سيدنا أيوب عليه السلام أحد أشهر الشخصيات بسبب ارتباطه بمحنة المرض وصبره على ذلك، لكن كيف كانت سيرته في العالم القديم بين القرآن الكريم والتوراة والحضارات القديمة؟
يقول كتاب القصص القرآنى ومتوازياته التوراتية: أساطير الأولين لـ المفكر السوري فراس السواح.
أيوب:
(1) أيوب في ثقافة الشرق القديم
إن فكرة المُعذَّب الصابر الذي تأتيه البلايا من كل حدبٍ وصوبٍ على الرغم من تقواه وصلاحه، هي فكرةٌ قديمةٌ في الفكر الديني للمنطقة المشرقية؛ فلقد رأى إنسان الشرق القديم في المصائب والبلايا التي تحلُّ على الأفراد عقابًا على الذنوب والخطايا، ولكن الحكماء المشرقيِّين على إيمانهم هذا، قد انشغلوا في تأمل مسألةٍ طرحت نفسها على الفكر الديني والفلسفي في معظم الثقافات، وهي ابتلاء أشخاصٍ صالحين عاشوا حياةً أخلاقيةً سويَّةٌ، وأقاموا الصلوات وقرَّبوا القرابين لآلهتهم، وأدوا واجباتهم الاجتماعية على أكمل وجه. ولدينا عن مثل هذه التأمُّلات نصَّان من ثقافة الشرق القديم؛ الأول سومري يعود إلى أواخر الألف الثالث قبل الميلاد، والثاني بابلي يعود إلى أواسط الألف الثاني قبل الميلاد.
(2) أيوب السومري
في هذا النص يتحدَّث الكاتب بلسان حال رجلٍ لا نعرفه، كان غنيًّا وحكيمًا وصالحًا، يعيش عيشة رغدٍ وصفاءٍ بين أهله وأصدقائه، وكان موظَّفًا رفيع المقام في البلاط الملكي. وفيما كان يظن أن هذه الحال دائمةٌ له، أخذت المصائب بالتكاثر عليه وانتابَتْه الأمراض والأسقام دون مقدماتٍ وهو في عزِّ الشباب. كان أمامه إما التمرُّد على السماء وازدراء العدالة الإلهية، أو التسليم بالقضاء الإلهي ومتابعة التضرُّع والصلاة؛ لأن مقاصدَ الآلهة، على ما يردِّده الحكماء المشرقيون، خافيةٌ عن أفهام البشر. وأخيرًا استجاب الإله لهذا الصالح المتألم وكشفَ عنه الضُّر، وأحال عذاباته إلى فرحٍ وسرورٍ، وإليكم منتخبات من النص:
ليرفع الإنسانُ على الدوام كلمات التمجيد لإلهه،
ويفضي إليه بصدقٍ عن كل ما يُعاينه.
إنني رجلٌ عارفٌ ومتبصِّر، ولكن الذي يحترمني صار لا يُفلح.
كلماتي الصادقة تحوَّلت إلى أكاذيب،
ورجل الغش والخداع غلبني، وأنا مُكرهٌ على خدمته.
إن من لا يوقِّرني قد حطَّ من قَدْري أمامك يا إلهي،
وها أنت تغمُرني بالعذاب الدائم المتجدِّد.
أدخلُ إلى بيتي مُثْقلَ الروح،
وأسير في الشوارع مغمومَ الفؤاد.
مليكي، راعيَّ الصالح، انقلب ضدي ونظر إليَّ بعين العداوة،
أطلق ضدي قُوى الشر مع أني لست عدوًّا له.
لم أعُد أسمع كلمة صدقٍ من رفاقي،
وصَحْبي يواجهون صدقي بالأكاذيب،
ورجل الغش والخداع يحيك المؤامرات ضدِّي،
وأنت يا إلهي لا تردعه ولا تُحبط مسعاه.
أنا الحكيم، لماذا أُقرَن مع الأحداث الجهلة؟
وأنا المستبصر العارف، لماذا أُحسب بين الحمقى؟
الطعام متوفرٌ للجميع، ولكن طعامي هو الجوع،
وفي اليوم الذي قُسِّمت فيه الأرزاق، كان نصيبي العذاب.
يا إلهي إني أقف في حضرتك،
أريد أن أتحدَّث إليك وكلماتي كلها أنينٌ وآهات،
أريد أن أشكوَ لك حالي، وأتحسَّر على مرارة طريقي.
عسى أمِّي لا تكفُّ عن النواح أمامك،
عسى أختي لا تكفُّ عن شكوى خيبتي أمامك،
عسى زوجتي لا تكفُّ عن رثاء عذاباتي،
وليترنم المغنون بقدري البائس التعس.
يا إلهي إن ضوء النهار يغمر الأرض، ولكن نهاري أسود.
الدموع والنواح والكرب والغم تسكن فيَّ.
يغمرني العذاب وما من شيءٍ أفعله سوى البكاء.
عفريت القدر يُسدِّد قبضته إليَّ ويحرمني من نَفَسِ الحياة.
وعفريت المرض الخبيث يرتع في جسدي.
يا إلهي أنت أبي الذي أنجبني،
فإلى متى تتجاهلني تائهًا بلا هدايةٍ؟
لقد نطق حكماء الأيام الغابرة بالحق عندما قالوا:
لم يُولَد لامرأةٍ طفل بلا خطيئة،
ومنذ القدم لم يوجد على الأرض امرُؤٌ بلا ذنوب.
بعد مقطعٍ كثير التشوُّه والفجوات، نجد النص وقد انتقل إلى الحديث عن استجابة الإله لصلوات المُعذَّب الصالح:
ذلك الرجل، قد سمع إلهُه بكاءه ونحيبه،
واسترضت شكاوى ذلك الشاب ومناحاته قلب إلهه،
والكلمات الصافية والصادقة التي نطق بها قَبِلها منه،
سَرَّت فؤاده فكفَّ عنه يد الشر،
أَبْعَدَ عنه عفريت المرض الذي أحاط به ونشر جناحه عليه،
حوَّل عذابات الشاب إلى فرحٍ،
وأقام عليه أرواحًا طيبةً تحرسه وتحميه،
فراح الرجل على الدوام يُمجِّد إلهه.
(٣) أيوب البابلي
يُعالج نص أيوب البابلي فكرة المعذَّب الصابر بطريقةٍ مشابهةٍ، وهو معروفٌ بعنوان «لأمتدحنَّ إله الحكمة». ونظرًا لطول النص فسوف أقتطف منه أهم سطوره:
لأمتدحنَّ إله الحكمة، الرب المتفكِّر المتدبر.
مردوخ، إله الحكمة، المتفكِّر المتدبِّر.
الذي يمسك بالليل ويطلق النهار.
الذي يلفُّه الغضب مثل ريح العاصفة،
والذي يتسع صدره رحمةً، وقلبه مغفرةً.
لقد تخلَّى عنِّي إلهي واختفى
ولقد هجرتني إلهتي وابتعدت عنِّي،
وغادرني الروح الحارس الذي يُرافقني.
كرامتي أُهِينت، ونظراتي الرجولية وَهَنَتْ،
وعندما أهجع إلى النوم تُهاجمني الرُّؤى المفزعة.
الملك، شمس الناس وابن الآلهة
ساخطٌ عليَّ وقلبه لا يمكن تهدئته نحوي.
رأسي المرفوع الفخور طأطأ نحو الأرض،
وقلبي الجَسور قد أوهنه الخوف.
بعد أن كنت سيدًا مُحترمًا غدوتُ عبدًا ذليلًا،
وصرت بين صحبي الكُثُر هزءًا وسخريةً.
أصدقائي صاروا غرباء عنِّي،
وصحبي تحولوا إلى أشرار وشياطين،
وفي غضبهم أنكروني وتبرَّءوا مني.
لا أحد يقف في صفِّي ولا أحد يفهمني،
وممتلكاتي جرى توزيعها على الدَّهْماء والأغراب.
في النهار تُسْمَع آهاتي وفي الليل يُسْمَع نُواحي.
لقد صرت مثل من لم يقدم لإلهه قُربانًا،
وصرت مثل من لم يشكر آلهته عند كل طعامٍ،
مثل من لم يعرف الركوع ولم يعرف السجود قط،
ومثل من لم يعرف فمه الضراعة والصلاة،
ومثل من أكل طعامه ولم يذكر اسم إلهه.
مع أني كنت حريصًا على الصلاة في كل وقتٍ،
وكان يوم الصلاة عندي مسرةً للفؤاد.
ولكن ما يبدو للإنسان حسنًا قد يكون عند إلهه مرذولًا،
وهل يعرف أحدٌ مشيئة الآلهة في السماء؟
ها هي الأمراض المُوجعة تسكن جسدي،
والرياح الشريرة تهبُّ من الآفاق نحوي.
غلب الضعف جسدي وهاجمت الأوجاع مفاصلي،
اقترب منِّي الموت وبان على مُحَيَّاي،
وها جنازتي قد أُعِدَّت والقبر يُناديني،
وقبل أن تُفارقني الروح توقَّف البكاء عليَّ.
بعد أن يصل يأس الرجل ذروته، تأتيه بشائر الخلاص من خلال أحلامٍ يراها. ثم يتدخَّل الإله مردوخ ليُعيد إليه صحته وممتلكاته وكرامته:
لقد أبعد مردوخ الرياح الشريرة التي تهبُّ من الآفاق،
واجتثَّ جذور الوهن منِّي مثلما تُجْتَث الشجرة.
وها أنا ذا أسير في الطرقات حُرًّا من كل مرضٍ وألمٍ،
وكل من ارتكب خطأً في حقِّ مردوخ فليتعلَّم منِّي.
لقد أنهضني مردوخ وأخذ بيدي،
وضرب اليد التي كانت تُؤذيني.
فمَنْ غيرُ مردوخ يستطيع استعادة المحتضر إلى الحياة؟
فما دامت الأرض مبسوطةً والسماء مرتفعة،
وما دامت الأنهار تجري والرياح تهبُّ،
ليمتدحنَّ بنو الإنسان الإله مردوخ.
(٤) أيوب في التوراة
تعود قصة المُعذَّب الصابر إلى الظهور في كتاب التوراة، وذلك في سِفْرٍ خاصٍّ بها هو سِفْر أيوب. والقصة التوراتية تحتوي على عناصر القصة الرافدينية جميعها، ولكن بتوكيدٍ أكثر شدةً على دور الإله في بلايا ومصائب ذلك المعذَّب، واستخدامه الشيطان وسيلةً له.
فقد كان أيوب رجلًا حكيمًا ومستقيمًا يتَّقي الرب ويحيد عن الشر. وكانت مواشيه سبعة آلاف رأسٍ من الغنم، وثلاثة آلاف جملٍ، وخمسين فدان بقر، وخمسمائة أتان، وخدمه كثيرون جدًّا، فكان أعظم بني المشرق (١: ١–٣). وفي أحد الأيام جاء بنو الله (= الملائكة) ليمثلوا أمام الربِّ، وجاء الشيطان معهم، فسأل الرب الشيطان عمَّا إذا كان ينوي شرًّا لأيوب؛ لأنه ليس مثله رجلٌ صالحٌ وكامل. فأجابه الشيطان: «هل مجَّانًا يتقي أيوب الرب؟ أليس لأنك سيَّجْتَ حوله وباركتَ أعمال يديه فانتشرَتْ مواشيه في الأرض؟ ولكن ابسط يدك ومسَّ كل أملاكه بضرٍّ فإنه يجدِّف في وجهك.» هنا يُداخل الشك نفس الرب في أمر أيوب، ويرغب في معرفة خبيئة نفسه ودواعي صلاحه، فيطلق يد الشيطان في أيوب يفعل به ما يشاء شريطة أن يُبْقِيه على قيد الحياة، ليعرف هل سيكفر أيوب إذا زالت عنه النعمة أم لا (١: ٦–١٢).
وهكذا يُباشر الشيطان عمله. ففي يوم واحد سُرِقَت أبقاره وجماله، وقتل اللصوص عبيده جميعًا، وسقطت نار فأحرقت قطعان غنمه، ثم تهدَّم البيتُ على أولاده فماتوا جميعًا: «فقام أيوب وجزَّ شعر رأسه وخرَّ إلى الأرض وسجد وقال: عريانًا خرجت من بطن أمي وعُريانًا أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب أخذ. فليكن اسم الرب مباركًا إلى الأبد. وفي كل هذا لم يُخطئ أيوب ولم ينسب لله جهالةً» (١: ١٢–٢٢).
بعد ذلك يأتي الشيطان ويمثُل أمام الرب ثانية، فيعاتبه الرب على دسيسته؛ لأن أيوب لم يُخطئ ولم يُجدِّف على الرغم مما حلَّ به من مصائب. فيقترح الشيطان استمرار الاختبار، وأن يطال الأذى هذه المرَّة أيوب في جسده وصحته. فأطلق الرب يد الشيطان مرةً أخرى في أيوب. فخرج الشيطان وضرب أيوب بقروحٍ خبيثة انتشرت في كل جسده. فأخذ كسرةً فخار يحتك بها وهو قاعدٌ وسط رماد بيته المحترق، وقال لزوجته: «هل نقبل الخير من الله، والشر لا نقبل؟ وفي كل هذا لم يُخطئ أيوب بشفتيه» (٢: ٤–١٣).
وعندما اشتدت الأوجاع على أيوب، رفع صوته طالبًا الرحمة والعدل: «أبحرٌ أنا أم تنين، حتى جعلت عليَّ حارسًا؟ إن قلت: فراشي يعزِّيني، مضجعي ينزع كربتي، تريعني بالأحلام، وترهبني برؤًى، فاختارَت نفسي الخنق، الموت على عظامي هذه، قد ذبت. لا إلى الأبد أحيا. كفَّ عني لأن أيامي نفخة، ما هو الإنسان حتى تعتبره، وحتى تضع عليه قلبك، وتتعهَّده كل صباح، وكل لحظةٍ تمتحنه، حتى متى لا تلتفت عنِّي ولا تُرخيني ريثما أبلع ريقي، أأخطأت؟ ماذا أفعل لك يا رقيب الناس؟ لماذا جعلتني عاثورًا لنفسك حتى أكون على نفسي حملًا» (٧: ١٢–٢٠).
ولكن هذه الشكوى تذهب هباءً؛ لأن الخصم هنا هو نفسه الحكم: «ذاك الذي يسحقني بالعاصفة ويكثِّر جروحي بلا سببٍ. لا يدعني آخذ نَفَسي ولكن يشبعني مرائر. إن كان من جهة القوة يقول: ها أنا ذا، وإن كان من جهة القضاء يقول: من يُحاكمني؟ … أنا مُستَذْنَبٌ فلماذا أتعب عبثًا … ليس هو إنسانًا مثلي فأجاوبه فنأتي جميعًا إلى المحاكمة، ليس بيننا مُصالحٌ يضع يده على كلَينا» (٩: ٢٩–٣٣). «أَفهمني لماذا تُخاصمني؟ … يداك كوَّنتاني وصنعتاني كلي جميعًا، أفتبتلعني؟ … كُفَّ عنِّي قبل أن أذهب ولا أعود إلى أرض ظلمةٍ وظل موت» (١: ١–٢١).
ولكن إعلان البراءة من جانب أيوب وثباته على توكيد حقِّه لا يُجدي، وبدلًا من أن يجيبَ الرب أيوب عن تساؤلاته المشروعة، فإنه يعمد إلى تذكيره بقوته وجبروته: «مَنْ هذا الذي يظلم القضاء بكلام بلا معرفةٍ؟ اشدد حَقْوَيك الآن كرجل، فإني أسألك فتخبرني: أين كنتَ حين أسستُ الأرض؟ أخبِرْ إن كان عندك فَهْم، من وضع قياسها أو مدَّ عليها مطمارًا؟ على أي شيءٍ قرَّت قواعدها؟ أو مَن وضع حجر زاويتها عندما ترنَّمت كواكب الصبح معًا وهتف جميعُ بني الله؟» (٣٨: ١–٦).
عند ذلك يفهم أيوب أن ربَّه لا يحتاج إلى التذكير بقواعد العدالة كما يفهمها البشر، وإنما يطلب الخضوع والتسليم سواء أجاءت مشيئته بالخير أم بالشر؛ لذلك أجابه قائلًا: «قد علمت أنك تستطيع كل شيءٍ ولا يعسر عليك أمرٌ … قد نطقتُ بما لم أفهم، بعجائب فوقي لم أعرفها … بسمع الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني؛ لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد» (٢٤: ١–٥).
أمام هذا الخضوع المطلق والتسليم بقوة الرب وعظمته، يهدأ غضب الرب. وتنتهي القصة بأن يُعيد الرب إلى أيوب صحته ويعوِّض له كل ما فقد من ممتلكاته، ويعزِّيه عن بنيه الذين فقدهم بنسلٍ جديد: «وزاد الرب على كل ما كان لأيوب ضعفًا، فجاء إليه كل إخوته وكل معارفه، وأكلوا خبزًا في بيته ورَثَوْا له وعزَّوه عن الشر الذي جلبه الرب عليه. وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه، وكان له أربعة عشر ألفًا من الغنم، وستة آلاف من الإبل، وألف فدان من البقر، وألف أتان. وكان له سبعة بنين وثلاث بنات … وعاش أيوب بعد ذلك مائة وأربعين سنة» (٤٢: ١–١٧).
وعلى ما تفيدنا الرواية التوراتية فقد كان لأيوب قبل مصيبته سبعة بنين وثلاث بناتٍ (أيوب ١: ٢). وعندما كشف ربُّه عنه الضرَّ وهبه أيضًا سبعة بنين وثلاث بنات (أيوب ٤٢: ١٣).
(٥) أيوب في القرآن
يرد اسم أيوب في سورة الأنعام على أنه واحدٌ من أنبياء الله الصالحين: … وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٦ الأنعام: ٨٤).
أما قصة ابتلائه فترد في موضعَين فقط وباختصارٍ شديدٍ، وذلك في سورة الأنبياء وسورة ص:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (٢١ الأنبياء: ٨٣–٨٤).
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * … إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٨ ص: ٤١–٤٤).
فبلايا أيوب في القصة القرآنية تأتي من الشيطان، كما هو الحال في الرواية التوراتية، ولكن دون التعرُّض لدور الرب فيها. فقد أصابه الشيطان بنصبٍ، أي بتعبٍ ومرضٍ في جسده، وبعذابٍ في روحه. كما نفهم من السياق أنه أُصيب بموت أولاده أيضًا. وبعد زمنٍ من المعاناة يدلُّه ربه على نبع ماء ليغتسل به فيزول مرضه الجسدي، ثم يشرب منه فتزول عذاباته الروحية. وبعد ذلك أحيا الله أولاده الذين ماتوا، ووهبه مثلهم في العدد.
وتنتهي القصة القرآنية بالثناء على صبر أيوب وثقته بربه.