذا كانت الثورة الفرنسية استهدفت كبار النبلاء وكبار رجال الدين فقط، فثورة 23 يوليو استهدفت الملك والحاشية وكبار الملاك ورأسمالية مصرية ومتمصرة وأجنبية وسلطة احتلال نخرت فى عظام المجتمع المصرى وأذلت 99 % من المصريين، لكن هذه الثورة مثل كل الثورات اندفعت فى طريق التغيير وواجهتها ولا تزال قوى الثورة المضادة».
وتابع: «البعض يرى أن ثورة يوليو انتهت بنهاية الجمهورية الأولى بعد رحيل مفجرها الزعيم جمال عبدالناصر فى 1970، إلا أننا نخالف هذا الرأى، صحيح أن الجمهورية الأولى انتهت إلا أن الجمهوريات التى أتت بعدها لا تزال تستمد شرعية منها».
فريدة الشوباشى
مصطفى بكرى