بعد أيام من إعلان قراره الصعب بالتخلى عن مساعيه لإعادة انتخابه، والانسحاب من سباق البيت الأبيض 2024، وجه الرئيس الأمريكى جو بايدن خطابا للأمريكيين بدا أشبه بالوداع، على حد وصف الصحف الأمريكية، حاول فيه توضيح أسباب قراره، لكن دون أن يتحدث عن المخاوف المتعلقة بعمره وقدرته على الحكم.
وفى الخطاب الذى ألقاه بايدن جالسا خلف المكتب البيضاوى، قال الرئيس الأمريكى إن الدفاع عن الديمقراطية أهم من أى لقب. لقد قررت أن أفضل طريقة للمضى قدما هى تمرير الشعلة إلى جيل جديد، هذه هي أفضل طريقة لتوحيد أمتنا". وأضاف قائلا: فى الأسابيع الأخيرة، اتضح لى أنه يتوجب على توحيد حزبى، مضيفا أن الوقت حان لكى تكون هناك أصوات جديدة، أصوات أشخاص أصغر سنا.
وقال بايدن: إن الرئيس الأمريكي على أن الولايات المتحدة أقوى من أي طاغية. وقال إن أمريكا فكرة، فكرة أقوى من أي جيش، أكبر من أي محيط، وأقوى من أي ديكتاتور أو طاغية. إنها أقوى فكرة في تاريخ العالم.
وأشاد بايدن بنائبته كامالا هاريس، التى من المتوقع أن تصبح المرشحة الديمقراطية فى السباق الرئاسى، ووصفها بأنها امرأة ذات خبرة وقوية.
وقال إن هاريس "تتمتع بالخبرة، إنها قوية، وتتمتع بالكفاءة، وكانت شريكة رائعة له، مضيفا أن الاختيار متروك للشعب الأمريكى.
وقال بايدن إنه ليس بطة عرجاء، وأكد سيواصل العمل على الاقتصاد وقضايا السياسة الخارجية الرئيسة لبقية فترة وجوده في منصبه. وقال "خلال الأشهر الستة المقبلة، سأركز على تأدية عملي بصفتي رئيسا".
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز على خطاب بايدن، وقالت إنه كان بداية لوداع طويل من قبل جو.
ففى هذا الخطاب، قال بايدن إن الوقت قد حان لنقل الشعلة إلى جيل جديد، ولم يذكر شئا عن سنه أو قدراته التى دفعت الكثير من الديمقراطيين إلى مطالبته بـ التنحى عن السباق الرئاسى.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن بايدن علم دائما أنه سيلقى خطابا مثل هذا، وأعتقد أو كان يأمل أن يكون بعد أكثر من أربع سنوات من الآن، لكن فى حين أن هذا الخطاب لم يكن خطاب وداع من الناحية النظرية، حيث لا يزال أمامه نحو 6 أشهر فى الحكم والمزيد من المهام الرئاسية، فإن كان بداية لوداع جو بايدن الطويل.
وتابعت الصحيفة قائلة إن الخطاب تضمن كل ما يتعلق بجو سواء كنت تحيه أو تكره، أناشيد الاستثنائية الأمريكية واستحضار الأسرة والتفاخر بسجله والعبارات النبيلة المفضلة مثل "نقطة تحول" وإنقاذ الديمقراطية، وأيضا صوت الرجل العجوز الذى لم يعد يسيطر على الغرفة مثلما كان من قبل.
وخلال خطابه، قال بايدن إن الوقت قد حان لتمرير الشعلة إلى جيل جديد، لكنه لم يذكر شيئا عن عمره أو صحته أو قدرته التى دفعت الكثير من الديمقراطيين إلى التخلى عنه بعد النظرة المأسوية فى يونيو الماضى، ولم يصف الرحلة من "الثقة الهائلة" بأنه وحده القادر على هزيمة ترامب إلى حقيقة أنه لا يستطيع ذلك. ولم يقدم أى تفاصيل حول الكيفية التى قرر بها التخلى عن الترشح لولاية ثانية، لكنه فى نفس الوقت كبح أى مرارة قد يشعر بها.
وبدلا من ذلك، كان الخطاب فرصة لإعادة الضبط ليروى قصته مرة أخرى بشروطه الخاصة، ويعيد صياغة السرد عندما يبدأ فى الخروج من المسرح. وفى أول تعليق عام موسع له منذ خروجه من السباق، حاول بايدن تذكير الناخبين الذين سئموا منه أو يشعرون بالقلق لماذا أحبه معظمهم فى المقام الأول، وربما فقط، ربما البدء فى تشكيل مكانه فى التاريخ.
من جانبها، وصفت صحيفة واشنطن بوست خطاب بايدن بالحزين والمعبر، مشيرة إلى أن الرئيس استخدم خطابه للدفاع عن سجله وتحديد إرثه السياسي ووصف رؤيته لبقية فترة ولايته، ودعا الأمريكيين مرارا إلى تحمل مسؤولية حماية مبادئ الأمة، مؤكدا أنه بينما يستعد للخروج من الحياة العامة فإنه يمرر العصا إلى الجمهور.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأنه مع تحول جزء كبير من تركيز البلاد إلى الصعود السريع لنائبة الرئيس كامالا هاريس باعتبارها المرشح الرئاسي المحتمل للديمقراطيين، قدم بايدن نفسه كجسر للجيل القادم من القيادة، وقال بايدن "هناك وقت ومكان للسنوات الطويلة من الخبرة في الحياة العامة، وهناك أيضا وقت ومكان للأصوات الجديدة الأصوات الأصغر سنا، وهذا الزمان والمكان هو الآن".
واعتبرت "واشنطن بوست" خطاب بايدن -الذي زاد قليلا عن 10 دقائق- أول فرصة له ليشرح بشكل كامل سبب قراره بالانسحاب من السباق الرئاسي، وهي الخطوة التي جعلته أول رئيس منذ عام 1968 يختار طوعا عدم الترشح لولاية أخرى.
وقال المؤرخ الرئاسي دوجلاس برينكلي قبل الخطاب "كان هناك شعور بأن جو بايدن قد اختفى من المشهد وأن الجميع يقومون بتأبينه، ومع ذلك فهو لا يزال رئيسنا حتى يناير المقبل، إنه يريد استخدام الخطاب التلفزيوني في وقت الذروة لتذكير الناس بأن بلادنا لا تزال في وضع جيد تحت قيادته".